اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣٠ نيسان ٢٠٢٥
تظهر الكمائن الأخيرة التي نفذتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس تطور في تكتيكات المقاومة وتنوعها مستفيدة من جغرافيا المناطق المخلاة وأماكن تواجد قوات جيش الاحتلال والتي يعدها مناطق أمنية عازلة خاصة المتاخمة للسياج الفاصل، إذ تنفذ المقاومة كمائن محكمة توقع أكبر قدر من الخسائر في صفوف آليات وجنود جيش الاحتلال.
ووفق مراقبين، تدلل الكمائن الأخيرة أن المقاومة استفادت من تجربتها القتالية خلال 15 شهرا من المعركة قبل إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير/ كانون ثاني الماضي، وتظهر التكتيكات القتالية الجديدة، الاعتماد على أسلوب العمليات الخاصة أو الكوماندوز واستفادة المقاومين ومعرفتهم الجيدة بالأرض، والاعتماد على الجرأة والمباغتة في مهاجمة جنود جيش الاحتلال واستهداف آلياته، وقبل ذلك التخطيط الجيد واختيار الأهداف، ما يظهر حجم الإخفاق الاستخباري الإسرائيلي في تأمين قواته بالرغم من تفوقه التكنولوجي.
ونشرت إذاعة جيش الاحتلال، تفاصيل التحقيق الأولي حول المعركة التي دارت الجمعة الماضية بين مقاتلي كتائب القسام وقوات إسرائيلية في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، والتي أدت إلى مقتل وإصابة ضابط وجنود إسرائيليين.
ومساء الجمعة، وفق التفاصيل التي نشرتها الإذاعة، خرجت قوة من لواء الاحتياط 16 لتنفيذ عملية هجومية على أطراف حي الشجاعية، وعلى بعد كيلو متر ونصف من السياج الفاصل بقيت وحدة مستعربين مما يسمى حرس الحدود 'يمّاس' في المنطقة لتنفيذ كمين، إلا أنها وقعت في كمين لكتائب القسام ودارت اشتباكات بين المقاومين وجنود جيش الاحتلال.
وبحسب التحقيق، قتل مقاتل اليمّاس وأصيب آخر في الاشتباك الأول، ووصلت تعزيزات إنقاذ لكنها تعرضت لإطلاق النار لأكثر من خمس مرات على الأقل خلال ساعتين من محاولة الإنقاذ، وأطلق المقاومون قذيفة مضادة للدروع على جيب همر، أسفر عن إصابة جندي بجراح متوسطة.
كما أطلق المقاومون، وفق ما ورد بالتحقيقات الإسرائيلية ، صاروخين مضادين للدروع تجاه دبابة، وبعد ساعة أطلقوا صاروخا مضادا على دبابة أخرى أصاب هدفه وأدى لمقتل ضابط وإصابة جندي آخر، وبعد نصف ساعة أخرى أطلق المقاومون صاروخا مضادا على قوة أخرى، وتبع ذلك اشتباكات بأسلحة خفيفة، ما أسفر عن إصابة جنديين بجراح متوسطة، فيما قالت وسائل إعلام عبرية، أن أحد المصابين هو قائد لواء وحالته خطرة.
وأعلنت شرطة الاحتلال مقتل أحد عناصرها (نيتع يتسحاك كاهانا) وهو من وحدة المستعربين التابعة لحرس الحدود، كما أعلن جيش الاحتلال مقتل ضابط برتبة نقيب (عيدو فولوخ) وإصابة 3 جنود آخرين في اشتباك الشجاعية.
ضربة موجعة
وأحدث الكمين ضجة واسعة داخل الاحتلال وهو بمثابة ضربة موجعة للوحدات الإسرائيلية الخاصة، وسادت حالة من السخط في أوساط إسرائيلية، خاصة أن الكمائن الأخيرة تقع بمناطق عازلة يصنفها الاحتلال على أنها مناطق أمنية قريبة من السياج الفاصل ويفترض أن تكون هجمات المقاومة مكشوفة، فيما تظهر الوقائع عكس ذلك ووجود ثغرات تجعل قوات الاحتلال هدفًا سهلا للمقاومة.
ونقل محلل الشؤون العسكرية في الموقع الإلكتروني 'والا' أمير بوحبوط، تحذيرات جيش الاحتلال المتزايدة من تصاعد وتيرة كمائن المقاومة، وأن المؤسسة الأمنية ترصد تغيرا واضحا في أنماط القتال لدى حماس، حيث باتت تعتمد تكتيكات جديدة تتسم بالجرأة والمباغتة، مما يزيد من صعوبة المواجهة في الميدان.
وإلى جانب كمين الشجاعة، بثت كتائب القسام السبت الماضي، مشاهد لقنص 4 من جنود وضباط الاحتلال الإسرائيلي ببندقية الغول في شارع العودة شرق بلدة بيت حانون شرقي قطاع غزة، وفي المكان نفسه وقبل أسبوع من الحدث نفذت الكتائب كمين 'كسر السيف'، وخلالها جرى استهداف جيب عسكري من نوع ستورم أدى لمقتل جندي وإصابة مجندات، واستهداف قوة الإسناد التي هرعت إلى المكان بعبوة تلفزيونية 3 مضادة للأفراد، واستهداف موقع مستحدث لقوات الاحتلال بأربع قذائف RPG وعدد من قذائف الهاون.
وتضمنت مشاهد القنص رصد 2 من جنود الاحتلال فوق دبابة، أحدهما رقيب أول آساف كافري، إذ تم قنصهما في الوقت نفسه، وإصابتهما إصابة مباشرة، في حين جرى قنص مجند ثالث حاول إسعاف كافري، ليسقط داخل الدبابة.
استخلاصات الدروس
ووفق الكاتب في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة، فإن عمليات المقاومة الأخيرة التي جرت بشهر إبريل/ نيسان الجاري، شهدت تحولا وتكثيفا واضحا في تكتيكات المقاومة، وهذا يشير إلى أن المقاومة استفادت من الدروس خلال جولة القتال التي امتدت لنحو عام ونصف، وأن طبيعة الوضع الميداني يتطلب تغيير التكتيكات الحالية بسبب مجريات الأحداث.
وأكد أبو زبيدة لـ 'فلسطين أون لاين' أن المقاومة استفادت من استخلاصات الدروس والعبر من الجولة الماضية بشكل كبير، وبدأت تعتمد على حرب العصابات والعمليات الخاصة، والكمائن المركبة إضافة لاستفادتها من طبيعة الجغرافيا بمواقع تواجد جيش الاحتلال والتي شهدت توغلات سابقة وتضرر بنيتها التحتية.
ورأى أنه من خلال تتبع عمليات المقاومة، فهي تعمل على استدراج قوات الاحتلال لمناطق محددة لتنفيذ كمائن بعبوات ناسفة أو اشتباكات أو الاعتماد على القنص أو القذائف المضادة للدروع، واستخدام الأنفاق كوسيلة تنقل لتنفيذ العمليات خلف الخطوط، مشيرا، إلى أن المقاومة تعتمد على عنصر المباغتة والتخفي، وهذا نتاج فهم أعمق لنقاط القوة والضعف للطرفين وسعيا لتعظيم خسائر الاحتلال.
ويرجع أبو زبيدة، نجاح كمائن المقاومة الأخيرة في تكبيد الاحتلال خسائر كبيرة، إلى التخطيط الدقيق من قبل المقاومة للعمليات، عن تحرك قوات الاحتلال وتمركزها، ونقاط ضعفها الذي أتاح للمقاومة اختيار المكان الأنسب لتنفيذ العمليات، وتستفيد من بيئة المناطق المدمرة والانفاق لتوفير غطاء يحقق عامل المبادأة وتجنب رصدهم.
ويعتقد أن الكمائن أظهرت مرونة وسرعة في الحركة بالاعتماد على مجموعة صغيرة يمكنها الاشتباك بسرعة وإلحاق أضرار ملموسة ثم الانسحاب قبل وصول تعزيزات قوات الاحتلال، مؤكدًا، أن عنصر المباغتة حاسم لإنجاح أي عمل عسكري، كما أن قدرة المقاومة للظهور من أماكن غير متوقعة ومن خلف الخطوط وتنفيذ الهجوم قبل رد الاحتلال يسهم في تحقيق خسائر كبيرة.
وحول انعكاس ذلك على معنويات جنود جيش الاحتلال، أكد أن هذه الكمائن تشعر قوات الاحتلال بعدم الأمان وحالة من التوتر واليقظة الدائمة، التي تنهك جنود الاحتلال ذهنيا وبدنيا، وتفقدهم الثقة بالقدرات الدفاعية الخاصة بهم.
ولفت إلى أن نجاح كمائن المقاومة يؤدي لحالة من زعزعة ثقة الجنود وشعورهم بضغط نفسي مع طول فترة تواجدهم في بيئة قتال والتي تزيد عن أكثر من 500 ساعة متواصلة، فيما يؤثر سقوط القتلى والجرحى على الروح المعنوية ويزيد من الإحباط والغضب ويدفع البعض للتشكيك بجدوى العمليات.