اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١٢ أيلول ٢٠٢٥
كتب صلاح سلام في 'اللواء'
تجد القمة العربية الإسلامية الطارئة نفسها أمام امتحان تاريخي بعد العدوان الإسرائيلي على قطر، الذي لم يستهدف دولة عضو في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي فحسب، بل أصاب عمق الأمن القومي العربي والإسلامي. فالصمت أو الاكتفاء ببيانات التنديد سيعني عملياً تشجيع إسرائيل على التمادي، فيما المطلوب الانتقال إلى مرحلة الفعل والضغط.
إن أوراق الردع كثيرة إذا توفرت الإرادة السياسية. أولى هذه الأوراق، إعادة الاعتبار لقرار المقاطعة الاقتصادية، سواءٌ عبر تقليص التبادل التجاري غير المباشر مع إسرائيل، أو وقف التعامل مع الشركات الداعمة لها. وقد أثبتت التجارب أنّ الضغط الاقتصادي يترك أثراً ملموساً على المجتمع الإسرائيلي وصانعي القرار.
ثانياً، تفعيل سلاح الطاقة، ولو في إطار رمزي، عبر التلويح باستخدام النفط والغاز كأداة ضغط على الدول الداعمة للعدوان، وفي طليعتها الولايات المتحدة. ورغم صعوبة العودة إلى تجربة السبعينات بحذافيرها، إلا أنّ مجرّد طرح الفكرة يربك الأسواق العالمية ويضغط على مراكز القرار في واشنطن.
ثالثاً، توحيد الموقف الدبلوماسي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، عبر الدفع باتجاه قرار ملزم يدين الاعتداء ويحمِّل إسرائيل مسؤولية خرق القوانين الدولية. وإذا واجه القرار «فيتو» أميركياً متوقعاً، فذلك سيعزز عزلة واشنطن ويُظهر انحيازها الفاضح للدولة المعتدية إسرائيل أمام الرأي العام الدولي.
رابعاً، تجميد مسارات التطبيع التي اندفعت إليها بعض العواصم في السنوات الأخيرة. فهذا العدوان يثبت أنّ الرهانَ على «السلام الاقتصادي» أو «العلاقات الطبيعية» مع إسرائيل وهمٌ، وأنّ أي انفتاح مجاني يفسر في تل أبيب على أنه ضوء أخضر لمزيد من الاعتداءات.
خامساً، تفعيل الدعم الميداني لقطر عبر المساعدات العاجلة على المستويات العسكرية والإنسانية والإعلامية، بما يثبت جدية التضامن العربي والإسلامي، ويعزز مناعة الدولة المستهدفة.
أما الرسالة الأهم، فهي إلى واشنطن نفسها: إذا استمرت في تغطية العدوان، فإنها ستخسر ما تبقَّى من نفوذها في المنطقة لمصلحة قوى دولية أخرى تتربص لملء الفراغ. بهذا المعنى، يمكن للقمّة أن تذكّر الإدارة الأميركية بأنّ مصالحها الاستراتيجية تمر عبر العواصم العربية والإسلامية، لا عبر الانحياز الأعمى لإسرائيل.
الواقع إنّ القمة أمام فرصة نادرة لتكريس معادلة جديدة: الاعتداء على أي دولة عربية أو إسلامية هو اعتداء على الجميع. وإذا لم تُترجم هذه المعادلة إلى خطوات ملموسة، فإن الردع سيتحول إلى حبر على ورق، وسيبقى العدوان الإسرائيلي يتكرر بلا عقاب.