اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٢ أيار ٢٠٢٥
الاستحمامُ مطلبٌ شرعيٌ وصحيٌ وحضاريٌ لما في ذلك من فوائد، حيث يحافظ الانسان على صحته ونفسيته ويبقى نظيفاً ومقبولاً بين الناس، وتزداد أهمية الاستحمام بارتفاع حرارة الجو وبذل الجهد البدني لإزالة العرق وآثار الإرهاق، لذا يستحم كثيرون أكثر من مرة يومياً خاصة صيفاً.
الداعي لما سبق، كثرة الصعوبات التي واجهت المواطن الفلسطيني في غزة منذ بدء عدوان أكتوبر 2023 خاصة المواطن الذي ترك بيته نتيجة الاجتياحات المتكررة لمنطقته، فلم يعد يمارس الكثير من طقوسه اليومية التي اعتادها في بيته قبل الحرب، أما بعد نزوحه، واستقراره في مكان أقل خطراً، تواجهه صعوبات، منها إقامة خيمة وحمام للاستحمام وقضاء الحاجة.
من واقع التجربة، فقد كنتُ مسئولاً عن مخيم أمير لإيواء النازحين بمحافظة رفح قبل اجتياحها في مايو 2024، واجهتنا هذه المشكلة في البداية ثم تغلبنا عليها من خلال مؤسسات أنشأت في المخيم حمامين عامين، لبيا حاجة النازحين إلى حدٍ ما، ثم بدأت كل عائلة بإنشاء حمامٍ خاص سواء في الخيمة أو بجوارها.
الحمامات العامة وإن خدمت النازحين لحدٍ ما، كانت مصدر حرج، فالإنسان إذا أراد الاستحمام، فإن جل من في المخيم يعلم بذلك؛ لأن الحمام يكون في مكان عام، كما أن عدم توافر المياه باستمرار لم يشجع النازح على الاستحمام، وما ينطبق على الاستحمام ينطبق على مسألة قضاء الحاجة، فالأمر فيه حرج كبير، ويزداد الحرج حينما يتعلق الأمر بالنساء.
هذه الأمور كانت في بداية إنشاء مخيمات الإيواء، لكن مع مرور الوقت وانتظام الأمور بدأت كل عائلة ببناء حمام خاص بها سواء في الخيمة أو قريبًا منها، وهذا خفف الحرج لحدٍ كبير، لكنه أظهر مشاكل جديدة مثل انتشار الروائح الكريهة والحشرات والقوارض بين الناس، خاصة أن الخيم متقاربة جداً، كما أن الآبار لم تتصل مباشرة بشبكات الصرف الصحي، بل هي على عمق مترين في الأرض، وقطر دائري لا يزيد على متر، كما أن الانسان لا يأخذ راحته بالحمام، إما حرجاً وإما نظراً لكثرة عدد المستخدمين.
إن الاستحمام المقصود هنا ليس هو المتعارف عليه بشرياً، بل أغلب حالاته لا يعدو عن سكب المواطن المياه على جسمه دون منظفات، إذ منع الاحتلال إدخالها مدة طويلة، ما ساهم كثيراً في انتشار الأمراض الجلدية بين الناس، خاصة الأطفال.
خلاصة القول إن جروح النزوح كشفت عورة المنادين بحق الإنسان في الحصول على حقوقه دون تمييز.