اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
أثارت حادثة فقدان صندوق أمانات في أحد المصارف المحلية بقطاع غزة موجة من القلق، بعد أن أكدت إدارة البنك في البداية أن الصندوق “في أمان”، قبل أن يتبيّن لاحقًا أنه مفقود.
ويأتي ذلك في حالة الاضطراب التي خلّفتها الحرب على غزة، التي طالت البنية التحتية والخدمات الأساسية، بما في ذلك المؤسسات المالية، ما زاد من مخاوف المواطنين بشأن سلامة ممتلكاتهم المودعة في البنوك.
تُعد صناديق الأمانات خدمة مصرفية تتيح للعملاء تخزين ممتلكاتهم الثمينة، مثل الذهب والمجوهرات والمستندات القانونية، في أماكن آمنة داخل البنوك، وتخضع لإجراءات حماية صارمة. غير أن ظروف الحرب التي شهدها القطاع، وما رافقها من تدمير وإغلاق وصعوبات في الوصول إلى الفروع، خلقت تحديات جديدة تتعلق بالأمان والمتابعة المباشرة من قِبل أصحاب الصناديق.
وأكدت المتضررة (ز. ع) أنها شعرت بصدمة وذهول شديدين عند علمها بفقدان الصندوق، مشيرة إلى أنها كانت قد نزحت إلى مصر بسبب الحرب، ولم تكن قادرة على الوصول إلى غزة أو متابعة الأمر بنفسها، فكلّفت شقيقتها بمتابعة الصندوق والاطمئنان على محتوياته.
وقالت: “تواصلت مع البنك قبل فترة وسألت عن الصندوق، وأكدوا لي أنه محفوظ وآمن ولا توجد أي مشكلة. شعرت بالاطمئنان حينها، لكن عندما ذهبت أختي إلى البنك للاطلاع على الصندوق، أبلغوها بأنه غير موجود، وأنهم لا يستطيعون تحديد مكانه حاليًا.”
وأضافت أن الصندوق يحتوي على ذهب ومجوهرات ومستندات قانونية مرتبطة بملكيات وعقود لا يمكن تعويضها بسهولة، وأنها تعيش حالة من القلق المستمر، خاصة في ظل وضعها كنازحة لا تستطيع العودة لتقديم شكوى أو متابعة قانونية مباشرة.
وفي واقعة مشابهة، أودعت إحدى العميلات قبل الحرب صندوق أمانات يحتوي على ذهب بقيمة 20 ألف دينار قبل سفرها إلى أوروبا. ومع توقف عمل بعض الفروع وتعطل منظومة المتابعة خلال الحرب، أصبحت غير قادرة على التأكد من سلامة محتويات الصندوق، خصوصًا بعد تردّد شكاوى عن اختفاء صناديق أخرى في بعض الفروع.
وأكد الخبير الاقتصادي د. سمير الدقران أن هذه الحوادث تشكّل ضربة كبيرة للثقة في النظام المصرفي، خصوصًا في مرحلة التعافي الاقتصادي الهش بعد الحرب. وقال: “البنك مُلزَم قانونيًا بحفظ صناديق الأمانات وتأمينها، وأي فقدان أو سرقة يمثل إخلالًا صريحًا بالتزاماته. على الجهات المختصة، بما في ذلك سلطة النقد، فتح تحقيقات شفافة وتعويض المتضررين بشكل عادل.”
وأوضح الدقران أن البنوك لا تعمل بمعزل عن أنظمة الحماية والتأمين المالي، مشيرًا إلى أن صناديق الأمانات تكون عادة مؤمَّنة لدى شركات تأمين محلية أو خارجية، ما يحمّل البنك مسؤولية التعويض الكامل في حال ثبوت الفقدان أو الضرر. وأضاف: “البنوك مؤمَّنة، وبالتالي فإن ثبوت فقدان الصندوق يُلزم البنك بتعويض المتضرر وفقًا لقيمة المحتويات. كما تحتفظ إدارة الخزانة بسجلات توثيقية دقيقة توضح نوع وقيمة المحتويات عند فتح الصندوق لأول مرة، لضمان حقوق الطرفين.”
وأشار إلى أن ظروف الحرب لا تُعفي البنوك من المسؤولية، بل تستوجب تشديد الرقابة الداخلية وتوثيق إجراءات الدخول والخروج والتفتيش على صناديق الأمانات، بما يمنع أي تلاعب أو إهمال.
وختم الدقران بالتأكيد على أن الحفاظ على الثقة في المؤسسات المصرفية يمثل جزءًا أساسيًا من استقرار المجتمع والاقتصاد خلال مرحلة إعادة الإعمار، داعيًا إلى الشفافية في التعامل مع هذه القضايا وعدم تركها غامضة أو معلَّقة.

























































