اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٤ أب ٢٠٢٥
خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
(2 من 3)
بخصوص الأهداف التي تسعى إسرائيل لتحقيقها في لبنان ضمن ما يسمى باستراتيجية إعادة رسم الحدود الشمالية الجديدة مع لبنان وسورية؛ فيمكن استكمالاً للأهداف والتكتيكات الواردة في مقالة أمس؛ إدراج ما يلي:
أولاً- إلحاقاً بما تم ذكره في مقالة أمس عن تبني تل أبيب 'تكتيك الصبر' (وليس استراتيجية الصبر) مع الساحة اللبنانية في هذه المرحلة، تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا التكتيك يجري مقارنة دائمة للكيفية التي يتفاعل بها الوضع الداخلي في لبنان مع نتائج حرب إسرائيل في العام الماضي وبين الكيفية التي تفاعل بها بعد حرب ٢٠٠٦..
ويتبين للمقارنة الإسرائيلية أن هناك جملة تغييرات حدثت بعد الحرب الأخيرة تظهر أن حزب الله أصبح يعاني من قدر من العزلة السياسية الداخلية وأنه تراجع بما لا يقاس داخل معادلة السلطة في لبنان قياساً بما كان عليه وضعه بعد حرب ال٢٠٠٦.. فبعد تلك الحرب استطاع الحزب وضع فيتو على قرار الحكومة بشأن شبكته اللاسلكية وأسقطها؛ أما اليوم فهو لا يستطيع إبداء أكثر من معارضة صوتية بوجه قراري الحكومة بشأن 'حصرية السلاح' يومي ٥ و٧ آب ٢٠٢٥.
[الغاية من هذا العرض الذي يحاول بشكل أكاديمي وعلمي، دراسة 'كيف تفكر إسرائيل' هو التركيز على أن إسرائيل تعاين بدقة النتائج السياسية وغير السياسية التي تسود اليوم داخل لبنان من جهة والنتائج التي لحقت بحزب الله من جهة ثانية، جراء الحرب الأخيرة؛ وواضح أن إسرائيل تربط بين هذه النتائج وبين ما إذا كان عليها الاستمرار بتبنيها لسياسة 'تكتيك الصبر' مع الساحة اللبنانية؛ فكلما ظهر أن الحزب تتآكل حيوياته داخلياً فإن إسرائيل تكون معنية بالاستمرار بتكتيك الصبر]. التقدير الإسرائيلي في هذه اللحظة وحتى إشعار آخر هو أنه يجب عليها 'اتباع الصبر والحكمة السياسية'؛ وأيضاً 'الحذر' لأن التحولات في مكانة حزب الله السياسية والعسكرية، قد تكون غير عميقة، ولا يمكن بناء استنتاجات عميقة بخصوصها.
ثانياً- هناك ثلاثة أهداف متلازمة لتكتيكات إسرائيل التي تتصف بأنها 'تكتيكات استراتيجية' تعمل على تجسيدها في وقت واحد في هذه المرحلة من سعيها لحصد نتائج مادية لحربها على لبنان؛ وهذه الأهداف الثلاثة هي:
١- التأكد من أن قوة حزب الله تآكلت خاصة – وربما حصراً – على مستوى عدم قدرته على الاستمرار بلعب دور الوكيل العسكري لإيران؛ أي شطب دوره في ما يسمى بحرب الظلال الإيرانية مع إسرائيل (مثلاً اعتبرت تل أبيب أن عدم مشاركة الحزب عسكرياً خلال حرب الأيام ١٢ ضد إيران هو تجسيد عملي ونتيجة مادية تبين نجاح الحرب الإسرائيلية ضد لبنان؛ لأن هذا الهدف (تحييد الحزب من أية حرب مع إيران) كان أحد أبرز أهداف الاستراتيجية لحرب 'سهام الشمال' [إسم حرب إسرائيل على لبنان]؛
٢- التأكد من أن قوة الردع الإسرائيلية تتعزز باضطراد تجاه الساحة اللبنانية؛ وبنظر إسرائيل فإن الدليل على تعزز 'قوة الردع' له معيار أساس وهو عدم الرد على اعتداءاتها)؛
٣- ما تسميه دراسات إسرائيلية 'بتعاظم المعارضة الواسعة الشعبية اللبنانية لعودة الحرب' [تجدر الإشارة هنا إلى أن نسبة مؤيدي الحرب ضد لبنان في إسرائيل مرتفعة؛ وهي أكثر بكثير من نسبة مؤيدي الحرب على غزة].
ثالثاً- التوصية المقدمة الآن للقيادة السياسية الإسرائيلية – حسبما تعكسها دراسات ومقالات إسرائيلية – هي التالية:
'يمكن لإسرائيل الاستمرار في ضرب حزب الله عسكرياً مع تجنب المبالغة بالتصعيد؛ وتعزيز خصومه سياسياً واقتصادياً، عبر تنسيق وثيق مع القوى الدولية والإقليمية. والرهان هو أن تفضي الإدارة الحذرة للقيادة السياسية الإسرائيلية، مع استثمار الأدوات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية معاً، إلى واقع جديد في لبنان يحدّ من نفوذ حزب الله، ويمنح الحكومة اللبنانية مساحة سيطرة أكبر'.
(التتمة في الغد)