اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
بين لحظة انفتاح بوابة السجن، وصوت الحرية الذي اخترق جدران الحديد، كانت قلوب المحررين من الضفة الغربية تتجه نحو غزة؛ تلك التي صارت في وجدانهم رمزًا للصمود ومصدرًا للفخر، رغم الجراح والدمار.
في مشهد يختصر وحدة الوجع والمصير، حملت كلمات الأسرى المحررين بعد صفقة التبادل الأخيرة رسائل امتنان أمام تضحيات أهل القطاع، الذين صاغوا بدمهم ودموعهم معاني البطولة، وفتحوا باب الأمل أمام آلاف العائلات المنتظرة خلف قضبان الاحتلال.
المحرر ياسر أيوب عصفور الذي أمضى أكثر من عشرين عامًا في سجون الاحتلال، تحدث عن قسوة العامين الأخيرين داخل السجون: 'ظروف الاعتقال كانت سيئة جدًا، حالة طوارئ دائمة، لا قانون ولا إنسانية، وتجويع متعمّد. ومع ذلك، صمدنا'.
لكنه لم يخفِ ألمَه حين تحدث عن غزة، وقال عصفور لـ 'فلسطين': 'غزة مدمَّرة، والوجع كبير. فرحتنا ممزوجة بالأسى'.
وأضاف 'تعجز كل كلمات الشكر لأهلنا في قطاع غزة الذين سطروا كل معاني التضحية في سبيل الوصول إلى هذه الصفقة المشرفة. شكراً لكم من أعماق قلبي'.
من بلدة سيلة الظهر في جنين، رفع زياد أبو دياك، خال المحرر سامر أبو دياك، يديه شاكرًا الله، مضيفا: 'هذا يوم الفرح والسرور بعد انتظار طويل. نشكر من ساهم في إطلاق سراح أسرانا، خصوصًا أهلنا في غزة الذين قدّموا التضحيات من أجل هذا النصر'.
وروى أبو دياك أن قوات الاحتلال اقتحمت منزلهم خلال حرب الإبادة لمجرد وجود صور شهداء، وقال: 'اليوم، رغم الألم، نعيش لحظة نصرٍ صنعها صمود غزة والمقاومة'.
في مخيم نور شمس بطولكرم، لم يتمالك الشاب مجد حمارشة دموعه وهو يحتضن والده المحرر يحيى حمارشة بعد 23 عامًا ونصف من الغياب.
وقال حمارشة بكلمات ممزوجة بين الفرح والألم 'شوفته فرحة لا توصف. كبرت وأنا أسمع عنه فقط، وأمي ربّتنا بصبرٍ ومعاناة. اليوم رجع بسلامة، وكل الشكر لأهل غزة الذين أتموا هذه الصفقة'.
مجد الذي كان في الرابعة حين اعتُقل والده قال: اليوم نحصد الفرج. ترك أبي رفاقًا خلفه، وقلوبنا معهم'.
الأسير فيصل خليفة عبّر بكلماتٍ تختصر الامتنان: 'الحمد لله أولاً، ثم الشكر لأهل غزة ومجاهديها الذين أخرجونا بهذه الطريقة المشرفة. نقبّل أقدامكم، أنتم من منحنا هذه الحياة من جديد'.
أما المحرر أيهم كممجي، أحد أبطال عملية 'نفق الحرية' من سجن جلبوع عام 2021، لم يستطع أن يخفي تأثره حين تحدث عن غزة. فقال بصوت تختلط فيه الفخر بالعجز: 'الكلام يضيع ويقل، وأجد نفسي عاجزًا أمام أهل غزة وتضحياتهم، الذين فعلوا الأساطير'.
وأضاف كممجي، 'ما قاموا به لا يمكن لأي بشر في الأرض أن يفعله. حين تلقيت الخبر، أصابني شعور بالخجل، كيف سأواجه غزة وكيف سأضع عيني في وجوه الأرامل والأيتام؟'
كممجي، الذي عاش تجربة المطاردة والاعتقال، وصف ما فعله أهل القطاع بأنه 'فعل سيمجده التاريخ والسموات معًا، متابعاً: 'بقدر حزني على من فقدنا، لكنني أعتز أنني أنتمي للشعب الذي ينتمي إليه الغزيون، أنتم تاج على رأس الأمة، وأقمتم الحجة على أعظم الدول'.
تتقاطع رسائل الأسرى مع مشهد غزة؛ مدينة أنهكها الحصار والحرب، لكنها ما زالت تحمل شعلة الأمل، وتُذكّر العالم أن الإرادة أقوى من السجون والجدران.
في كلماتهم امتنان، وفي عيونهم حنين، وفي قلوبهم يقين بأن من صمد تحت القصف، ووقف على أنقاض بيته رافعًا راية الكرامة، هو ذاته من أعاد إليهم حريتهم.
غزة لم تكن غائبة عن وجدانهم يومًا، بل كانت البوصلة التي وجّهت حنينهم إلى الوطن، والنبض الذي أعاد للحياة معناها بعد سنينٍ من الأسر