اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في ظل تصاعد التوجهات اليمينية المتطرفة داخل دولة الاحتلال، ذهبت الكنيست بمنحى أكثر عنصرية، بإقرارها قانون إعدام الاسرى الفلسطينيين بالقراءة الأولى، الذي يجسد أخطر تشريع يطال حياة الأسرى داخل السجون.
القانون الذي حظي بدعم حزب 'قوة يهودية' بزعامة المتطرف ايتمار بن غفير، لا يُعد مجرد نص تشريعي جديد، بل هو إعلان نوايا رسمية لشرعنة القتل وتحويله من ممارسة ميدانية تجري في الخفاء إلى سياسة مُصادق عليها تحت مظلة 'القانون'.
ويحذر مختصون في شؤون الأسرى من أن مجرّد النقاش حول القانون في الكنيست يفتح الباب لتصعيد ميداني ضد الأسرى، ويمنح الأجهزة الأمنية غطاءً سياسياً لمواصلة جرائمها دون مساءلة، فالقانون، وإن لم يُستكمل تشريعيًا بعد، فإنه يمثل ضوءاً أخضر فعلياً لتصعيد الانتهاكات في السجون، وشرعنة ما يجري بالفعل على أرض الواقع منذ اندلاع حرب الإبادة على غزة في السابع من أكتوبر 2023.
الخبير في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، يرى أن هذه ليست المرة الأولى التي يُطرح فيها هذا القانون، إذ سبق أن نوقش عام 2018 وحظي حينها بضوء أخضر من نتنياهو، 'لكن ما يميّز النسخة الحالية هو أنها أكثر تطرفًا، إذ تنص على إلزامية تنفيذ الإعدام'.
ويقول فروانة لـ 'فلسطين أون لاين'، إن 'كل مرة يُثار فيها القانون، سواء أُقرّ أو لا، تتصاعد عمليات القتل ضد الأسرى، وكأن الترويج له يشكل تحريضًا مباشرًا للأجهزة الأمنية على ارتكاب مزيد من الجرائم'.
ويؤكد فروانة أن إقرار القانون في القراءة الأولى يحمل تداعيات أخطر من الناحية الرمزية، فهو 'رسالة من اليمين المتطرف لكل الأجهزة الأمنية بأن هناك حصانة داخلية، وضوءًا أخضر لاستباحة حياة الأسرى'.
ويشير إلى أنه منذ بداية الحرب، تزامن الترويج للقانون مع تسجيل ارتفاع كبير في أعداد الشهداء داخل السجون، حيث استُشهد 81 أسيرًا بفعل التعذيب والإهمال الطبي والتجويع والقتل المباشر.
ويحذر فروانة من أن القانون يهدف إلى 'طمس المكانة الوطنية والقانونية للأسير الفلسطيني، وتحويله من مناضل من أجل الحرية إلى مجرم في نظر القانون والرأي العام الدولي'.
ويوضح أن اليمين الإسرائيلي المتطرف يسعى منذ سنوات إلى ترسيخ هذه الرواية، وهذا القانون يأتي تتويجًا لمسار طويل من نزع الشرعية عن الحركة الأسيرة.
شرعنة للقتل
من جانبه، يصف مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى رياض الأشقر، القانون بأنه 'عنصري وفاشي بامتياز'، مؤكدًا أنه يسعى لتقنين عمليات القتل الجارية داخل السجون منذ سنوات طويلة.
ويوضح الأشقر لـ 'فلسطين أون لاين'، أن الاحتلال قتل 81 أسيرًا خلال العامين الماضيين بوسائل مختلفة، لكنه يريد الآن أن يجعل هذا القتل قانونيًا ومقبولًا حتى في نظر المجتمع الدولي.
ويشدد الأشقر على أن القانون يستهدف فقط الفلسطينيين، إذ لا ينطبق على أي معتقل إسرائيلي حتى لو ارتكب جريمة قتل ضد فلسطيني، ما يعكس طبيعة النظام العنصري الذي يحكم هذه الدولة.
ويرى الأشقر أن هذا القانون لن يردع المقاومة، بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية، 'فمن يناضل من أجل الحرية لا يخاف من الموت، والشاباك نفسه يعارض القانون لأنه يدرك أنه سيؤدي إلى تأجيج المقاومة بدلًا من إخمادها'، وفق قوله.
ويعتقد أن القانون سيبقى 'أسير أروقة الكنيست' ولن يصل إلى مرحلة التنفيذ العملي، لكنه سيبقى أداة سياسية بيد المتطرفين لتحقيق مكاسب انتخابية.
ويشير إلى أن بن غفير يستخدم القانون كمنصة دعائية أمام جمهوره المتطرف، إذ طرحه أكثر من مرة على لجنة الأمن الداخلي في الكنيست، ويواصل الضغط لإقراره رغم التحفظات الأمنية.
انعكاساته داخل السجون
ورغم الانعكاسات الخطيرة لهذا القانون، يؤكد الأشقر أن الأسرى داخل السجون لم يسمحوا له بالنيل من معنوياتهم، فهم يتابعون ما يجري عبر القنوات المحدودة التي أبقاها الاحتلال بعد سحب وسائل الاتصال، لكنهم لم يتأثروا نفسيًا، لأنهم يدركون أن الاحتلال ينفذ الإعدام ضدهم بالفعل دون قانون.
أما فروانة، فيرى أن مجرد النقاش حول القانون يفاقم معاناة الأسرى، إذ يتفاخر بن غفير بنشر مقاطع تُظهر تعذيب الأسرى والتنكيل بهم، في مشهد يعكس مدى الانفلات داخل منظومة الاحتلال.
ويضيف أن 'المؤسسات الحقوقية وثّقت خلال العامين الماضيين شهادات مروعة عن جرائم تعذيب وإهمال طبي ممنهج، ما يجعل من هذا القانون غطاءً رسميًا لتلك الجرائم'.
وينص القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة على حماية الأسرى والمعتقلين في النزاعات المسلحة، ويحظر إعدامهم أو معاملتهم بطريقة مهينة. إلا أن (إسرائيل)، التي تمتلك اليوم واحدة من أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخها، تضرب بهذه القوانين عرض الحائط، وتعمل على تحويل الإبادة للأسرى إلى نصوص تشريعية.

























































