اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
نشر بتاريخ: ١٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
الكاتب: دانييلا القرعان
الى أولئك الذين يتساءلون لماذا لم يكن لـ الأردن حضور لافت في مفاوضات غزة؟ أنا سأجيب على سؤالهم، الأطراف التي أشتركت بالتفاوض أطراف عربية واسلامية وهذه الأطراف رضيت أن يقال عنها أطراف وسيطة، سواء مصر وقطر أو تركيا، وهي ترى نفسها أطراف محايدة، ربما هذا يبدو محرج كونهم عرب ومسلمين، لكن الأردن لا يمكن يقبل - برأيي - يكون وسيط ومحايد بين طرفين، الأول شقيق، والثاني كيان محتل، وإن ارتبط معه بإتفاقية سلام، الأردن بشكل أو بأخر يعتبر نفسه أقرب الى المقاومة، وإن عارض أحياناً بعض وجهات نظرها، وأقرب الى الأهل في الضفة الغربية ويعرف معاناتهم وأهمية وجوده بالنسبة لهم وحياتهم المعيشية، الأهم، يعرف الأردن دوره في حماية المقدسات سواء الاسلامية أم المسيحية، لذا، أختار جانب استغلال إتفاقية السلام وعكسها لتصب في مصلحة أهلنا في الضفة والقطاع، وقد تحمل الأردن الكثير الكثير من استفزازات الكيان، وتصريحات متطرفيه التي يعرفها الجميع، ثم ضغط على نفسه في سبيل تمرير مساعداته الإنسانية لمستحقيها هناك، كم كان الكيان يتمنى لو علق الأردن علاقاته معه ليجد ذريعة بوقف تمرير المساعدات والاحتياجات المتعلقة بالمستشفيات الميدانية وهكذا، بقي الأردن وعبر جهود جلالة الملك وتأثيره بالمحافل الدولية يمارس ضبط النفس بكل صمت ودبلوماسية هادئة، ينادي بمطالب المقاومة أو الوسطاء، وكأن العرب اتفقوا هنا (وربما اتفقوا فعلاً) على توزيع المهمة ما بين فريق متفرغ للوساطة (مصر وقطر)، وبين فريق أخر وازن على الساحة الدولية متفرغ بنقل وجهات نظر العرب الى العالم الغربي وقد مهد هذا التوزيع بالأدوار بشكل مباشر وغير مباشر بالوصول الى اتفاقية شرم الشيخ الأخيرة.
بإختصار، هل علمتم الأن لماذا لم يكن للأردن حضور تفاوضي؟ لأن الأردن -برأيي الخاص- لم يكن أولاً يبحث لنفسه عن ظهور، فالأخبار تتحدث عن حضوره، ولأنه ثانياً قاد المهمة الأخطر، الا وهي اقناع المجتمع الغربي بالحق العربي، وهذه المهمة، لا يقدر أي زعيم عربي على حملها الا جلالة الملك عبدالله، قبل كل هذا وذاك إن الأردن يعتبر نفسه 'مقاومة' فكيف يطلب من مقاومة على شكل وطن عظيم اسمه الأردن أن يكون وسيط؟.