اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٣ حزيران ٢٠٢٥
منذ قيامها لم تفهم (إسرائيل) من اللين أو النصح، بل فهمت من القوة فقط. إن المسؤولية الأولى لشعوب المنطقة وحكوماتها أن تعرف طبيعة (إسرائيل) هذه، وأن تضع استراتيجية على هذا الأساس.
ولا يجب أن ننسى أن المنظمة الإرهابية الصهيونية التي ترتكب الإبادة الجماعية في غزة اليوم لا تكترث لا بالقوانين الدولية ولا بالإدانات التي تصدر ليل نهار. في هذه الحالة، فإن العقل والمنطق يحتم علينا أن نترك جانباً 'الصراخ من أجل السلام' الذي ليس إلا إذلالاً صارخاً، وأن ننتج بجدية حلولاً عميقة الجذور.
السيف اللامع
لقد استخدم المسلمون القوة في العهود التي كانوا فيها أعزاء مكرمين في إحقاق الحق والعدل. أما ”القوة“ التي جرّت على الإنسانية الكوارث في أيدي الغربيين، فقد كانت مبضع الطبيب الذي يتدخل في الأمراض في أيدي المسلمين على مر التاريخ.
يُروى أن السلطان سليم الأول الملقب ب'يافوز' رحمه الله كان يلبس لباساً بسيطاً جداً. وقد قال لمن سألوه عن سبب ذلك: 'إن اللباس المزخرف ليس سوى عبء. لا أريد أن أتحمل هذا العبء عبثًا'.
كان اعتاد أن يرتدي ثوبًا حتى يبلى. وكان جميع موظفي الدولة ملزمين بالتصرف بنفس الطريقة. وذات مرة عندما جاء الخبر بقدوم سفير البندقية إلى حضرة السلطان، نقل الوزراء إليه عن طريق الوزير الأعظم بانزعاج أنهم يريدون تجديد الثياب القديمة جداً التي كانوا يرتدونها. فقال السلطان: ”لهم ذلك“. وفي يوم وصول السفير، وصل جميع الوزراء إلى السلطان بملابسهم الجديدة. لكنهم تعجّبوا لرؤية السلطان سليم جالسًا على عرشه بملابسه القديمة نفسها. وكان جالسًا بسيفه الحاد. وكان لمعان السيف الذي يتلألأ مع أشعة الشمس القادمة من النافذة يبهر العيون. وبعد أن انتهى الاجتماع، التفت ياوز سليم إلى هرسك زاده أحمد باشا وأمر: ”اذهب واسأل السفير، كيف وجدنا؟“. سأل أحمد باشا، بناءً على أمر السلطان، سفير البندقية 'كيف وجدتم سلطاننا؟ فأجاب السفير بالإجابة التالية ”لقد كنت منبهرًا بلمعان ذلك السيف لدرجة أنني لم أستطع حتى رؤية السلطان“. ولما نقل أحمد باشا هذا الكلام من السفير التفت السلطان سليم إلى موظفي الدولة الحاضرين هناك وقال 'ما دام نصل سيفنا يقطع، فإن عيون العدو لن تفارقه ولن ترانا. أما إذا لم يقطع لا قدر الله فإن العدو سيرانا وينظر إلينا بالتعالي'.
صعود الصهاينة
أسس الصهاينة، الذين حُكم عليهم بكل أنواع البؤس في المدن الأوروبية، دولتهم المزعومة باستخدام العديد من عناصر القوة. وفي سياق عناصر القوة هذه، يمكن ذكر الإعلام والمال وشبكات النفوذ. فقد تمكن الصهاينة الذين اخترقوا آليات صنع القرار في الأماكن التي كانوا يتواجدون فيها، من تأسيس التنظيم الإرهابي الذي أطلقوا عليه اسم 'دولة' باحتلال فلسطين بعد خمسين عاماً فقط من انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 باستخدام عناصر القوة المذكورة. إن الصهاينة الذين حولوا الذل والعار الذي لحق بهم في أوروبا إلى منصة قوة، خاصة بدعم من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، حققوا تقدماً في المجالات العسكرية والاستخباراتية والعلمية وتحولوا إلى هيكل آلة حرب كما نعيش اليوم ولم يتركوا السلام لشعوب المنطقة.
المسلمون يتسولون السلام من الغرب
وفي مواجهة هذه التطورات انشغل المسلمون بمؤتمرات السلام الفارغة بدلاً من توحيد قواهم وإحراز تقدم في المجالات الاقتصادية والعسكرية والعلمية. وظن بعض الأنظمة أن توقيع (معاهدات السلام) مع (إسرائيل) سيجلب التنمية والسلام لبلدانهم. ومن ناحية أخرى، تمادت (إسرائيل) في لصوصيتها إلى أبعد من ذلك. وبالفعل، قال مصاص الدماء نتينياهو: '' لقد قلت أنا وترامب أن السلام يأتي مع القوة، القوة أولاً، ثم السلام!'. بهذه الكلمات ظهرت حقيقة الأمر لدول المنطقة وشعوبها. في الواقع، يقولون إن مصيبة واحدة خير من ألف نصيحة. وعلى المسلمين أن يدركوا هذا الوضع.
يجب أن يكون المسلمون أقوياء
كما ذكرنا، فإن القوة في الإسلام ليست سبباً للعدوان. بل على العكس، إنها درع ضد العدوان. وعندما نقول القوة هنا، فإننا لا نعني القوة العسكرية فقط. بل يدخل في ذلك كل أنواع القوة الاقتصادية والعلمية والتقنية والإعلامية والسياسية. دعونا لا ننسى أنه لا يمكن إحلال السلام دون امتلاك القوة الرادعة. إن دعوة الضعفاء إلى السلام هي دعوة ذليلة. والمهارة هي أن نقيم السلام ونحن أقوياء، وهذا لا يمكن أن يقوم به إلا المسلمون الواعون المستندون إلى الحضارة الإسلامية. لقد حان وقت التعافي الذي طال انتظاره.