اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٢٥ أب ٢٠٢٥
ترأس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي الليتورجيا الإلهية التي تمت خلالها السيامة الأسقفية للأب ميخائيل فرحا مطرانا على أبرشية بعلبك للروم الملكيين الكاثوليك في كنيسة القديس بولس -حريصا، بمشاركة بطريركَي السريان الكاثوليك يوسف الثالث يونان والأرمن الكاثوليك رافائيل ميناسيان، وممثلين عن البطريرك الراعي والسفير البابوي في لبنان باولو بورجيا، في حضور وزير الاعلام المحامي بول مرقص ممثلا رئيسي الجمهورية والحكومة، والنائب ميشال موسى ممثلا رئيس مجلس النواب، ووزراء ونواب وممثلين عن القادة الأمنيين، وهيئات ديبلوماسية وقنصلية وقضائية، بالإضافة الى رؤساء بلديات ومخاتير وأهل المحتفى به وأقاربه وجمع من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس القى العبسي عظة للمناسبة قال فيها : نحتفل اليوم بالليتورجيا الإلهية حيث نرقي إلى درجة رئاسة الكهنوت حضرة الكاهن الراهب الكرملي الأب ميخائيل فرحا ابن بلدة رأس بعلبك المحبوبة وابن كنيستنا الملكية، الذي انتخبه سينودس كنيستنا الرومية الملكية الكاثوليكية المنعقد في دار مطرانية سيدة النجاة بزحلة من 16 إلى 20 حزيران الفائت، مطرانا على أبرشية بعلبك، بعد أن كان قداسة البابا الراحل فرنسيس أعطى موافقته المسبقة على إدراج اسمه في لائحة المرشحين للأسقفية.
أضاف: طال زمان ترمل أبرشية بعلبك المحبوبة، قضيناه جميعا، نحن وأبناؤها وبناتها، بالصبر والصلاة والرجاء، بيد أن الله الذي يدبر كل الأشياء بحكمة ومحبة والذي يقود كنيسته، بالروح القدس المعطى لها، إلى بر الأمان في كل الظروف والأوقات، افتقد شعبه بعد هذا الزمان من الانتظار الصعب المؤلم المحرج، واختار لنا راعيا صالحا على هوى قلبه. فهنيئا لكنيستنا التي في بعلبك وتوابعها.تابع : أنا الراعي الصالح. أيها الأخ المحبوب ميخائيل هوذا أنت اليوم أمام الجميع، من خلال القراءة الإنجيلية التي اخترتها لهذه المناسبة المقدسة، تعلن وتتعهد أن تكون الراعي الصالح على مثال السيد المسيح. كيف؟ يجيب يسوع إن الراعي الصالح لا يتسور، أي لا يتسلق على السور أو الحائط، لكي يدخل إلى الحظيرة، إلى الدار، بل يدخل من الباب. ذلك أن الذي يتسور يخاف ويتحاشى أن يراه أحد، سالكا في الخفية وفي الظلمة، لأن ما يعمله هو عمل ظلمة كما يسميه القديس بولس. وإذا قال يسوع عن نفسه اليوم في الإنجيل إنه الباب فلأن كل أعماله كانت واضحة مرئية لا يستحي بها ولا يخجل، كما أعلن أمام اليهود في يوم من الأيام وكما أوصانا طالبا أن نضع النور على المنارة وليس تحت السرير أو المكيال فيتمكن الجميع من رؤيته. هذا ما حدا القديس بولس على أن يقول لتلميذه تيموثاوس في رسالة اليوم: لا تخجل إذن بتأدية الشهادة لربنا ولا بي أنا أسيره، مضيفا: لا أخجل لأني عارف بمن آمنت.ما يتكلم عنه السيد المسيح بصورة حسية بسيطة مستقاة من الحياة القروية تسميه الكنيسة اليوم الشفافية. أن يكون الراعي الصالح شفافا، أن نكون نحن شفافين، يعني أن يستطيع أبناؤنا وبناتنا أن يروا حقيقتنا، فكرنا وقولنا وعملنا، فلا نظل علامة استفهام بالنسبة إليهم، بل يرتاحوا إلينا ونرتاح إليهم، بحيث نستطيع أن نقول مع الرب يسوع إننا ندخل من الباب رمز النور والوضوح، والجبين العالي والرأس المرفوع، والصدق والشجاعة.
وقال: يدخل يسوع من الباب أجل، لكن يدخل أولا لكي يرى كل واحد من خرافه يمر أمام عينيه ويلمسه بلمسة شكر وتشجيع وحنان وطمأنة. أن نعرف الناس، ناسنا، بأسمائهم، أن نناديهم بأسمائهم، ولو خربطنا في بعض المرات، أن لا يروا هم فينا نواطير، هذه هي صفة الراعي بحسب الرب يسوع في إنجيل اليوم. أبناؤنا وبناتنا ليسوا أرقاما نحسب قوة الكنيسة وازدهارها بعددهم. ليس المقياس الصحيح والدقيق لغنانا وعافيتنا ونجاحنا أن نقول إن كنيستي، أبرشيتي، رعيتي، عددها كذا مئة أو ألف أو عائلة. المقياس هو أن نعرف أبناءنا معرفة على قدر ما يمكن أن تكون معرفة شخصية لأننا إذاك نجعلهم يشعرون بأننا نهتم بهم ونكترث لهم ونسعى إلى خيرهم وخلاصهم، على مثال السيد الذي سمعناه يصف ذاته في إنجيل اليوم. هذا هو مقياس نجاحنا في عملنا الرعوي وليس عدد المؤمنين. أبناؤنا وبناتنا الذين يدخلون الكنيسة ليسوا أعدادا أو روبوتات بل وجوه وعيون وابتسامات وقلوب تأتي إلى يسوع لأنها سمعت صوته. هنا يأتي كلام بولس إلى تيموثاوس الذي سمعناه منذ قليل ليوضح ويكمل كلام يسوع: يا ابني تيموثاوس تمسك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته مني، إحفظ الوديعة الصالحة بعون الروح القدس. تعليم الكنيسة، إيمان الكنيسة، هو الكلام الصحيح والوديعة الصالحة بين أيدينا وليس من كلام آخر ولا من وديعة أخرى. مساء البارحة ومنذ قليل أعلنت ذلك بنفسك، أيها الأخ المحبوب، متعهدا أن تحافظ على هذين الكلام والوديعة وأن تتمسك بهما وأن تنقلها بأمانة. قد يصعب علينا في بعض الأوقات أن نفعل ذلك لاعتقادنا أو ربما ادعائنا بأن لدينا نحن أيضا ما نعطيه ونعلمه. قد يكون ذلك مصيبا من ناحية ما. لكن عملي أنا كراع صالح هو أن أسير أمام أبنائي إلى يسوع، والمطلوب مني بهذه الصفة أن أكون أمينا.
أضاف: هذا في ما يتعلق بالسير أمام شعبنا على خطى الرب يسوع. هناك أمر آخر: أن نكون لهم قدوة. نتساءل بل نتعجب لماذا أو كيف تبع الرسل السيد المسيح حتى الموت؟ لكن هل إلا لأنه كان لهم قدوة، كان صادقا؟ كذلك السؤال ما الذي جعل الناس يدخلون أفواجا في المسيحية الناشئة عند سماع القديس بولس؟ هل إلا لأنه كان لهم قدوة وكان صادقا؟ والاثنان، يسوع وبولس، لمسا ذلك وعبرا عنه، الأول، يسوع، بقوله للرسل بعد غسل أرجلهم في العشاء الأخير: إني قد أعطيتكم قدوة لتصنعوا أنتم أيضا كما صنعت أنا بكم والثاني، بولس، بقوله لتيموثاوس: يا تيموثاوس كن قدوة للمؤمنين بالكلام والسيرة والمحبة والإيمان والعفاف، وبقوله أيضا لأهل كورنثس: اقتدوا بي كما أني أنا أقتدي بالمسيح.
تابع: ما نطلبه من الآخرين يجب أن نطلبه من أنفسنا أولا ولو اضطررنا إلى بذل ذواتنا. بذلك نكون رعاة صالحين على ما يريدنا يسوع القائل: الراعي الصالح يبذل حياته عن الخراف... وأنا أبذل حياتي عن خرافي... لتكون لهم الحياة وتكون لهم بوفرة. بذل الحياة في إثر السيد المسيح وعلى مثاله: هذه هي الغاية من تكرسنا: يا ابني تيموثاوس اشترك معي في مشاق الإنجيل... احتمل قسطك من المشاق كجندي صالح للمسيح يسوع.وقال:هي المرة الأولى في تاريخ كنيستنا الملكية أن ينتخب سينودسها للدرجة الأسقفية كاهنا من أبنائها ينتمي إلى رهبنة لاتينية. هذا العمل، إن دل على شيء، فعلى اعتبار كنيستنا في كنيسة جامعة هي كنيسة الرب يسوع الواحدة، كنيسة جسد يسوع الواحد. كنيستنا الملكية ما كانت يوما وأرجو ألا تكون في يوم من الأيام منغلقة متعصبة ترفض الآخر أو تتجنبه أو تستثنيه على أي صعيد كان. في هذا العصر حيث نشهد باباوات في الكنيسة من مختلف الجنسيات والمشارب والثقافات وكذلك رهبانات وجمعيات ومؤسسات لا يسع الكنيسة أن تنجر، مهما كان السبب، إلى الفئوية والتحزبية والرافضية وما شابه ذلك. تبقى في الكنيسة القاعدة الذهبية التي وضعها القديس بولس رسول الأمم بقوله: إن الجسد واحد والروح واحد، كما أنكم بدعوتكم قد دعيتم إلى الرجاء الواحد. وإن الرب واحد والإيمان واحد والمعمودية واحدة والإله واحد والآب واحد للجميع وهو فوق الجميع وخلال الجميع وفي الجميع. فثمة ليس بعد يوناني ولا يهودي لا ختان ولا قلف لا أعجمي ولا إسكوتي لا عبد ولا حر، بل المسيح الذي هو كل شيء وفي كل شيء. هذا ما يعلمه بولس. باسم سينودس كنيستنا وباسمي أشكر قداسة البابا الراحل فرنسوا الذي ثبت انتخابنا حضرة الأب ميخائيل فرحا مطرانا على بعلبك. أشكر مجمع الكنائس الشرقية على خدمته لكنيستنا وتعاونه معها. أشكر الرهبانية الكرملية التي رحبت بمبادرة السينودس مع دعائي لها بالنمو في القداسة والدعوات الرهبانية. أشكر آل فرحا الكرام الذين أعطوا للكنيسة الأب ميخائل. أشكر راعي الأبرشية السابق سيادة المطران إلياس رحال الموقر على السنوات التي قضاها في خدمة الأبرشية خدمة الراعي الصالح بالسهر والعناية والمحبة والإخلاص والنزاهة أطال الله عمره بالصحة والسعادة. أشكر سيادة المطران جاورجيوس إدوار ضاهر راعي أبرشية طرابلس الذي قام على تدبير أبرشية بعلبك في أثناء شغورها على مدى سنتين ونيف بغيرة وأمانة وتجرد وفطنة وحسن وفرح. كافأه الرب الإله بالصحة التامة والعمر المديد. أشكر حضرة الأرشمندريت يوسف شاهين الراهب الشويري الفاضل الذي أنابه المدبر لرعاية الأبرشية فكان الكاهن الغيور المتفاني المتجرد العامل بصمت والمحبوب. قدسه الرب يسوع وبارك حياته. أشكركم جميعا أنتم أيها الأحباء الحاضرون والشاهدون على سيامة المطران ميخائيل.
ختم: أما أبناؤنا وبناتنا الذين من أبرشية بعلبك، الحاضرون والغائبون، الذين إليهم حنيننا وهم سرورنا وإكليلنا، فلهم النصيب الأكبر من الشكر على ما تحملوا وما صبروا في انتظار هذا اليوم المقدس. أيها الأحباء، أجل لقد افتقدنا الرب، وهوذا نحن الآن معكم نتطلع إلى الأمام بعزم ورجاء وفرح وابتسام، على مثال القديس بولس القائل: فلنسع بثبات في الميدان المفتوح أمامنا فلننس ما وراءنا ونمتد إلى ما أمامنا ملتفين حول مطراننا ومحبين له ومعاونين له. أما أنت أيها الأخ المحبوب ميخائيل فإذ نهنئك باسمنا وباسم سينودسنا وباسم كنيستنا وأبرشية بعلبك وباسم الحاضرين، فإن خير ما نقوله لسيادتك في هذه المناسبة المقدسة هو قول القديس بولس الذي يوجهه لكل واحد منا في كل لحظة: تبصر في الخدمة التي تسلمتها في الرب حتى تتمها جيدا . وللقادر أن يثبتنا في الإنجيل وفي بشارة يسوع المسيح [...] لله الحكيم وحده، المجد بيسوع المسيح إلى دهر الداهرين. آمين؟
وكانت كلمة للمطران الجديد شكر فيها للسينودوس الثقة التي اولاه اياها وقداسة البابا الراحل فرنسيس الذي وافق على تسميته وعاهد المؤمنين ان يكون خير راع لخير رعية.وفي الختام تقبل فرحا التهاني في حضور البطريرك العبسي والأساقفة.