#رسالة_قرآنية_من_محرقة_غزة

{ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ 

﴿ *وَقَتَلَ داوودُ جالوتَ* البقرة251

'أرموا أبناء إسماعيل' هتاف النبي ﷺ في أصحابه وفي قصة طالوت وجالوت ليست أسطورة، بل هي سنة متكررة، تلخصها الآية القرآنية: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} (البقرة 249). هذه سنة ثابتة في التاريخ، تتكرر في كل زمن. كم! وطوفان الأقصى هو جزء من هذه السنة، حيث نفر قليل حفروا الأنفاق بأظافرهم، وصنعوا الصواريخ والسلاح من عظام شهدائهم.

 تتسلسل معهم مراحل الاصطفاء والتنقية، {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِالْنَّهَرِ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُّلاَقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} (البقرة 249).

خرجوا من تحت الركام، من بيوتهم المدمرة بعد أن استشهدت عائلاتهم بالكامل. لم يستطيعوا إخراج جثامينهم من تحت الأنقاض، أو أنصهرت أجسادهم بحمى نار الظلم المستعرة. وُلِدوا من باطن الأرض التي احتضنتهم في نفقهم، ومنه وفيه كانت عقدتهم القتالية. كانوا يرقبون الآليات الإجرامية، التي تزحف إليهم برا وجوا وبحرا، وهم على عجل، ينصبون عبواتهم وكمائن الموت في بقايا بيوتهم المدمرة وفوهات أنفاقهم. مكثوا ليالي وأيامًا لا حصر لها، مع قليل من التمر والماء، وعيونهم صقر حتى كان جالوت في مرمى النار، فأضاءت منها قبة المسجد الأقصى والصخرة.

شهد العالم شيئًا يسيرًا مما فعله داوود، حين أحال جيش جالوت {فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا} (الأحزاب 26). ووقف العالم مدهوشًا أمام النصر الذي تحقق، {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ} (البقرة 251). وإخوة داوود، الذين استشهدوا على هذا الطريق، كانوا {فَرِيقًا تَقْتُلُونَ}(الأحزاب 26). لكنهم كانوا ضمن وعد الله وأمره، {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ}(التوبة 14).

تسري عليهم آيات الله وسنته الماضية: {إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} (النساء 104)، {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (آل عمران 140).