لايف ستايل
موقع كل يوم -فوشيا
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
يصادف الثلاثاء 27 مايو/أيار من كل عام ذكرى ولادة عبد الرحمن بن محمد بن خلدون في تونس، فهو من مواليد هذا اليوم العام 1332، ليصبح أحد أعظم المفكرين في تاريخ البشرية.
يُعتبر ابن خلدون مؤسسًا لعلم الاجتماع ومؤرخًا وفيلسوفًا، وقد ترك بصمة لا تمحى في مجالات: التاريخ، والاجتماع، والسياسة، والاقتصاد.
مؤسس علم الاجتماع وفيلسوف التاريخ
ابن خلدون هو أول من وضع أسس علم الاجتماع، قبل أن يصبح مجالًا مستقلاً في العصر الحديث. فقد فسر الظواهر الاجتماعية من منظور علمي بعيد عن الأساطير والخرافات، واعتمد على الملاحظة والتحليل في دراسة نشوء الحضارات وتطورها. وأشار إلى أن المجتمع يخضع لدورات طبيعية من النشوء والازدهار ثم السقوط، وهو مفهوم قريب من نظريات التغير الاجتماعي الحديثة.
أحد أبرز إسهامات ابن خلدون هو مفهوم 'العصبية'، الذي يصفه بأنه الرابط الذي يجمع الأفراد داخل القبائل والمجتمعات، مما يسهم في قوتها السياسية والاجتماعية.
ويرى ابن خلدون أن العصبية القوية هي التي تؤدي إلى قيام الدول، لكنها تبدأ في الضعف عندما يتحول الحكام إلى حياة الترف، مما يؤدي إلى انهيار الدولة وسقوطها في النهاية.
'المقدمة'.. موسوعة فكرية متقدمة
ألف ابن خلدون كتابه 'المقدمة' العام 1377م، الذي يُعد موسوعة فكرية تناولت مختلف ميادين المعرفة من: الشريعة، والتاريخ، والجغرافيا، والاقتصاد، والعمران، والاجتماع، والسياسة، والطب.
واعتُبرت المقدمة، لاحقًا، مؤلفًا منفصلًا ذا طابع موسوعي، حيث تناول فيها أحوال البشر، واختلافات طبائعهم، والبيئة وأثرها في الإنسان. كما تناول بالدراسة تطور الأمم والشعوب، ونشوء الدولة، وأسباب انهيارها، مركزًا في تفسير ذلك على مفهوم العصبية.
تأثيره في الفكر العالمي
لم تقتصر أفكار ابن خلدون على عصره، بل امتدت لتؤثر على العديد من الفلاسفة والمفكرين الأوروبيين، مثل: ميكافيلي، وفيكو، وأوجست كونت، الذين استفادوا من نظرياته في تطوير علوم الاجتماع والسياسة.
ابن خلدون ليس مجرد مؤرخ أو فيلسوف، بل هو رائد حقيقي في مجال العلوم الاجتماعية، استطاع أن يقدم تحليلات متقدمة عن المجتمع الإنساني ما زالت تُطبق حتى اليوم.
إن تراثه الفكري يعد منجمًا غنيًا للباحثين في مختلف التخصصات، مما يجعله أحد أعظم العقول في التاريخ البشري.
حياة مليئة بالتنقل والتجارب
عاش ابن خلدون حياة مضطربة، لم ينعم فيها بالهدوء والاستقرار، إذ 'كان كثير التنقل كالظّل'، كما كتب عنه السلطان المغربي مولاي زيدان آنذاك. فقد قضى في ترحاله الجغرافي 24 سنة في تونس، و26 سنة متنقلاً بين أرجاء المغرب والأندلس، و24 سنة في مصر والشام والحجاز. وقد تقلب في مراكز الحكم والسلطان، وعرف المجد والشهرة، وابتُلي بالسجن، والنفي، والتشريد، وذاق مرارة الاغتراب.
ذكرى ميلاده
تمر اليوم الذكرى الـ693 لميلاد ابن خلدون، وتُحيي الأوساط العلمية والفكرية هذه المناسبة سنويًا، حيث تُنظم فعاليات ومحاضرات تسلط الضوء على إسهاماته الفكرية، وأثره في مختلف المجالات.