اخبار لبنان
موقع كل يوم -النشرة
نشر بتاريخ: ٢٧ أيار ٢٠٢٥
اعتبر رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة أن 'مدينة طرابلس اليوم هي أكثرُ مدينةٍ في لبنان قادرة على لعب دور متجدد، وهي تحتاج إلى رؤية ليس فقط أكبر منها، بل يمكن أن تكون لديها الرؤية التي تحاكي رؤية اللبنانيين المبدعين لما ينبغي أن يكون عليه لبنان، وقد تكون الفرصة متاحة اليوم أكثر من أي وقت مضى، ولا يجوز لنا أن نفرّط بهذه الفرصة'.
وفي كلمة له خلال المؤتمر الوطني 'تمكين لبنان: القوى العاملة المهاجرة والإنعاش الاقتصادي' في الجامعة العربية، لفت السنيورة الى 'الواجب يقتضي منا استنهاض مدينة طرابلس ومنطقة الشمال وإنقاذهما، وتعزيز الأمن والتشديد على استعادة القانون والنظام فيهما، بما يجعلهما جاذبتين ومسهّلتين للأعمال والاستثمارات والمبادرات الجديدة والخلّاقة. كما أنّ الواجب يتطلب منا التشديد مجدداً على أهمية العودة إلى تنفيذ وتحريك كل المشاريع المتوقفة في طرابلس والشمال والتي أعدت سابقا ولم تنفذ أو لم تستكمل، وبعضها لديه التمويل من الصناديق العربية والدولية وبالإمكان إعادة تحريكها'.
وأكد السنيورة اعتزازه بتلبية دعوة جامعة بيروت العربية، للمشاركة في المؤتمر، ولقاء أبناء طرابلس والشمال، للتداول بهدف الإسهام في بناء استراتيجية عملية لاستنهاض منطقة طرابلس والشمال، 'وهي المنطقة القادرة على أن تشكل منطلقاً ومحركاً للتنمية بأبعادها الوطنية والاقتصادية والاجتماعية، لها ولكل لبنان'.
وأشار إلى أنه منذ دخوله العمل السياسي في نهاية عام 1992 إلى جانب الشهيد رفيق الحريري، تركّز اهتمامه على الإصلاح وضرورة تلاؤم لبنان مع المتغيرات والتحولات. واستعاد زيارة رسمية إلى سنغافورة عام 1994 عندما كان وزيراً للمالية، حيث أبلغه نظيره السنغافوري آنذاك أن بلاده أوفدت وفداً إلى لبنان عام 1960 لدراسة تجربته كنموذج للنجاح، في ظل وجود تشابه بين البلدين، وكان الهدف أن تصبح سنغافورة 'لبنان الشرق الأقصى'.
كما روى السنيورة أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حدّث الحريري عن حلمه في شبابه أن تكون دبي مثل بيروت، مضيفاً أن ازدهار لبنان في مرحلة سابقة انطلق من قدرته على استثمار ميزاته التفاضلية، ومنها النظام الديمقراطي البرلماني، والانفتاح، والاستقرار، والتعليم، وكفاءة أبنائه، والدور الحيوي للقطاع الخاص.
وأوضح أن لبنان كان بمثابة جسر بين منطقته والعالم، ونجح في لعب دور فاعل في المنطقة العربية ودول المهجر. إلا أن لبنان، بحسب السنيورة، لم يحصّن نفسه من الصدمات، وانغمس في الحروب العبثية والصراعات، وفشل في تحويل تنوعه إلى نقطة قوة، بل أصبح هذا التنوع سبباً في الانقسام والتراجع والانغلاق والفوضى، ما أدى إلى تراجع دور الدولة وسلطتها.
ولفت إلى أن لبنان استعصى على الإصلاح منذ عام 1975، وأن محاولات التحديث أُجهضت بفعل الأزمات المتلاحقة. وأكد أن الإصلاح ليس شعاراً بل ضرورة، وأنه يتطلب إرادة سياسية وشعبية، وهو 'كأس مرّ لا بد من تجرعه'، محذراً من أن تأخير الإصلاح يزيد كلفته ويصعّب تنفيذه.
وشدد السنيورة على أن الإصلاح يجب أن يكون شاملاً، ويجمع بين الإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي والإداري، لتحقيق الاستقرار والتنمية، معتبراً أن لبنان أهدر العديد من الفرص، ومنها مؤتمرات الدعم العربية والدولية والمساعدات، بسبب عدم تنفيذ الإصلاحات.
ورأى أن التأخر في الإصلاح كبّل الاقتصاد اللبناني وقلّص تنافسيته، وأدى إلى أعباء كبيرة على المالية العامة. وأضاف: 'ما زال بالإمكان تنفيذ الإصلاح، وهو ليس ترفاً بل مسألة حياة أو موت للبنان'.
وسأل السنيورة: 'هل نحن قادرون على مساعدة أنفسنا؟ وهل نريد فعلاً الإصلاح؟'، مجيباً: 'أعتقد أننا نريد ونستطيع، خصوصاً مع انطلاق عهد جديد يرتكز إلى خطاب قسم واعد وبيان وزاري متقدم'.
وختم مؤكداً أن المطلوب اليوم هو إعادة تكوين ميزات لبنان التفاضلية بشكل حديث، واستعادة دور الدولة، والعودة إلى احترام الدستور، واعتماد سياسات جاذبة للاستثمار، معتبراً أن 'الإصلاح ليس مفروضاً من الخارج، بل هو حاجة وطنية ملحّة'.