اخبار لبنان
موقع كل يوم -إذاعة النور
نشر بتاريخ: ١٨ تموز ٢٠٢٥
ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، أشار فيها أن 'العامل الأبرز في قضايا الوحدة الإسلامية وحفظها هو السلطة السياسية،
وعلى أي ثقافة تعتمد السلطات السياسية تأتي النتائج في كل بلاد الإسلام، وللأسف إن التجربة المريرة تؤكد أن الخصومة والتباعد والقطيعة السياسية بين أهل الإسلام وضعت الجميع في وجه الجميع،
وفتحت الباب للعبة الغرب و'إسرائيل' في بلاد العرب والمسلمين بشكل كارثي، والتاريخ بحقباته المختلفة ومنه عصرنا الحاضر يكشف لنا حقيقة مفادها: أنه لا رابح في لعبة التمزيق، والكل خاسر، فقط الرابح إسرائيل وأميركا وأوروبا وكل عدو لهذه الأمة على طول حقبات التاريخ، ومتى وقع الانقسام وقع الانهزام'.
أضاف :'وهنا تكمن أهمية العامل السياسي بالوحدة أو بالتمزيق، لأن القضية تتعلق بالمجهود الوطني والدعاية السياسية والدينية والإعلام الذي يعمل في فلك السلطة فضلا عن الأجهزة المختلفة، والسلطة في هذا المجال تملك أخطر الإمكانات وأوسعها وأشدها تأثيرا على العقول وميولها. وصدق من قال: 'الناس على دين ملوكها'، لدرجة أن الخصومة السياسية بين نفس المذهب تحولت إلى كارثة دموية بسبب الدعاية السياسية ولأسباب أتفه من التفاهة، وسابقا كان يقال: متى استقامت بكم أئمتكم استقمتم، واليوم يقال: الناس على دين سلطاتها، وأينما دارت تدور'.
ورأى المفتي قبلان 'ان الحل بوحدة نوعية بخلفية ثقافة توحيدية متماسكة، ودون ذلك الدول الإسلامية والعربية من تمزيق إلى تمزيق، ومن إبادة نوعية الى إبادة وجودية، ومثال السودان وليبيا وغيرهما ماثل للعيان، ببعد النظر عن أشكال الدول التي باتت مجرد كيان مهترئ قابل للسقوط في أي لحظة'.
وأضاف: 'تحت هذا العنوان'، أقول: سوريا دولة ضاربة في التاريخ، ووحدة سوريا واستقرارها وتنوعها وتعددها وحماية هويتها ومنع خلافاتها ضرورة للعرب والمسلمين، والخلافات البينية عامل خطير، وسبب هائل لتسلل الإسرائيلي والأميركي الذي يريد الفتك بآخر كيان إسلامي في هذا العالم، وسوريا وتركيا والسعودية ومصر وإيران وباكستان والعراق وباقي المكونات المؤثرة مدعوة للعمل من أجل تكوين ثقافة وحدة وتعاون وأمن، وأمان وسوق اقتصادية وشراكة مدنية للنهوض بباقي الكيانات الإسلامية والعربية'.
وأشار المفتي قبلان الى'أن المنطقة غارقة بدوامة جذرية ومخاطرها كارثية ولغة الخراب تشكل أولوية اللحظة التاريخية الجديدة، وواشنطن و'تل أبيب' تملكان برامج تقسيم وفظاعات وخراب، وتمارس هذا الدور بشكل دقيق ودون ملل، وطبيعة الولاءات في المنطقة تزيد من نيران البركان الإقليمي الجديد، وواشنطن تعتقد أن باب الفرص في الشرق الأوسط يغلق بسرعة، وهي تريد استغلال كل لحظة حتى لو أحرقت الشرق الأوسط كله إلا 'إسرائيل'، ولبنان في قلب هذه الأزمة، ولا بديل عن لبنان، كما لا بديل عن العائلة الوطنية ومصالحها التاريخية، وتجارب لبنان الطويلة تؤكد أن اللعب لصالح الخارج يحرق البلد، لكنه لا ينهيه، إلا أنه يضعنا بنار العداوة الطائفية، وهذا أمر حرام ومصير تدميري'.
أضاف :الحل أن نكرس المصالح المشتركة، وأن نمنع اللوائح الدولية من سياسات البلد، والحكومة معنية بحماية لبنان من لعبة التفريق والخصومة والحرائق والتلزيمات الدولية والإقليمية... ولأننا في لحظة حساسة للغاية، الشراكة الوطنية ضرورة، والتعاون الكامل بين السلطات الثلاث أكثر من ضرورة وطنية، وتأمين جسم الدولة ضرورة وظيفية لا بديل عنها أبدا'.
واعتبر المفتي قبلان أن 'التشكيلات القضائية والأمنية والإدارية والدبلوماسية وغيرها ضرورة قصوى بسعة ما تحتاجه المصلحة اللبنانية الميثاقية، فلا تخطئوا لأن البلد لا يتحمل. وهنا أحب أن ألفت الحكومة اللبنانية إلى أن الانتقام السياسي والقضائي والتنموي والأمني هو أمر يهدد مصالح البلد السياسية والسيادية؛ والحكومة بموقعها الدستوري هي بمثابة أب وطني لكل لبنان، بل أي خطأ في هذا المجال يحيل الحكومة إلى ميلشيا بدلا من كونها سلطة وطنية، ولذلك المطلوب الكف والتوقف عن سياسة تهميش الموظفين والتضييق عليهم وقمعهم، سيما موظفي الفئة الأولى والقضاة والضباط بمختلف أسلاكهم، وواقع البلد والقانون يفترض دعمهم المجرد وتأمين الموارد والأدوات والصلاحيات التي تساعدهم على حماية المصالح الوطنية، والشكوى في هذا المجال كبيرة'.
وتابع :' والواقع لا يمكن السكوت عنه، وما يجري يشبه القمع والترهيب ويحد من الدور الوظيفي للمرفق الخدمي والقضاة وضباط الأمن بمختلف عناوينهم. والكيل بمكيالين لا يبني وطنا، والخضوع للخارج لا يبني بلدا بل يضيع البلد، وقيمة لبنان من قيمة مرافقه المختلفة، ولا قيام للدولة بلا فعالية وطنية وأمنية وقضائية ورقابية وإنمائية مجردة، والميثاقية الوطنية ميثاقية بكل شيء، ورمي المسؤولية على واشنطن أو الخارج مصيبة وطنية وتخل صريح عن الواجبات الدستورية، بل الحكومة معنية بوطنيتها، وخبز الخارج مهما كان نوعه مسموم، والطائفة الشيعية مظلومة رغم تضحياتها الوطنية التي لا تقاس بشيء، وهناك من ينكل فيها ويطوقها ويعاقبها ويخنقها ويتعامل معها على طريقة اللوائح الصادرة من وراء البحار، وهذا الوضع يجب أن ينتهي ولا يمكن السكوت عنه ونحن لسنا ضعافا ولسنا جبناء'.
وختم المفتي قبلان:'شكرا للحكومة اللبنانية مجددا التي لم ترفع حجرا من أنقاض جبهة الجنوب والبقاع والضاحية بحجج واهية وغير مقبولة، والحل بالإنصاف الوطني والأخلاقي والميثاقي فقط'.