اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٣ أب ٢٠٢٥
على الرغم من كل محاولات التضليل التي سعى الاحتلال من خلالها إلى رسم صورة مغايرة للواقع الإنساني في قطاع غزة، عبر إيهام المجتمع الدولي بانتهاء التجويع من خلال إدخال محدود لعشرات الشاحنات التجارية والإغاثية اليومية، وإسقاط مساعدات جوية بشكل متقطع لتبييض صورته، فشل الاحتلال في خداع العالم بعد إعلان الأمم المتحدة، أمس الجمعة، المجاعة رسميًا في غزة، وهو أول إعلان من نوعه في الشرق الأوسط.
وبالتزامن مع الإعلان، توفيت الرضيعة غدير بريكة (5 أشهر) من خان يونس جراء سوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي لشهداء المجاعة وسوء التغذية إلى 266 شهيدًا، بينهم 112 طفلاً.
وذكر تقرير الأمم المتحدة أن 'نحو 500 ألف شخص يواجهون جوعًا كارثيًا'، مؤكّدًا أن محافظة غزة (التي تمثل 20% من مساحة القطاع) تعيش بالفعل حالة مجاعة. وأوضح 'التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي'، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع، أن 514 ألف شخص تقريبًا – أي ربع سكان القطاع – يعانون المجاعة، متوقعًا أن يرتفع العدد إلى 641 ألفًا بحلول نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي. وبيّن التقرير أن معظم المتضررين يتركزون شمالي القطاع ومدينة غزة، بينما يعيش الباقون في دير البلح وسط القطاع وخان يونس جنوبًا، مرجحًا أن تضرب المجاعة هذه المناطق نهاية الشهر المقبل.
وعقّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قائلاً: 'لا يمكننا السماح باستمرار هذا الوضع من دون عقاب'، مضيفًا: 'نحتاج إلى وقف فوري لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن فورًا، وضمان وصول المساعدات الإنسانية كليًا ودون عوائق'.
ورغم دخول بعض الشاحنات، لم يتغير المشهد الإنساني الكارثي، إذ لا تزال آلاف العائلات عاجزة عن توفير لقمة طعام، بينما يحصل كثيرون بالكاد على وجبة غير مشبعة من إحدى التكيات الخيرية، في ظل مشاهد تدافع المواطنين ونفاد الطعام خلال وقت قصير.
الطفلة جنى (13 عامًا)، التي كانت تقف منذ الصباح أمام إحدى التكيات، قالت لـ 'فلسطين أون لاين': 'جئت لإحضار طعام لإخوتي، لدي شقيق مقعد في العشرين من عمره، ونحن نعيش في خيمة ولا نجد ما نأكله'.
أما أم وليد النبيه، التي تمكنت من الحصول على وجبة بسبب حضورها المبكر، فقالت: 'زوجي وابني استشهدا، ولدي ابنتان من ذوي الإعاقة، ولا يوجد معيل لنا. أذهب بنفسي للبحث عن الطعام، ونعتمد على التكيات التي تغلق أبوابها كثيرًا بسبب شدة التجويع'.
في المقابل، لم يتمكن عبد الفتاح من الحصول على نصيبه، مؤكّدًا أن المساعدات لا تصل لمستحقيها بسبب الفوضى التي يشجعها الاحتلال، في محاولة لتعميق المجاعة.
وضع كارثي
الكاتب والمحلل السياسي في بريطانيا د. كامل حواش اعتبر أن الإعلان الأممي مهم للغاية، ويكشف أن الوضع في غزة كارثي، وأن المجاعة حقيقية رغم إنكار الاحتلال. وقال: 'لهذا الإعلان أثر دولي كبير، وسيشكّل ضغطًا شعبيًا على الحكومات'، مشيرًا إلى أن بعض الدول الأوروبية مثل بريطانيا استدعت سفيرة (إسرائيل) في لندن، فيما بدأت ألمانيا تقييد تصدير بعض الأسلحة.
وأضاف أن الشعوب الأوروبية تضغط على ممثليها داخل الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على الاحتلال، بينما ما زالت الإدارة الأمريكية تتبنى ادعاءات (إسرائيل) بشأن انتهاء التجويع، في وقت تجاهل فيه مبعوثها ويتكوف الإقرار بوجود مجاعة رغم زيارته لما يُعرف بمراكز المساعدات 'مصائد الموت'.
إقرار دولي
من جانبه، أوضح المختص في الشأن الإسرائيلي أمين الحاج أن الاحتلال مارس ضغوطًا كبيرة على المؤسسات الدولية كي لا تعلن حالة المجاعة، لما لذلك من تبعات قانونية وإنسانية خطيرة. وقال: 'الإعلان الأممي يمثل إقرارًا بأن (إسرائيل) تمارس سياسة التجويع وتمنع وصول المساعدات'.
وأشار إلى أن الإعلان في هذا التوقيت يحمل دلالات مهمة، خصوصًا مع تحضير جيش الاحتلال لشن هجوم على مدينة غزة، التي يتركز فيها خطر المجاعة وفق التقرير، ما يشكل إدانة مزدوجة للتجويع والعمليات العسكرية.
وأضاف الحاج: 'التجويع جريمة حرب لا يمكن الاختلاف عليها، ومع هذا الإعلان أصبح ثبوته واضحًا، ما يفتح الباب أمام ملاحقة قادة الاحتلال سياسيًا وعسكريًا على المستوى الدولي'.
وأكد أن الإعلان سيضاعف الضغط الشعبي العالمي على الحكومات المؤيدة للاحتلال، ما سيدفعها لاتخاذ مواقف أكثر تشددًا استجابةً لمطالب شعوبها.