اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
بابتسامة باهتة تغالب ألم الغياب، احتضنت نعمة أبو العمرين، والدها 'علي' الذي عاد أخيرًا إلى أحضان العائلة، بعد سنة وتسعة أشهر من الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
كانت لحظة التحرر من القيد مشوبة بالدموع، ممزوجة بفرح لا يكتمل لفقدان أكثر من خمسين فردًا من العائلة خلال الحرب المدمرة على قطاع غزة والتي استمرت 735 يومًا على التوالي.
وتقول نعمة، وقد غلبها التأثر وهي تقف بجوار والدها المنهك: 'كنا نعتقد أن نزوحنا إلى خانيونس جنوبي قطاع غزة، سيكون ملاذًا آمنًا، لكن لا مكان آمن في غزة، فقد تعرضنا للقصف مرات عدة، وتنقلنا من مكان إلى آخر إلى أن اعتُقل والدي أثناء نزوحنا'.
وفي 26 فبراير 2024، اختفى أثر علي أبو العمرين، ولم تصل العائلة أي معلومة مؤكدة عنه، حتى جاء خبر من أحد المحررين مؤخرًا، ليبلغهم بأنه معتقل في سجن 'عوفر' وتم نقله لاحقًا إلى سجن 'النقب' والقول لـ'نعمة'.
وتضيف أبو العمرين، بصوت تخنقه الدموع لـ 'فلسطين أون لاين': 'علمنا من الأسير المفرج عنه أن والدي يعاني من ألم حاد في الكلى، ويعيش على المسكنات التي بالكاد يحصل عليها، إضافة إلى إصابته بمرض جلدي مُعدٍ يعرف باسم 'الجرب'، نتيجة سوء النظافة وسوء التغذية داخل المعتقل'.
فرحة منقوصة
رغم فرحتها بعودة والدها، لا تستطيع العائلة أن تنسى الفقد الكبير، فخلال الحرب، ارتقى نحو 50 من أفراد عائلة أبو العمرين، في غزة وجنوب القطاع، بينهم أطفال ونساء.
في ملامحه المنهكة، بدا علي أبو العمرين، البالغ من العمر (48 عامًا) وكأنه يحمل على جسده الهزيل آثار الاعتقال والقهر والحرمان.
ويقول لـ 'فلسطين أون لاين' وهو يحتضن أبناءه وأحفاده بقوة: 'منذ اللحظة الأولى للاعتقال، تعرضنا للضرب والإهانة، وتنقلنا بين السجون، وكنا نأكل طعامًا لا يصلح حتى للحيوانات، اليوم فقط شعرت أنني تنفست هواءً حرًا بعد كل هذا الوقت'.
وتقول زوجته، التي وقفت إلى جانبه طوال سنوات القهر والصبر، إنهم نزحوا قسرا من مخيم الشاطئ غرب غزة إلى الجنوب، واستقروا في مدرسة 'طبريا' بخانيونس.
وتضيف: 'كنا نعتقد أن خانيونس منطقة آمنة، كما روج الاحتلال، لكنهم اقتحموا المدرسة واعتقلوا زوجي وآخرين، وقتلوا وأصابوا نازحين كانوا معنا، لم نعلم شيئًا عن مصيره طوال هذه المدة، حتى سمعنا أخيرًا أنه مريض ويحتاج إلى رعاية طبية عاجلة'.
وتتابع الزوجة، والفرح المشوب بالحزن يعلو صوتها: 'اليوم هو يوم عالمي، يوم نصر لنا، رغم كل الحزن، أخيرًا عاد إلينا'.
حرية بطعم الفقد
التحرر كان جزءًا من صفقة أُعلن عنها مؤخرًا، وشملت إطلاق سراح المئات من الأسرى الفلسطينيين، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف حرب الإبادة الجماعية الذي جرى التوصل إليه بين المقاومة والاحتلال برعاية مصرية، قطرية، تركية، وبرقابة أمريكية في مدينة شرم الشيخ.
وتمكنت المقاومة من إجبار الاحتلال على الإفراج عن 1718 أسيرًا من قطاع غزة، استُقبلوا بمجمع ناصر الطبي، إضافة إلى 250 أسيرًا من أصحاب الأحكام المؤبدة الذين أُعيدوا إلى الضفة الغربية، القدس، أو تم ترحيلهم إلى الخارج.
ورغم الإفراج، تبقى الجراح مفتوحة، وتؤكد تقارير حقوقية أن أكثر من 11,100 أسير فلسطيني ما زالوا يقبعون في سجون الاحتلال، بينهم أطفال ونساء، ويعانون من سوء المعاملة، التعذيب، الإهمال الطبي، والتجويع، وقد استُشهد عدد منهم داخل المعتقلات.
من جهته، يدعو المحرر أبو العمرين، إلى الإفراج عن جميع الأسرى، قائلًا: 'وراء كل معتقل قصة، وعائلة تنتظر، ودموع لا تجف، الاحتلال يمارس جرائم بحقنا، والمقاومة لم تنسَ الأسرى ووقفت معنا، هذا يوم نصر'.
وتنتظر العديد من العائلات الفلسطينية لحظات تعيد شيئًا من الدفء مزقتها الغارات الإسرائيلية على القطاع، وقلوب انتظرت طويلًا عودة أحبتها من غياهب السجون.