اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
نشر بتاريخ: ١ تشرين الأول ٢٠٢٥
الكاتب:
اسعد عبدالله عبدعلي
قررت صباح الجمعة ان أذهب إلى مقهى المدلل, حيث كان اصدقائي ينتظروني, كان موعدنا صباح الجمعة كما اتفاقنا, وصلت الساعة التاسعة والربع صباحا ووجدتهم في نقاش حاد, ما إن سلمت عليهم حتى قال الشاعر ابو علي: لقد وصلت في وقتك, فالجدل احتد كثيرا حول الانتخابات, وقد انقسمنا الى فريقين, وسيكون قولك هو الفصل في الأمر.. فماذا تقول عن الانتخابات؟... صمت الجميع منتظرين ما سأقول, استجمعت افكاري كي اطرح رأيي الذي يمثل قناعاتي... فقلت لهم: يا جماعة الخير اولا اريد شاي.. ضحكوا جميعا وقالوا: تدلل وتامر امر, لكن افصح عن رايك.. فقلت: حسب قناعتي ان صوتك يبني المستقبل, والمشاركة مهمة جدا لمستقبل اولادنا وبلدنا, من يسعى للتغيير السبيل امامه عبر الصناديق, فهي الفيصل.. ابتسم ابو علي وصاح: الله أكبر ظهر الحق, الم اقل لكم بصوتنا نبني مستقبل اولادنا, ونغير واقع حياتنا نحو الافضل.
الحقيقة ان الحوار مع الاصدقاء حفزني للكتابة حول الموضوع, وقد شرعت في البداية بطرح سؤال مهم: لماذا يجب ان نشارك بالانتخابات؟ ليكون المقال بحثا عن اجابة لهذا السؤال.
اولا: الاسباب السياسية والاجتماعية
إن المشاركة بصوتك يعني أننا نساهم في صنع القرار, الانتخابات هي الوسيلة الأنجع لتحقيق التغيير المنشود, ان الصوت الانتخابي الذي يتجه عبر الاختيار بعناية, يكون معول شديد القوة في هدم حائط الفساد والفاسدين, ان التصويت هو أداة قوية للدفع نحو تغيّر حقيقي في المجتمع والدولة, فهو من يحدد الاتجاه السياسي والبرامج الحكومية القادمة, ان الناخبون هم يختارون ما يتبنون من سياسات تعكس احتياجاتهم وقيمهم, عبر إعطاء الصوت لمرشحين يركزون على قضايا تمثلهم, من قبيل التعليم والصحة والوظائف، فيكون الصوت مهم في تتغير أولويات الحكومة.
صوتنا تدفع أصحاب القرار للنظر في مشاكلنا, وفي منع احتكار السلطة, وتخلق بيئة أكثر توازناً بين السلطات المختلفة.
بل صوتنا هو الضمان الحقيقي في عملية اشراك المواطنين في التغيير السلمي للسلطة, المشاركة هو اهم طريقة سلمية للتعبير عن الراي, بل ان الصوت يبني حالة من الطمأنينة التي تبعد الوطن عن أي توترات خطيرة.
ثانيا: بناء شرعية النظام واستقراره
دعونا نتحدث عن كيفية اكتساب الحكومة للشرعية, ان شرعية أي حكومة تَأتي من خلال المشاركة الجماهيرية في التصويت الانتخابي, فصوت الناخب هو الأساس الأكبر لاستقرارها وفعّاليتها في تلبية احتياجات المجتمع, وواحدة من اهم الركائز الجوهرية لشرعية السلطة: هو المشاركة الجماهيرية في العملية الديمقراطية من خلال التصويت الانتخابي الحر.
ان التصويت هو شكل مباشر من أشكال التفويض الشعبي، والذي يعبّر فيه المواطنون عن قبولهم أو رفضهم للسياسات والجهات التي تقود الدولة.
وننوه هنا الأمر شديد الأهمية ان المشاركة في التصويت الانتخابي تولّد شعور بالانتماء والمسؤولية تجاه القرارات العامة, حيث إن المواطن يشعر انه هو من يقود عملية الاصلاح والتغيير عبر اعطاء صوته لمن يستحق, فمن منظور عميق يمكن اعتبار المشاركة بالانتخابات الدورية, هو ما يمكن المجتمع من مساءلة الحكومة, او تغييرها إذا لم تنجح في الوفاء بالوعود.
فعندما تكون الحكومة منتخبة بإقبال جماهيري واسع, وتُظهر نتائجها تحسيناً في الحياة اليومية، تزداد شرعيتها وثقة المجتمع بها.
ثالثا: صوتنا الانتخابي يبني المستقبل
صوتك يبني.. نعم.. ان صوتنا الانتخابي ليس مجرد إجراء تقني، بل هو أداة حية تترجم آمالنا وتطلعاتنا إلى واقع ملموس, فأننا من خلال التصويت نختار من يقودون السياسات التي ستصنع مستقبلنا جميعاً, كل صوت يضيف لبنة في البناء الذي يحدد اتجاه البلد في التعليم، والصحة، والاقتصاد، والبيئة، والأمن.. ان المشاركة بالتصويت يتيح لنا المشاركة بنشاط في اختيار القيادة والمنظومة السياسية المسؤولة عن خدماتنا اليومية.
ويسهم في بناء مستقبل أفضل, قد اوجدناه بأصواتنا, والأمر يتطلب تعاوناً بين الناخبين والمسؤولين، وتعزيز قيم الشفافية والمساءلة.
وكل هذا يتحقق من خلال الاختيار الواعي, ونستطيع توجيه الموارد والبرامج نحو احتياجات جيل الحاضر والمستقبل, وتكون سياسات مختارة بدقة لتفتح ابواب كبيرة لفرص العمل, وتدعم الاستثمار, وتقلل من البطالة, وكذلك تساهم في بناء أنظمة صحية تعليمية أكثر كفاءة وشمولاً.
فيجب انتخاب من يدافع عن الحقوق المدنية والعدالة, ويحمي مستقبل المجتمع ككل. والأمر يحتاج لوعي ناضج كي يكون الاختيار في صالح بناء مستقبل زاهر.
اخيرا
لكي يكون 'صوتك يبني', وليس فقط علامة على المشاركة، بل بناء للمستقبل الذي ننشده لأنفسنا ولأبنائنا, باختيارنا الواعي ومسؤوليتنا المشتركة، نقوم بتشكيل بيئة أكثر عدلاً وازدهاراً، ونفتح باباً أمام فرص واسعة للنمو والابتكار والتقدم... لذلك يجب المشاركة, وبشرط ان تكون مشاركة واعية, فالمشاركة الواعية هو التصويت بمعرفة وهدف، لا كفعل آلي... انه اختيار مبني على فهم البرامج والسياسات وتأثيرها على حياتنا ومستقبل أجيالنا, نستثمر صوتنا في مرشحين وبرامج تعكس قيمنا واحتياجات مجتمعنا، ونمارس المساءلة من خلال متابعة نتائج السياسات وتقييم أدائها.
ان التصويت الواعي يعزز الشفافية، ويحافظ على الاستقرار المطلوب، ويدفع نحو تغيّر يعتمد على معلومات دقيقة وتفكير نقدي, وهو هدف كل مجتمع واعي.