اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٠ نيسان ٢٠٢٥
في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي قصف قطاع غزة بوابل من الصواريخ والقذائف، ويحول أحياءً كاملة إلى ركام، تراقب معظم الأنظمة العربية بصمت، أو تكتفي ببيانات إدانة دبلوماسية باهتة لا تسمن ولا تغني من جوع، كما يقول مراقبون.
وشكل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة اختبارًا للموقف العربي الرسمي، الذي أخفق مرة أخرى في تقديم الحد الأدنى من الدعم السياسي أو الإنساني لأهالي القطاع المحاصرين، والذين يتعرضون للقتل بشكل يومي من قبل الاحتلال.
مع تصاعد العدوان، أصدرت عدة دول عربية بيانات شجب تقليدية، تدعو إلى التهدئة ووقف التصعيد، لكنها تجنبت تحميل دولة الاحتلال مسؤولية الانتهاكات التي وثّقتها منظمات دولية، حيث استخدمت بعض الدول عبارات مثل كافة الأطراف، في محاولة لتوزيع اللوم على المعتدي والضحية على حد سواء.
وغابت الإجراءات العملية من قبل معظم الأنظمة العربية في نصرة غزة، كاستدعاء سفراء دولة الاحتلال، أو تجميد الاتفاقيات، أو حتى الدعوة لاجتماع عربي عاجل فاعل، وهو ما يكشف عن انعدام الإرادة السياسية لمواجهة دولة الاحتلال ولو دبلوماسيًا، رغم حجم المجازر المرتكبة بحق المدنيين في القطاع.
ولم تكتفِ معظم الأنظمة العربية بالتخاذل عن نصرة غزة، فقد استمرت بعض الدول التي طبّعت علاقتها مع دولة الاحتلال مؤخرًا، في التواصل السياسي والتجاري معها، رغم المجازر، حيث لم تسجل أي خطوة جادة من هذه الدول تشير إلى مراجعة علاقاتها، حتى في ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية التي تعيشها غزة.
ويصف مراقبون هذا الموقف بأنه تواطؤ ضمني، خاصة أن بعض وسائل الإعلام الرسمية في تلك الدول حاولت إضفاء نوع من الشرعية على العدوان من خلال التحريض على فصائل المقاومة وربطها بما يسمى 'الإرهاب'.
المفارقة اللافتة كانت في المواقف الشعبية، التي عبرت عن تضامن واسع مع الفلسطينيين، سواء عبر منصات التواصل الاجتماعي أو من خلال وقفات احتجاجية قمعت بعضها في العواصم العربية.
ويقول مراقبون إن الحكومات تخشى من أن يتحول التعاطف مع غزة إلى حالة غضب شعبي عارمة، قد تفتح ملفات داخلية حساسة، خصوصًا في الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية أو شرعية سياسية مهزوزة.
الجامعة العربية
كعادتها، بدت الجامعة العربية غائبة عن المشهد، أو عاجزة عن اتخاذ موقف موحد فاعل، ولم تسجل مواقف أو قرارات استثنائية تعكس حجم الكارثة الإنسانية في غزة، ما أعاد طرح الأسئلة حول جدوى وجود هذه المؤسسة.
ويعد محللون أن غياب الإرادة السياسية الجماعية، والانقسام العربي العميق، أفقد الجامعة أي دور حقيقي في التعامل مع الأزمات المصيرية للأمة.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، حسن نافعة، يؤكد أن العالمان العربي والإسلامي يملكان من المقومات ما يتيح لهما عملياً الانتصار على 'المشروع الصهيوني' الذي يشكل تهديدًا وجوديًا على كليهما، لكنهما يفتقدان لإرادة المواجهة.
ويقول نافعة في حديث لصحيفة 'فلسطين': 'انعقدت اول قمة عربية بعد خمسة أسابيع كاملة من اندلاع الحرب على القطاع، التي أسفرت (حينذاك) عن آلاف الضحايا ودمرت أجزاء واسعة من القطاع، ولم تستغرق سوى ساعات قليلة، وصدر في ختامها بيان مطول تضمن 31 بندًا.
ويوضح أن بيانات القمم العربية لم تتضمن سوى عبارات قليلة جدًا 'تخاطب الدول العربية والإسلامية نفسها وتطالبها بما ينبغي لها القيام به لردع العدوان وممارسة الضغوط على القوى المنخرطة فيه ومعاقبة المعتدي'.
ويشير إلى أن القمة الأولى اكتفت بتكليف الأمانة العامة في كل من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي 'بإنشاء وحدتي رصد لتوثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي'، وتكليف وزراء خارجية بعض الدول بمهمة 'بدء تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق سلام دائم وشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة'، ودعوة الجميع إلى ممارسة 'ضغوط دبلوماسية وسياسية وقانونية واتخاذ إجراءات رادعة لوقف جرائم سلطات الاحتلال'، ودعوة المجتمع الدولي إلى 'رفض الأطروحات التي تكرس فصل غزة عن الضفة الغربية، بما فيها القدس.
ويكمل بأنه على الرغم من أن أياً من هذه الدعوات أو التكليفات لم يفض إلى أي نتائج ملموسة، فقد واصلت القمة الثانية السير على هذا النهج العقيم نفسه.
وبدعم أميركي مطلق يرتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي -منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- إبادة جماعية بحق القطاع الفلسطيني المحاصر خلفت أكثر من 167 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وسط تلك المعاناة، فإن الشعب الفلسطيني لا يزال في انتظار تغيرا في الموقف الرسمي العربي باتجاه نصرته، فهل يتحقق ذلك؟