اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
مع استمرار الظروف المأساوية التي يعيشها سكان قطاع غزة تحت وطأة حرب الإبادة الجماعية والحصار المُطبق، جاء أسطول 'الصمود' العالمي ضمن مبادرة مدنية جمعت ناشطين من عشرات الدول في محاولة لكسر الحصار البحري وإيصال المساعدات الإنسانية.
وتحوّل الأسطول الذي أقلع من موانئ في البحر الأبيض المتوسط، وضم أكثر من عشر سفن صغيرة ومتوسطة الحجم، حملت على متنها مساعدات طبية وغذائية رمزية، إلى ظاهرة سياسية وإعلامية دولية أعادت تسليط الضوء على معاناة غزة وأحدثت صدى واسعاً في الرأي العام الغربي ولا سيّما الأوروبي.
ولم يتمكن الأسطول من الوصول إلى شواطئ قطاع غزة بسبب اعتراضه من بحرية الاحتلال واحتجاز العشرات من النشطاء من جنسيات مختلفة، إضافة إلى صحفيين من وكالات دولية، ما أثار تنديداً واسعاً من منظمات حقوق الإنسان الدولية ودعوات من دول أوروبية لفتح تحقيق مستقل وضمان سلامة المحتجزين.
زيادة الوعي العالمي
يقول الخبير في الشؤون السياسية والأوروبية من بلجيكا محمد رجائي بركان، إن الاهتمام الإعلامي العالمي بما يجري في غزة ازداد منذ السابع من أكتوبر، لكن ذروته تبلورت مع تحركات أسطول الصمود الذي 'نجح في تحريك مشاعر الرأي العام الأوروبي وإعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الإعلامية'.
وأضاف بركان في حديثه لـ 'فلسطين أون لاين'، أن وسائل الإعلام الأوروبية، خصوصاً في بلجيكا وفرنسا وإسبانيا، بدأت تتابع يومياً أخبار الأسطول والناشطين على متنه، وتنشر تقارير عن خلفياتهم، وأسباب مشاركتهم، ومطالبهم بإنهاء الحصار.
وأشار إلى أن الاهتمام تصاعد بعد احتجاز عدد من المشاركين الأوروبيين من بحرية الاحتلال، بينهم ثلاثة مواطنين بلجيكيين، أحدهم رئيس سابق لجمعية حقوق الإنسان البلجيكية، أعلن إضرابه عن الطعام داخل الاحتجاز الإسرائيلي.
هذا الحدث، وفق بركان، 'فجّر موجة تضامن داخل بلجيكا، حيث خرجت تظاهرات يومية أمام وزارة الخارجية وفي ساحة لوكسمبورغ المقابلة للبرلمان الأوروبي في بروكسيل، مطالبة الحكومة بالتدخل لحماية مواطنيها'.
وبيّن أن وسائل الإعلام البلجيكية 'تبنّت تغطية واسعة لقضية المحتجزين، ما ساهم في تحريك الموقف الرسمي، إذ استدعت الخارجية البلجيكية سفيرة (إسرائيل) في بروكسل للاحتجاج على احتجازهم والمطالبة بضمان سلامتهم'.
ورأى الخبير الأوروبي، أن تأثير الأسطول لم يتوقف عند البعد الإنساني، بل امتد إلى تشكيل ضغط سياسي وشعبي على الحكومات الأوروبية. فوجود شخصيات سياسية وبرلمانيين على متن بعض السفن 'خلق تفاعلاً واسعاً دفع عدداً من النواب في البرلمان الأوروبي لطرح أسئلة رسمية حول شرعية الحصار، وممارسات البحرية الإسرائيلية'.
وأكد أن تصدي قوات الاحتلال للسفن ومنعها من الوصول إلى شواطئ غزة، والاستيلاء على بعضها، ولد ردود فعل غاضبة في الشارع الأوروبي، خاصة بعد انتشار روايات عن سوء معاملة النشطاء أثناء الاحتجاز'. وأشار إلى حادثة أثارت صدمة كبيرة في الأوساط الأوروبية، حين أُجبرت ناشطة أجنبية تُدعى 'جريتا' على تقبيل علم دولة الاحتلال بعد تعرضها للضرب وشدّ شعرها، 'ما أشعل موجة إدانة في الإعلام الأوروبي وأعاد النقاش حول سياسات الاحتلال'.
هذه التطورات، بحسب بركان، أسهمت في 'زيادة الغضب الشعبي ضد (إسرائيل)' وفي تصاعد الدعوات داخل أوروبا لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية ووقف التعاون العسكري مع (تل أبيب). وتابع أن الاحتجاجات اليومية في بروكسل ومدن أوروبية أخرى 'أعادت النقاش حول مسؤولية الاتحاد الأوروبي الأخلاقية تجاه ما يجري في غزة، خاصة مع تصاعد صور المجاعة والدمار'.
على المستوى الأوسع، رأى بركان أن أسطول الصمود 'حقق ما هو أبعد من هدفه اللوجستي في إيصال المساعدات'، إذ تمكّن من 'خلق رأي عام عالمي جديد يعتبر الحصار جريمة مستمرة يجب إنهاؤها، وربط بين سياسات التجويع والإبادة في غزة وبين انتهاك القانون الدولي'.
وختم حديثه: 'حتى وإن مُنع الأسطول من الوصول، فقد نجح في هدفه الأهم، وهو إعادة فلسطين إلى الوعي العالمي، وكشف زيف ازدواجية المعايير الغربية'، مستدلاً بأن هناك سفن أكبر تُعدّ للانطلاق نحو غزة، ما يعني أن حراك كسر الحصار لن يتوقف، بل سيتواصل كفعل مقاومة مدنية تضغط على الحكومات الأوروبية لتتحمل مسؤولياتها تجاه العدالة وحقوق الإنسان.
ويُعد أسطول الصمود العالمي أحد أبرز المبادرات المدنية الدولية الهادفة إلى كسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007. تشكّل الأسطول من تحالف منظمات إنسانية وحقوقية دولية، وشارك فيه نشطاء، وبرلمانيون، وصحفيون، وأطباء من أكثر من 40 دولة، بينهم شخصيات أوروبية وعربية وأميركية لاتينية وآسيوية.
وانطلقت فكرة الأسطول للمرة الأولى عام 2010، حين حاولت ست سفن بقيادة السفينة التركية مافي مرمرة الوصول إلى غزة، لكنّ بحرية الاحتلال اعترضتها في المياه الدولية وقتلت عشرة ناشطين أتراك، ما أثار أزمة دبلوماسية واسعة وأعاد ملف الحصار إلى طاولة الأمم المتحدة.