اخبار فلسطين
موقع كل يوم -راديو بيت لحم ٢٠٠٠
نشر بتاريخ: ١٨ تموز ٢٠٢٥
بيت لحم 2000 - تتعرض مصر لضغوط متزايدة لدفعها نحو دور أكثر انخراطًا ضمن ما يُعرف بـ'التحالف الإقليمي الإبراهيمي'، في إطار توجه أميركي أوسع يسعى لتأسيس منظومة أمنية واقتصادية موحدة في الشرق الأوسط، تكون إسرائيل جزءًا محوريًا منها، تحت شعار مواجهة التحديات الإقليمية وعلى رأسها إيران، بحسب ما أفادت صحيفة 'العربي الجديد'.
ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية أن القاهرة تلقت رسائل مباشرة من الإدارة الأميركية، ربطت بشكل غير معلن بين استمرار المساعدات الاقتصادية والدعم الدولي المؤسسي، وبين مستوى التزام مصر بالتحالفات الإقليمية الجديدة، بما يشمل تحسين العلاقات العلنية مع إسرائيل.
وأشارت المصادر إلى أن الوضع الاقتصادي في مصر يمر بحالة هشة، في ظل تصاعد معدلات التضخم، وشح العملة الأجنبية، وتراجع الاستثمارات الخليجية التي شكلت رافعة مالية رئيسية في السنوات الأخيرة.
وبينما تراهن الحكومة على اتفاقيات تمويل جديدة مع صندوق النقد الدولي، فإن الشروط لم تعد مالية وتقنية فقط، بل باتت تشمل ما تصفه واشنطن بـ'تحسين بيئة الأعمال' و'ضمان الاستقرار الإقليمي'، وهو توصيف يُقرأ دبلوماسيًا باعتباره إشارة إلى دمج إسرائيل كشريك طبيعي في المعادلات الإقليمية.
مشاركة حذرة وسياسة توازن
ورغم أن مصر لم تُعلن انضمامها رسميًا إلى 'التحالف الإبراهيمي'، إلا أنها لم تعارضه علنًا أيضًا. فقد شاركت في فعاليات أمنية واقتصادية جمعتها بإسرائيل، مثل 'منتدى النقب' و'قمة شرم الشيخ الأمنية'، لكنها عبّرت بوضوح عن رفضها لأي تعاون عسكري موجه ضد أطراف إقليمية، وهو ما ظهر في امتناعها عن المشاركة في أي عمليات ضد الحوثيين أو ضد إيران.
ويرى مراقبون أن هذه السياسة الرمادية تمنح القاهرة هامش مناورة دبلوماسيًا، لكنها تحمل في طيّاتها مخاوف من أن تتحوّل المشاركة الصامتة إلى التزام معلن، في حال اقترن ذلك بمقابل اقتصادي كبير.
انتقادات لتحالف يُمكّن إسرائيل
وفي هذا السياق، قال السفير المصري السابق معصوم مرزوق، في تصريح لصحيفة 'العربي الجديد'، إن مصر ليست جزءًا من 'التحالف الإبراهيمي'، مشيرًا إلى أن لديها اتفاق سلام مع إسرائيل منذ عقود، وبالتالي لا ضرورة لانخراطها في تحالف جديد من هذا النوع.
واعتبر مرزوق أن الاندفاع الخليجي نحو هذا التحالف لا يخدم السلام أو الأمن الإقليمي، بل يمنح 'الكيان الصهيوني' ما وصفه بـ'هدايا سياسية مجانية' تعزز من سلوكه التوسعي والعدواني، ما يُشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي، بما في ذلك مصر.
وفي كلمة له بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لأحداث 30 يونيو/ حزيران، قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إن 'مصر الداعمة دائمًا للسلام، تؤمن بأن السلام لا يُولد بالقصف، ولا يُفرض بالقوة، ولا يتحقق بتطبيع ترفضه الشعوب'.
وأضاف أن 'السلام الحقيقي لا يقوم إلا على العدل والإنصاف والتفاهم'، محذّرًا من أن استمرار الاحتلال والحروب لا يؤدي سوى إلى 'دوامة من الكراهية والعنف'، ويفتح المجال أمام 'الانتقام والمقاومة التي لن تُغلق'.
'تحالفات بلا سيادة'
من جانبه، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق محمد حجازي، لصحيفة 'العربي الجديد'، إن واشنطن تسعى إلى تمكين إسرائيل إقليميًا من خلال توسيع 'الاتفاقيات الإبراهيمية'، وربطها بترتيبات أمنية واقتصادية أوسع نطاقًا. لكنه حذر من أن هذه المقاربة لا تقدم حلولًا حقيقية، كونها تتجاهل جوهر الصراع والمتمثل في غياب تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.
في الاتجاه ذاته، يرى الخبير في الشؤون الأميركية والشرق أوسطية، توفيق طعمة، أن الولايات المتحدة تستخدم أدوات متعدّدة لتحقيق أهدافها، من بينها بناء تحالفات عسكرية شبيهة بـ'ناتو عربي'، وتعتبر القاهرة لاعبًا لا يمكن تجاهله.
لكنه أشار في حديثه لـ'العربي الجديد' إلى أن واشنطن لا تمنح مصر دورًا فعليًا في صياغة الترتيبات الإقليمية، بل تسعى إلى إبقائها حاضرة في المشهد من دون تمكين حقيقي، قائلاً إن 'الولايات المتحدة تريد مصر كبيرة بالحجم، محدودة بالدور'.
ويعتقد طعمة أن كسر هذا القيد لا يمكن أن يتحقق إلا عبر قرار سياسي واضح بإعادة تعريف الدور المصري على أسس سيادية وطنية، ما يتطلب، برأيه، إرادة مستقلة وجرأة سياسية تتجاوز منطق التبعية للمحاور الخارجية.