اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٨ تموز ٢٠٢٥
مع تزايد الإقبال على مواقع التواصل الاجتماعي، تشهد قضايا الابتزاز الرقمي تزايدا كبيرا على الصعيد العالمي والوطني من طرف مختلف الفئات العمرية، باعتباره نوعا من الجرائم الإلكترونية سواء كان ابتزازا ماديا أو جنسيا أو نفسيا أو غيره.
وأخذ الابتزاز الرقمي شكلا أكثر احترافية من خلال شركات وهمية أو شبكات إجرامية يذهب ضحيتها شباب ونساء محاصرين بين مطرقة الفضيحة وسندان الخسارة المالية من خلال عملية التهديد والترهيب، الأمر الذي دفع المديرية العامة للأمن الوطني تطلق المنصة الرقمية 'إبلاغ' للتبليغ عن المحتويات غير المشروعة على مواقع التواصل الاجتماعي سواء داخل المغرب أو خارجه.
وتنتهك هذه الظاهرة الخطيرة خصوصية الأفراد وتخرق حقوقهم في الحفاظ على سرية معلوماتهم الشخصية، إضافة إلى تسببها في أضرار نفسية للأشخاص المستهدفين لتشجع بذلك على حالات الاكتئاب والانتحار، ما يؤكد ضرورة عدم الكشف عن المعلومات الشخصية الحساسة وتجنب تبادلها مع الغرباء.
ظاهرة في تزايد مستمر رغم التشريع القانوني
وفي هذا السياق، أكد الخبير المعلوماتي المتخصص في الشؤون الرقمية، حسن خرجوج، أن 'ظاهرة الابتزاز الرقمي ستظل قائمة ومتواجدة رغم تشريع القوانين، نظرا لأن القانون يأتي، وفق تعبيره، في مرحلة أخيرة بعد اعتقال المبتز، فالجزر، بالنسبة لخرجوج، لا يعتبر وسيلة فعالة لتوقيف هذه الظاهرة أو الحد منها'.
وأضاف خرجوج، في تصريحه لجريدة 'العمق المغربي'، أن 'التطور اليومي والذكاء الاصطناعي من الأسباب التي تجعل المبتز يطور من مهاراته بطرق ذكية ومبتكرة للإحتيال والنصب على عامة المواطنين'، مؤكدا ضرورة 'إيجاد طرق تقنية بدلا من الطرق القانونية لوضع حد لهذه الظاهرة، فمعظم الدول المتقدمة تبحث عن حلول ناجعة للتقنين من الابتزاز في الوقت الذي أصبحت فيه مواقع التواصل الاجتماعي جزءا لا يتجزأ من حياة الكثيرين'.
من جهته، أكد أنس أبو الكلام الخبير في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، أن سهولة الوصول إلى الضحايا عبر منصات التواصل الاجتماعي زاد من تعقيد جرائم الابتزاز الالكتروني خاصة لدى فئة الشباب، رغم أن المغرب كان من الدول السباقة لسن قوانين واضحة في تجريم هذه الظاهرة.
وفي ظل ارتفاع الشكايات المرتبطة بالظاهرة، لفت أبو الكلام أن الإطار القانوني بالمغرب تبنى قانون 07.03 سنة 2003 المتعلق بالجرائم المعلوماتية، والذي تم تعديله من خلال القانون 13.103 المتعلق بالعنف ضد النساء، إذ تم تشديد العقوبات لتصل إلى السجن النافذ وغرامات مالية.
نجاعة قانونية ضعيفة
بالرغم من الإطار القانوني، يضيف أبو الكلام، إلا أن هناك تساؤلات تطرح حول مدى نجاعة هذه النصوص في مواجهة تعقيدات الواقع الرقمي، وذلك بفضل التقنيات المتطورة التي يستعملها المبتزين، فبحسب المتحدث ذاته، فاختيار الصمت والخوف من الفضيحة، فضلا عن عدم الثقة في المنظومة القضائية في بعض الأحيان، وكذا صعوبة المساطير القانونية، هي عوامل تساهم في زيادة انتشار الابتزاز الالكتروني.
وأضاف الخبير أن 'القانون وحده لا يكفي في مثل هذه الحالات، إذ أن التحدي الأكبر بالنسبة للمجتمع هو التوعية وتعزيز الثقافة الرقمية لدى مختلف الشرائح الإجتماعية في المدارس والجامعات والفضاءات العمومية، وكذا الجمع بين التطبيق الصارم للقانون مع تيسير المساطر القانونية أمام الدرك الملكي والقضاء لحفظ كرامة الضحايا، إضافة إلى تشجيع التبليغ عبر المنصات التي وفرها المغرب وعدم الرضوخ للمبتزين، فضعف الثقافة الرقمية إلى جانب غياب منظومة متكاملة للإستجابة السريعة يجعل الضحايا عرضة للاستغلال.
وشدد أبو الكلام على أن المعركة الحقيقية هي بناء وعي رقمي ومواطن مسؤول قادر على الانتصار على من يحاولون استغلال الثغرات، فالابتزاز الالكتروني، على حد قوله، ليس مجرد ظاهرة طارئة بل أصبح آفة اجتماعية تهدد الأسر والأفراد.