اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
يكتنف الغموض ما تسمى 'مؤسسة غزة' التي أنشأتها (إسرائيل) بدعم أمريكي، للسيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية المقدمة دوليا لأهالي القطاع مع استمرار حرب إبادة جماعية منذ 19 شهرًا، وصولًا لاستقالة المدير التنفيذي جيك وود، وتأخر عملها حتى اللحظة لأسباب متضاربة.
ودفع ذلك الغموض السلطات السويسرية إلى البحث قانونيًا في أنشطة المؤسسة التي يقع مقرها في جنيف، وذلك بعدما قدمت منظمة 'ترايال إنترناشونال' السويسرية (غير حكومية) طلبًا للتحقيق في خطتها لتوزيع المساعدات التي عارضتها الأمم المتحدة.
ولا يعرف الكثير عن المؤسسة الأمريكية سوى أنها أُسست في فبراير/شباط 2025، بعد مشاورات بين ضباط إسرائيليين ورجال أعمال أمريكيين، وبدأت تنشط أواخر مايو/أيار من العام نفسه، وذلك بعد حصار إسرائيلي مطبق على جميع معابر ومنافذ غزة لنحو ثلاثة أشهر.
وتقول صحيفة 'نيويورك تايمز' الأمريكية إن أول من طرح فكرة تولي شركات مدنية مسؤولية توزيع المساعدات في غزة هو جهات إسرائيلية، بهدف تجاوز الأمم المتحدة والاعتماد على مؤسسات تفتقر للشفافية المالية.
ولأجل توزيع المساعدات الإنسانية على الغزيين الذين يتضورون جوعا من حرب الإبادة والحصار المشدد، تتخذ المؤسسة موقعا قرب جيش الاحتلال وتستخدم مركبات مصفحة وشبكات لوجستية وتطلب من النازحين الوصول إليها عبر إجراءات أمنية والتحقق من 'الهوية البيومترية'.
وحصلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية على وثيقة، ركزت على الجوانب الأمنية واللوجستية للمشروع، مثل عدد عناصر الحماية المطلوبين، ونوعية الأسلحة والمركبات المدرعة وهياكل الاتصالات إلى جانب التصاميم الأساسية لنقاط التوزيع بالإضافة إلى مركز عمليات خارجي يعمل بلا توقف، معتمدا على كاميرات المراقبة والطائرات المسيّرة لمراقبة الأوضاع داخل غزة.
وفي مراحل لاحقة، تقترح الخطة إنشاء مناطق سكنية يزعم الاحتلال أنها محمية تحت اسم 'مناطق الانتقال الإنساني' تكون مخصصة لإيواء النازحين دون عودتهم لمناطقهم السكنية، كمحطة نحو تهجيرهم قسرا.
وردا على ذلك، قالت الأمم المتحدة إن خطة التوزيع المدعومة من الإدارة الأمريكية لا تفي بمبادئ المنظمة الراسخة المتمثلة في النزاهة والحياد والاستقلالية.
وأكدت الأمم المتحدة أن الخطة التي طرحتها (إسرائيل) لتوزيع المساعدات 'تفرض مزيدا من النزوح، وتعرض آلاف الأشخاص للأذى، وتقصر المساعدات على جزء واحد فقط من غزة ولا تلبي الاحتياجات الماسة الأخرى، وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية، كما تجعل التجويع ورقة مساومة'.
وقاطعت جمعية رجال الأعال الفلسطينيين أيضا المشاركة أو العمل في أي مشاريع تقودها الشركة الأمريكية المقترحة لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة. مشيرة إلى أن هذا الرفض يعكس موقفًا موحدًا من القطاع الخاص الفلسطيني ضد أي خطة تتعارض مع المبادئ الوطنية أو تحمل مخاطر سياسية وأمنية.
استقالة وفشل
وفي تطور لافت، قدم المدير التنفيذي للمنظمة جيك وود، ومسؤول آخر استقالتهما، بشكل مفاجئ، بعدما تيقن أن المنظمة لا تستطيع إنجاز مهمتها مع التزامها 'بالمبادئ الإنسانية'.
وقال وود، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأميركية: 'استقلت لأن المنظمة لم تستطع الالتزام بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية'.
ورغم الإعلانات الإسرائيلية المتكررة عن افتتاح مركز توزيع المساعدات للمؤسسة في حي السلطان غرب مدينة رفح، لم تعمل المؤسسة التي تتيح لجيش الاحتلال السيطرة الكاملة على العملية الإنسانية في غزة حتى اللحظة.
وفي محاولة لإسكات المجتمع الدولي، سمحت سلطات الاحتلال بدخول حوالي 90 شاحنة مساعدات تحمل طحينًا وأغذية للأطفال ومعدات طبية، قبل أيام، لكن مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أمجد الشوا وصف ذلك بأنه 'قطرة في محيط الاحتياجات'.
ودعا الشوا في تصريح لصحيفة 'فلسطين' إلى فتح المعابر المؤدية إلى غزة وإدخال المساعدات والإمدادات الغذائية والإنسانية لمؤسسات الأمم المتحدة والدولية لضمان وصولها للمدنيين بشكل عادل ومستدام.
وأكد أنه لا بديل عن المؤسسات الدولية والأممية التي تمتلك قاعدة البيانات والإمدادات واللوجستيات لضمان وصول هذه المساعدات للمستفيدين في جميع محافظات القطاع.
وشدد الشوا على ضرورة إنقاذ جميع القطاعات المختلفة في غزة التي تتعرض لحرب إبادة جماعية في العصر الحديث.
وتأتي هذه التطورات وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة في غزة، ووفقًا لتقييم الأمم المتحدة، يواجه نصف مليون شخص أي واحد من كل خمسة في غزة، خطر التجويع، بينما يعاني 930,000 طفل من مخاطر المجاعة.
ومن وجهة نظر، الباحث والناشط في العمل الإنساني عثمان الصمادي، فإن خطة المؤسسة الإسرائيلية – الأمريكية، أمنية وليست إنسانية؛ بهدف تهجير الغزيين إلى أرض أخرى.
واستدل خلال تصريحا بتصريحات وزراء ومسؤولين إسرائيليين حول هدف الخطة المذكورة التي تسعى لتهجير الغزيين قسرا، مشيرا إلى أن هناك اعتراضات قانونية وأممية على عمل المؤسسة بالإضافة إلى استقالة مديرها التنفيذي الذي كشف عن أهدافها غير الإنسانية.
وقال إنه: لا يمكن لأي منظمة أممية أو دولية أن تنخرط في مثل هذه الخطة التي لا تتوافق مع القوانين الإنسانية، مشيدا في الوقت ذاته، بالمواقف الأوروبية الرافضة لانتشار المجاعة في غزة.
ودعا الصمادي إلى خطوات أوروبية وعربية عملية لإنقاذ المحاصرين في غزة، وفرض عقوبات اقتصادية ضد (إسرائيل)؛ لاتخاذ إجراءات عملية تحول دون انتشار المجاعة بين الغزيين.
وتقول فصائل فلسطينية إن الخطة الإسرائيلية ترمي إلى 'استبدال النظام بالفوضى، واعتماد سياسة هندسة تجويع المدنيين الفلسطينيين، واستخدام الغذاء كسلاح في وقت الحرب'.
وترتكب (إسرائيل) بدعم أميركي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 176 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.