اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣٠ تموز ٢٠٢٥
انتقد أستاذ العلوم السياسية البروفيسور إبراهيم أبو جابر، عمليات الإنزال الجوي التي تنفذها بعض الدول العربية بدعوى تزويد قطاع غزة بمساعدات إنسانية، معتبراً أنها 'محاولة تجميلية لا ترقى إلى مستوى الكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، وجاءت متأخرة وغير مجدية'.
وقال أبو جابر لـ 'فلسطين أون لاين' أمس: 'هذه الإنزالات التي بدأت بعد أكثر من أربعة أشهر من المجاعة والتجويع الإسرائيلي لغزة، هي في حقيقتها قطرة ماء في بحر الاحتياجات... (إسرائيل) سمحت بها فقط كمحاولة للخروج من الحرج العالمي الذي يطاردها بسبب حصارها وتجويعها لأكثر من مليوني إنسان في القطاع'.
وأضاف أن 'صور الإنزال الجوي تبدو في ظاهرها إنسانية، لكنها لا تغيّر شيئاً في ميزان الجوع، ولا تمثل حلاً حقيقياً، بل هي مجرد ذر للرماد في العيون'.
ورأى أن المطلوب 'ليس هذه المناورات الإعلامية، بل فتح المعابر فوراً والسماح بدخول المساعدات بشكل منتظم، بما لا يقل عن 500 شاحنة يومياً، حتى نبدأ فعلياً في التغلب على المجاعة'.
وأكد أبو جابر أن اعتماد آليات إغاثة خارج الأطر الدولية التقليدية مثل وكالة الأونروا وبرنامج الغذاء العالمي يعدّ 'خطأً استراتيجياً'، موضحاً أن 'أي آلية بديلة، مهما كانت نواياها، لن تكون قادرة على تلبية الاحتياجات أو إنهاء المعاناة.
وتابع: 'الأونروا والبرنامج الأممي يمتلكان القدرة اللوجستية والخبرة الطويلة في التعامل مع أزمات كبرى، ولا يمكن القفز عنهما لأسباب سياسية أو دعائية'.
ويعيش قطاع غزة، منذ مارس الماضي، واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخه، حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة عن استشهاد أكثر من 100 طفل جراء الجوع وسوء التغذية خلال الأشهر الماضية، في ظل تعطل دخول المساعدات وفشل المجتمع الدولي في فرض آلية فاعلة لإنقاذ السكان المحاصرين.
وأشار أبو جابر إلى أن 'التجويع الإسرائيلي الممنهج لغزة هو سياسة معتمدة، تهدف لتركيع السكان وكسر إرادتهم.
ولفت إلى أن الاستجابة الدولية 'ما زالت دون المستوى، وأن على الدول العربية والدولية أن تضغط بقوة من أجل فتح المعابر، لا أن تكتفي بإلقاء طرود غذائية من السماء وكأنها تكرم الضحايا بينما تمنح (إسرائيل) الضوء الأخضر لمواصلة الحصار'.
وأكمل أبو جابر: 'لن تنقذنا الصور ولا الخطابات، بل الضغط السياسي الحقيقي، وفتح الممرات الإنسانية، واستعادة دور المؤسسات الدولية قبل فوات الأوان'.
وفي سياق متصل، انتقد استاذ العلوم السياسية بشدة ما وصفه بـ'مماطلة حكومة بنيامين نتنياهو في ملف المفاوضات'.
وقال: 'نتنياهو يسعى بكل وسيلة لتعطيل أي اتفاق لوقف إطلاق النار أو دخول مساعدات حقيقية لغزة، لأنه يريد كسب الوقت للحفاظ على ائتلافه الحكومي المترنح، وتجنب انهيار سياسي محتمل'.
وتابع أبو جابر: 'حكومة نتنياهو ترى في استمرار الحرب وسيلة للهروب من أزماتها الداخلية، ولذا تسعى إلى إدامة الوضع المأساوي في غزة وتحويله إلى ورقة مساومة سياسية. هذا سلوك غير أخلاقي يدفع ثمنه المدنيون الأبرياء في غزة الذين يُقتلون جوعا وقصفا'.
وشدد أبو جابر على أن 'الجمود السياسي المتعمد من قبل (إسرائيل)، وغياب ضغط دولي حقيقي، يطيل أمد المجزرة المفتوحة في غزة، ويعطل أي فرصة للتهدئة أو الحل. الإنزالات الجوية لن تغير هذا الواقع القاتم، وإنما فتح المعابر وإنهاء الحصار هما المطلب العاجل والملح'.
واختتم أبو جابر تصريحه بالقول: 'العالم يرى ويسكت، و(إسرائيل) تراهن على صمته لتكسب مزيدا من الوقت. لكن التاريخ لن يرحم هذا التواطؤ، ولن يسامح من ترك غزة تختنق تحت وطأة الجوع والقصف والمزايدات السياسية'.