اخبار فلسطين
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١٤ أيلول ٢٠٢٥
إيمانويل ماكرون اعتبر الدبلوماسية السعودية والفرنسية وحلفاءهما جعلت المسار نحو 'حل الدولتين' لا رجعة فيه
أثار غياب أو امتناع دول عربية وإسلامية بارزة، مثل العراق وتونس وإيران، ودول ذات كثافة إسلامية، مثل الكاميرون وألبانيا وجنوب السودان وإثيوبيا، تساؤلات واسعة، خصوصاً مع تصويت دول غربية معروفة بقربها من إسرائيل لصالح فلسطين. هذه المفارقة تعكس تعقيدات سياسية ودبلوماسية، إذ بدت مواقف الدول مشروطة بحسابات داخلية وإقليمية وضغوط دولية، إلى جانب حساسية نص القرار نفسه.
في الـ12 من سبتمبر (أيلول) 2025، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان نيويورك لدعم حل الدولتين، الذي يدين هجمات 'حماس' في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ويطالب بإنهاء سيطرتها على غزة وتسليم أسلحتها، وحظي بتأييد 142 دولة، بينما رفضته 10 دول، وامتنعت 12 دولة عن التصويت، فيما غابت دول أخرى.
نص الإعلان، الذي يشترط استبعاد 'حماس' من الحكومة الفلسطينية وتسليم أسلحتها، أثار اعتراضات دول ترى أنه يتجاهل الواقع السياسي في غزة ويقصي فاعلاً رئيساً. إيران، التي غابت عن التصويت في خطوة فاجأت بعضهم، شددت في مواقف سابقة على احترام فصائل المقاومة، كما عبرت في تصويتها لصالح قرار عربي في أكتوبر 2023 لوقف القتال في غزة، محتفظة برفض وصف المقاومة بالإرهاب، كما أنها ترى المطالبة بحل الدولتين يعني اعترافاً بإسرائيل الذي ترفضه، وربما يعكس غيابها هنا حسابات تكتيكية مرتبطة بمفاوضاتها الدولية، خصوصاً مع الراعيين السعودي والفرنسي للقرار، الذين تراهن طهران على العلاقة بهما في ظل عزلتها الدولية.
تونس، التي دعمت فلسطين في تصويت مايو 2024 لعضويتها الكاملة بالأمم المتحدة، امتنعت في أكتوبر 2023 عن قرار عربي، معتبرة النص منقوصاً ومساوياً بين الضحية والجلاد، كما أوضح مندوبها طارق الأدب، فيما يعكس غياب العراق توازنات داخلية معقدة بين قوى متنافسة، غالبها يدور في فلك إيران بحسب المراقبين.
الضغوط الأميركية كانت عاملاً مهماً، إذ وصفت واشنطن القرار بأنه 'هدية لحماس' ويعرقل الدبلوماسية، مما دفع دولاً تعتمد عليها اقتصادياً أو أمنياً، كالكاميرون وألبانيا، إلى الامتناع، بينما قد يعكس غياب دول أفريقية كجنوب السودان وإثيوبيا اصطفافات إقليمية أو ضغوطاً سياسية. الأزمات الداخلية في دول مثل تونس والعراق، من توترات سياسية واقتصادية، جعلت التعبئة الدولية أقل أولوية، بينما النص الذي يلقي العبء على الفلسطينيين من دون ضمانات تنفيذية بدا غير متوازن. الصحافة الغربية، كـ'رويترز' والـ'غارديان'، رأت القرار عزلاً لـ'حماس'، بينما وصفته إسرائيل بـ'المسرحية'، والولايات المتحدة بـ'المتسرع'.
يأتي ذلك في حين رحبت معظم الدول العربية بالقرار، ولا سيما السعودية التي قادت الحراك للزخم الذي ينتظر أن يبلغ ذورته في الـ22 من الشهر الجاري، بينما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى تفاعله مع قرار الأمم المتحدة أنه 'ستكون فرنسا والمملكة العربية #السعودية وجميع شركائها في نيويورك لجعل خطة السلام هذه حقيقة واقعة في مؤتمر حل الدولتين، إننا نرسم مع السعودية مسار السلام في الشرق الأوسط، وهذا المسار لارجعة فيه'.
على مدى عقود، اتسع التأييد الدولي للدولة الفلسطينية، مدفوعاً بتعاطف عالمي مع الفلسطينيين، إثر انتهاكات إسرائيلية متكررة في غزة، لكن هذا الدعم غالباً ما جاء مشروطاً برفض دور 'حماس'، انسجاماً مع قرارات دولية ومبادرة السلام العربية التي تنص على دولة فلسطينية على حدود 1967 بعاصمة القدس الشرقية. هذا التمييز بين الحق الفلسطيني المشروع وإقصاء 'حماس' أصبح ثابتاً في مواقف دولية، مما يعقد مواقف دول عربية وإسلامية. التحدي يكمن في صياغة قرارات متوازنة تضمن مشاركة فلسطينية شرعية مع ضمانات تنفيذية، وتعزيز الحوار العربي والإسلامي لتوحيد المواقف وتجنب تكرار التهرب الإسرائيلي من تنفيذ القرارات الدولية.
يتضمن الإعلان، بحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة، الاتفاق على العمل المشترك لإنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى تسوية عادلة وسلمية ودائمة للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، بناء على التطبيق الفعال لحل الدولتين، وبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين وجميع شعوب المنطقة.
وجدد إدانة جميع الهجمات من أي طرف ضد المدنيين، بما في ذلك جميع أعمال الإرهاب والهجمات العشوائية وكل الاعتداءات ضد الأعيان المدنية والأعمال الاستفزازية والتحريض والتدمير.
وأشار الإعلان إلى أن أخذ الرهائن محظور بموجب القانون الدولي، وأكد رفض أي أعمال تؤدي إلى التغييرات الإقليمية (المتعلق بالأرض) أو الديموغرافية (السكانية)، بما في ذلك التهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين، الذي يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.
ودان الهجمات التي ارتكبتها 'حماس' ضد المدنيين في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، كما دان أيضاً الهجمات من إسرائيل ضد المدنيين في غزة والبنية الأساسية المدنية والحصار والتجويع، بما أدى إلى كارثة إنسانية مدمرة وأزمة حماية.
وقال الإعلان إن الحرب والاحتلال والإرهاب والتهجير القسري لا يمكن أن يؤدوا إلى تحقيق السلام أو الأمن، وإن الحل السياسي هو الوحيد الكفيل بتحقيق ذلك.
وأضاف أن إنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني وتطبيق حل الدولتين، هما السبيل الوحيد لتلبية التطلعات المشروعة، وفق القانون الدولي، لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين وأفضل طريقة لإنهاء العنف بكل أشكاله وأي دور مزعزع للاستقرار من الأطراف من غير الدول، ووضع حد للإرهاب والعنف بكل الصور، وضمان أمن الشعبين وسيادة الدولتين والسلام والازدهار والتكامل الإقليمي من أجل مصلحة كل شعوب المنطقة.
وتعهد المسؤولون والمندوبون في الإعلان باتخاذ خطوات ملموسة محددة بإطار زمني ولا يمكن التراجع عنها من أجل التسوية السلمية لقضية فلسطين وتطبيق حل الدولتين، وتجسيد - بأسرع وقت ممكن عبر أعمال ملموسة - دولة فلسطين المستقلة الديمقراطية ذات السيادة القادرة على الاستمرار اقتصادياً، التي تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، بما يمكن التكامل الإقليمي والاعتراف المتبادل.

























































