اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٧ نيسان ٢٠٢٥
خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
ليس المهم كيف سيقرأ الداخل اللبناني كلام الرئيس نبيه بري الذي أعلن فيه أنه لن يتم تسليم سلاح حزب الله الآن، الخ…؛ بل المهم كيف سيقرأ الخارج وبخاصة واشنطن وباريس (الخ..) هذا الكلام المؤلف بالواقع من ثلاثة جمل سياسية مفيدة:
الجملة السياسية المفيدة الأولى تحتوي عبارة 'الآن'؛ وجاءت ضمن سياق أفاد لن نسلم سلاح المقاومة الآن.
الجملة السياسية المفيدة الثانية تضمن عبارة 'أوراقنا'؛ وجاءت في سياق أفاد أنه لن نسلم أوراقنا بمواجهة إسرائيل. الجملة السياسية الثالثة تضمنت عبارة شروط الاتفاق؛ وجاءت في سياق أن لبنان نفذ شروط الاتفاق بينما إسرائيل لم تفعل ذلك حتى الآن.
ويريد بري القول: لا يزال الاحتلال قائماً ولا تزال إسرائيل تتهرب من تنفيذ اتفاق وقف النار وبالمقابل يجب على لبنان أن يحتفظ بأوراق التفاوض خاصته، وبضمنها سلاح المقاومة حتى يكون لديه قدرة على مقايضة إسرائيل بتحقيق هدف لبنان الأساس وهو إخراجها من أرضه.
في الواقع كلام الرئيس بري يجب قراءته من خلال تسليط الضوء على المصطلحات المفتاحية فيه، وهي أن السلاح هو ورقة للتفاوض على الانسحاب الإسرائيلي الكامل؛ ولا يجوز أن يتخلى لبنان عن أوراقه بمواجهة إسرائيل طالما أنها تحتل أراض لبنانية وطالما أنها لم تلتزم بوقف النار..
والواقع أن الرئيس بري قال جملة سياسية مفيدة رابعة دعا فيها حزب الله ورئيس الجمهورية لحوار..
ضمن هذا السياق يمكن الإقرار بوجود حيوية جديدة على صعيد العلاقة بين الرئيسين الأول والثاني غير مسبوقة لحد بعيد؛ وهي علاقة إيجابية وأبعد من ذلك هي علاقة تحاول بناء مقاومة سياسية رسمية تهدف إلى جعل القرار ١٧٠١ منجاة للبنان وليس كميناً إسرائيلياً للبنان.
.. وفي هذه النقطة سيكون من المهم تسليط الضوء على قضية هامة وهي أن القرار ١٧٠١ منذ ولادته حتى اليوم، كانت عملية تنفيذه بمثابة عملية تتعلق بتوازن القوى وليس ببعده القانوني الصرف. في العام ٢٠٠٦ ولد القرار ١٧٠١ تحت الفصل السادس وليس السابع لأن واشنطن وجدت حينها أنه صار وقت وقف الحرب والذهاب لحل وسط؛ وبين العامين ٢٠٠٦ و٢٠٢٣ تم تنفيذ القرار في جنوب الليطاني على أساس أن اليونيفيل تدعي أن حزب الله غير موجود فوق الأرض ولا يظهر علناً بسلاحه؛ ولذلك قررت التعامل معه على أنه غير موجود في منطقة جنوب الليطاني وأنه نفذ قرار انسحابه منها.. باختصار كانت اليونيفيل فعلياً تتعايش مع حزب الله في جنوب الليطاني كون توازنات القوى كانت تفرض عليها ذلك؛ واليوم ينسحب حزب الله من جنوب الليطاني؛ ومع ذلك ليس فقط لا تنسحب إسرائيل من أراضي لبنان، بل هي تتوغل داحل أراضي لبنان؛ والسبب هو أن إسرائيل تفسر القرار ١٧٠١ حسب موازين القوى وليس وفق بنوده.
وكل ما تقدم يؤشر لأمر واحد وهو أن لبنان معني سياسياً بتحسين موازين القوى حتى يمكنه فرض معادلة عادلة لجهة تنفيذ القرار ١٧٠١ ليس فقط في جنوب الليطاني بل في كل لبنان.. والعدالة هنا تعني أمراً واحداً ووحيداً وهو أن لا يتخلى لبنان عن أوراقه بوجه إسرائيل دون حصوله على مقابل، أقله تحرير الأرض وإعادة البناء.. إن دروس الأمس القريب واليوم علمت لبنان درساً مهماً وهو أن عليه أن لا يركن للوعود الخارجية التي تقول له إفعل أنت أولاً، ونحن نفعل ثانياً؛ بل المطلوب أن يتعامل لبنان مع الخارج وفق معادلة تقول: أعطني بيد وأنا أعطيك بيد!!. وربما هذه هي المعادلة الذهبية التي أظهرها تلميحاً بري خلال كلامه أمس.