اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٣٠ حزيران ٢٠٢٥
كتب ناصر قنديل في 'البناء'
– لا يستطيع الذين يخوضون حرباً إعلامية شعواء للسخرية من الوثائق والخرائط التي تثبت لبنانية مزارع شبعا، ادعاء أنّهم خبراء يملكون بعض ما لدى الخبير الجغرافي والمؤرخ عصام خليفة للانخراط في نقاش علميّ حول السيادة على المزارع، وجلّ ما لديهم هو السعي للتخفف من عبء السعي لتحرير أو استعادة أراضٍ لبنانية يعرفون بخبراتهم السياسية أنها موضع اهتمام إسرائيليّ وجوديّ، ويخشون أن يؤدّي التمسك بها إلى إبقاء النزاع مع إسرائيل قائماً، وأن يبرّر بقاء الصراع بقاء النقاش حول مستقبل سلاح المقاومة قائماً، وأن يطيح ذلك كله بمساعيهم لانضمام لبنان إلى مسار التطبيع الذي تنشط الإدارة الأميركية للدفع به في كل من سورية ولبنان، ولأن أفضل وسائل الدفاع هو الهجوم يضخّ هؤلاء نظرية أن مَن يروّج للبنانية المزارع هو حزب الله لإيجاد ذريعة لبقاء سلاحه.
– قطعاً للطريق على أخذ النقاش في دهاليز وسراديب واتهامات يصعب على الرأي العام الحكم على الصحّ من الخطأ فيها، لن نخوض في نقاش هوية مزارع شبعا، وسوف ندعو الجميع بمن فيهم، نحن مؤيّدو المقاومة وسلاحها، وهم معارضو المقاومة وسلاحها، إلى الانطلاق من تعريفات الأمم المتحدة، وهي تعريفات يفترض أن يخجل أيّ لبناني من تبني موقف من شأن لبنانيّ سقفه أدنى من سقف موقف الأمم المتحدة تجاه المصالح الوطنية اللبنانية السيادية، فكيف إذا كان سقفه أقرب لـ»إسرائيل» من سقف الأمم المتحدة، ووفقاً لتعريفات الأمم المتحدة سوف نعود إلى نص القرار 1701 الذي يمثل القرار الأممي الوحيد الصادر عن مجلس الأمن الدولي، ذكرت فيه مزارع شبعا بالاسم، ومن نافل القول إن القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي هو أعلى مراتب النصوص الأممية أهمية بعد الميثاق.
– نصت الفقرة (10) من القرار 1701 على ما يلي، «يرجو الأمين العام أن يضع وبالاتصال مع الممثلين الدوليين الأساسيين والأطراف المعنيين، مقترحات لتطبيق بنود اتفاق الطائف والقرارين 1559 (2004) و1680 (2006) ذات الصلة وخصوصاً البنود المتعلقة بنزع الأسلحة وترسيم الحدود الدولية للبنان ولا سيما في المناطق حيث الحدود متنازع عليها أو غير مؤكدة بما في ذلك الاهتمام بقضية مزارع شبعا، وتقديم هذه المقترحات خلال ثلاثين يوماً.»، والتوصيف هنا واضح «مناطق متنازع عليها»، ولا يحق لأي لبناني استخدام أي توصيف أدنى من ذلك تجاه لبنانيّة المزارع، كمثل القول إنّها سورية، وفي نص القرار أمر آخر واضح هو أن نزع الفتيل الذي يمثله مصير المزارع ينتظر تقريراً يضعه الأمين العام للأمم المتحدة خلال ثلاثين يوماً من صدور القرار في 11 آب 2006، فهل حدث ذلك؟
– الغريب أن دعاة التضحية بالمزارع لتعبيد طريق التطبيع مع كيان الاحتلال وتسهيل مهمة وضع سلاح المقاومة على الطاولة، وهم ينكرون أنهم الفريق الذي يضحّي بالمصالح الوطنية السيادية لأجل تبرير مواقف سياسية على حساب السيادة الوطنية يرمون بالتهمة على المقاومة، والدليل أنهم يتجاهلون، ولا يريدون لأحد أن ينتبه أو ينبّه، إلى حقيقة أنه بالرغم من تجاوز مهلة الـ 30 يوماً المنصوص عليها لقيام الأمين العام للأمم المتحدة بوضع تقريره عن المناطق المتنازع عليها وأهمها مزارع شبعا، وبعد نهاية ولاية الأمين العام كوفي عنان الذي صدر القرار في ظل ولايته، وانتخاب أمين عام جديد هو بان كي مون، إلا أن الأمين العام الجديد تصدّى لهذه المهمة في ربيع العام 2007، ووضع مقترحاً في ختام مهمته تبلغت وزارة الخارجية اللبنانية في 20 حزيران من بعثتها في نيويورك نسخة عنه قبل تقديمه لمجلس الأمن الدولي في نهاية شهر تموز، حيث ورد في عدد صحيفة الاتحاد الإماراتية في 20 حزيران، أبلغت بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة وزارة الخارجية أمس، بأن الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون ضمّن تقريره الذي سيرفع الى مجلس الأمن نهاية يونيو الحالي بشأن تطبيق القرار 1701 توصية بمطالبة «إسرائيل» بالانسحاب الفوري من مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، وتسليمها إلى قوات «يونيفل» في مرحلة انتقالية إلى حين بت الخلاف حولها بين لبنان وسوريا».
– القضية هي ببساطة هل تنسحب «إسرائيل» من المزارع وتسلّمها لليونيفيل فتسهل عملية تثبيت الحدود فيها وتوضيح صورة ملكيتها بين لبنان وسورية، بمعزل عن هوية الدولة التي سوف تؤول إليها السيادة على المزارع بعد إخراج الاحتلال منها، أم تجري مفاوضات مسرحية بين لبنان وسورية تنتهي بإعلان ملكية سورية للمزارع وتسهيل بقائها تحت الاحتلال، والسؤال موجّه لكل مسؤول في الدولة اللبنانية، وكل سياسي لبناني، أليس الإصرار على التفاوض على هوية المزارع قبل الانسحاب الإسرائيلي منها لحساب قوات اليونيفيل هو خدمة جلى تقدم لـ»إسرائيل» على حساب لبنان، الذي يفترض بكل مسؤول أو سياسي أن يضع في حسابه احتمال النصف لظهور لبنانيتها، وفي هذه الحالة أليس التنازل عن مثل هذه النسبة الاحتمالية خيانة وطنية؟
– مؤسف أن سقف الوطنية اللبنانية صار اليوم بنداء: «اخجلوا من أنفسكم وكونوا بان كي مون لا نريد منكم وطنية لبنانية».