اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٥ نيسان ٢٠٢٥
في خطوة لافتة وسط الانهيار المالي والنقدي المتواصل، أقر مجلس النواب اقتراح القانون الرامي إلى تعديل المواد من 2 إلى 8 من “قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي”، ما يتيح لمصرف لبنان إصدار أوراق نقدية من فئات جديدة، أبرزها 500 ألف ومليون ليرة لبنانية، على أن يتم ذلك من دون المساس بحجم الكتلة النقدية المتداولة.
ويُعد هذا التعديل التشريعي الأول من نوعه على صعيد القوانين المرتبطة بهيكل الفئات النقدية، منذ بدء الانهيار النقدي الكبير الذي أطاح الليرة اللبنانية، وحوّل العملات الورقية الصغيرة إلى أوراق بلا قيمة فعلية. المواد التي جرى تعديلها تُعنى بالقوة الإبرائية للعملات الصغيرة، من فئة القرش وحتى 500 ليرة، والتي باتت خارج التداول الفعلي منذ سنوات.
لا أثر اقتصادياً مباشراً… ولكن
القرار أثار نقاشاً في الأوساط الاقتصادية والمالية حول ما إذا كان إدخال فئات نقدية أكبر يمثل مؤشراً على توجه جديد في السياسة النقدية، أم أنه مجرد إجراء تنظيمي يهدف إلى تسهيل حركة التداول وخفض تكلفة الطباعة.
الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان يرى أن هذه الخطوة لا تعني بالضرورة تأثيراً اقتصادياً مباشراً، قائلاً في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “طالما أن حجم الكتلة النقدية يبقى ثابتاً، لن يكون هناك تأثير فعلي على الاقتصاد أو قيمة العملة. التأثير في مجمله نفسي ورمزي”.
وجهة نظر مكمّلة
أما الخبير الاقتصادي الدكتور نسيب غبريل فاعتبر أن طباعة فئات نقدية أكبر لا تعدو كونها إجراءً تنظيمياً أملته الظروف الناتجة عن انهيار سعر صرف الليرة، مؤكداً أن “الخطوة تنظيمية بحت، وسببها الرئيسي هو التدهور في سعر الصرف، ما يدفع الناس إلى حمل كميات ضخمة من الأوراق النقدية لإنجاز المعاملات اليومية، وهو أمر غير عملي”.
وعمّا إذا كانت هذه الخطوة ستواكب بسحب تدريجي لبعض الفئات الأصغر، قال غبريل: “ربما تدريجياً، لكن لا قرار واضح بعد في هذا الاتجاه. مصرف لبنان سيضع آلية تُحدد كمية الطباعة وكيفية إدخال هذه الفئات الجديدة في السوق من دون أن تسبب تضخماً إضافياً”.
مصرف لبنان: إيضاحات لاحقة
من المنتظر أن يعلن مصرف لبنان في المرحلة المقبلة عن مواصفات الفئات الجديدة، وآليات تداولها، على أن يترافق ذلك مع حملة توعية إعلامية لطمأنة الجمهور بشأن تداعيات القرار. في حين أكدت مصادر نيابية أن إصدار الفئات الجديدة “لن يعني إغراق السوق بالنقد، بل سيجري ضمن سقوف دقيقة لضمان عدم تعويم إضافي للكتلة النقدية”.
خطوة متأخرة؟
في الشارع، رحّب البعض بإصدار فئات نقدية تخفف من عبء حمل أكياس من المال، فيما عبّر آخرون عن تخوفهم من أن تكون هذه الخطوة مقدّمة لـ”تطبيع” الانهيار المالي بدل معالجته، أو أنها تعبّر عن “قبول رسمي” بتآكل قيمة الليرة وانعدام الأمل في استعادتها.
بين التفسير التقني والرمزية النقدية، يبقى القرار مجرّد عنوان في مسار طويل من الأزمة الاقتصادية اللبنانية. فإدخال فئات جديدة لن يكون له مفعول فعلي على الإنقاذ المالي، ما لم يُرفق بإصلاحات هيكلية حقيقية تبدأ بضبط الإنفاق، وترشيد الدعم، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتوحيد سعر الصرف.
في بلد طبع أزماته لعقود، لا تكفي طباعة أوراق جديدة لكسب ثقة الناس… الثقة تطبعها السياسات، لا المطبعة.