اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣٠ أيار ٢٠٢٥
بالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية التي تشنها (إسرائيل) على غزة، والعمليات العسكرية الواسعة في الضفة الغربية، تنفذ سلطات الاحتلال حملة هدم واسعة ضد قرى وبلدات فلسطينية في النقب، جنوبي فلسطين المحتلة.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل قدّم 'وزير الشتات' عميحاي شيكلي مخططًا جديدًا لحكومته المتطرفة للمصادقة عليه، بهدف تغيير التركيبة السكانية للفلسطينيين في النقب وتهجيرهم من قراهم إلى مناطق أخرى.
ويهدف المخطط الذي يقوده شيكلي، المكلّف بـ'سلطة توطين البدو'، إلى مصادرة أراضٍ من قرى وبلدات معترف بها وأخرى غير معترف بها، وتهجير سكانها، وإقامة بلدات استيطانية مكانها.
سلسلة طويلة من الاستهداف
المخطط الاستيطاني ليس جديدًا، وفق رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، عطية الأعسم، الذي أكد أن حكومات الاحتلال المتعاقبة استهدفت النقب عبر مشاريع تهويدية بحتة.
وأوضح الأعسم لـ 'فلسطين أون لاين' أن المخطط الجديد يسعى إلى تحقيق هدفين: أولهما إجبار الأهالي على التنازل عن حقوقهم في بلدات معترف بها مثل (سيفة، بير هداج، سعوة، مرعيت) مقابل تعويضات رمزية، وإن رفضوا، فإن الهدف الثاني هو مصادرة أراضيهم بالقوة في المرحلة الأولى من المخطط.
وتشمل هذه المرحلة تهجير سكان 11 بلدة غير معترف بها، يبلغ عدد سكانها نحو 8 آلاف نسمة، وهي: رأس جرابة، أم البدون، البقيعة، تل عراد، الباط الغربي، كركور، سدير، المزرعة، القطمات، مكيمن، عوجات، وعتير.
وأشار إلى أن مخطط 'شيكلي' يستهدف جميع القرى غير المعترف بها وعددها 46 قرية، يقطنها أكثر من 170 ألف مواطن، ما يستدعي تصديًا جماهيريًا وقانونيًا حاسمًا منذ الآن.
وحذّر الأعسم من خطورة استغلال قرارات المحاكم الإسرائيلية لهدم المنازل بهدف التهرب من دفع تعويضات، داعيًا إلى تنظيم هذه القرى بدلًا من هدمها، مؤكدًا أن 'سلطة توطين البدو' تماطل في الحلول وتتجاهل هذه المجتمعات.
وشدد على أن الهدف من السياسات العنصرية الإسرائيلية هو 'القضاء على المجتمع البدوي' وفرض مزيد من التضييق على القرى الفلسطينية.
أرقام مقلقة
بدوره، وصف الناشط سليمان الهواشلة معطيات الهدم بـ'المقلقة'، مشيرًا إلى أن الجديد في المخطط هو تبني الحكومة المتطرفة للخطة علنًا.
وذكر الهواشلة لـ'فلسطين أون لاين' أن سلطات الاحتلال هدمت 3283 منزلًا في النقب عام 2023، بزيادة نحو 27% مقارنة بعام 2022 الذي شهد هدم 2850 منزلًا، أي بفارق 433 منزلًا.
وفي عام 2024، شهدت المنطقة هدمًا متسارعًا لنحو 4911 منزلًا، ما يدل على أن حكومة نتنياهو ماضية في سياسة الهدم دون أي نية للتسوية.
وأوضح أن سياسة هدم المنازل هي خطة إسرائيلية قديمة – جديدة، تهدف إلى الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، وتمتد حتى إلى القرى المعترف بها مثل شقيب السلام.
كما لفت إلى أن جزءًا من أهداف هذه الحملة هو تعزيز 'الدعاية الإعلامية' لوزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يسعى إلى التضييق على الفلسطينيين في الداخل المحتل.
وأشار إلى أن هناك خطة فلسطينية من أجل الاعتراف بجميع القرى والبلدات في النقب، معربًا عن أمله في الوصول إلى حلول عادلة.
أسوأ من برافر
ويرى جمعة الزبارقة، عضو لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، أن مخطط 'شيكلي' الجديد 'أسوأ من مخطط برافر'.
فـ'مخطط برافر' كان قانونًا أقره الكنيست في 24 يونيو/حزيران 2013، استنادًا إلى توصيات لجنة حكومية برئاسة نائب رئيس مجلس الأمن القومي السابق إيوهد برافر، وهدف إلى تهجير سكان عشرات القرى في النقب وتجميعهم في 'بلديات تركيز'.
وقد أُجبرت حكومة الاحتلال حينها على التراجع عنه بفعل المقاومة الشعبية.
ويحذر زبارقة من أن المخطط الجديد سيمنع أي تطوير أو توسع مستقبلي للقرى الفلسطينية، وسيصادر أي امتداد ديمغرافي لصالح بلدات استيطانية يهودية.
وأوضح أن التهجير القسري سيخلق مشكلات اجتماعية بين العائلات والقبائل بسبب مصادرة الأراضي وتكديس المهجرين.
وضرب أمثلة على ذلك، منها تهجير سكان قرى كركور إلى رهط، وسكان الزعرورة والقطمات إلى كحلة ومكحول (مرعيت)، وسكان الجنوب إلى بئر هداج، بالإضافة إلى نقل جزء من سكان الفرعة والزعرورة إلى كسيفة.
وأوضح أن سلطات الاحتلال تسعى لبناء خمس قرى يهودية على شارع 31، وتُسكن فيها أقل عدد من اليهود على أكبر مساحة ممكنة، ما يكشف الهدف الحقيقي وهو خنق القرى العربية ومنع تواصلها الجغرافي وتوسعها المستقبلي.
مواجهة شعبية
وفي هذا السياق، عقدت لجنة التوجيه العليا لعرب النقب والمجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، ونواب عرب في الكنيست، اجتماعًا لبحث خطوات التصدي لهذا المخطط.
وأعلن المجتمعون عن سلسلة خطوات نضالية، تشمل عقد جلسات ميدانية في المجالس المحلية، وتنظيم زيارات دعم وصمود للقرى المهددة، بمشاركة اللجان الشعبية والناشطين.
كما قرروا إرسال رسائل رسمية إلى الجهات الحكومية عبر المجالس المحلية، للتعبير عن الرفض القاطع لمخطط 'شيكلي' وللتقليصات المجحفة في الميزانيات.
وتم الاتفاق على إطلاق مبادرة شبابية تهدف إلى توسيع المشاركة المجتمعية في العمل الإعلامي والميداني، وتوثيق الانتهاكات، ورفع الصوت الشعبي، بالتوازي مع المسار القانوني.