اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ١٠ أيار ٢٠٢٥
على وقع ما جرى أخيراً من غارات 'إسرائيلية' على بلدة النبطية، بحجّة تدمير سلاح حزب الله الموجود في أماكن عديدة فيها، يتوقّع أن تعود نائبة المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس الى لبنان والمنطقة خلال أيّار الجاري، لبحث مسألة وقف الأعمال العدائية، وتنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله و'إسرائيل'، وصولاً الى بدء الحديث الجدّي عن مسألة ترسيم أو'تثبيت' الحدود البريّة، بعد تنفيذ 'إسرائيل' انسحابها من الأراضي اللبنانية المحتلّة.
في الوقت نفسه، يجري الحديث عن أنّ السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون تضغط على المسؤولين اللبنانيين، تحضيراً لزيارة أورتاغوس، لحثّهم على توقيع إتفاقية بحرية مع قبرص، تستند الى الإتفاق الذي جرى توقيعه في 17/01/2007 خلال فترة تولّي فؤاد السنيورة رئاسة مجلس الوزراء في فترة الفراغ الرئاسي، كون هذا الترسيم من وجهة النظر الأميركية يجب أن يحصل قبل الذهاب الى المفاوضات لترسيم الحدود البريّة بين لبنان و'إسرائيل'.
ورغم الأخطاء الفادحة التي شابت هذه الإتفاقية في حينه، عاد رئيس الجمهورية ميشال عون وتبنّى النقاط البحرية في هذه الإتفاقية، عندما تمّ تجهيز المرسوم رقم 6433 الشهير الصادر في 2/10/2011. وكانت أهمية هذا المرسوم، على ما يقول السفير الدكتور بسّام النعماني، الخبير في قضايا'الإسرائيلي' من النقطة 25 (أي خط هوف) إلى النقطة 23. ولكنه أبقى الإحداثيات المتفق عليها مع قبرص كما هي بدون تعديل. ثم عادت قيادة الجيش بعد دراسات فنية وقانونية، فاقترحت تعديل المرسوم بحيث يتمّ دفع النقطة الفاصلة من الخط 23 إلى الخط 29 وإبلاغ ذلك إلى الأمم المتحدة. إلا أنّ الرئيس عون حينذاك إرتأى عدم تعديل المرسوم، والعودة إلى المطالبة بالنقطة 23.
ويخفى على الكثيرين، على ما يُضيف النعماني، بأنّ'إسرائيل' وقّعت على إتفاقية بحرية مع قبرص في 17/12/2010 ، والتي تُحدّد الحدود البحرية الفاصلة بين 'إسرائيل' وقبرص من النقطة 1 إلى 12. وهذا يعني أنّ قبرص تعتبر النقاط 23 أو 25 أو 29، بأنّها كلّها تقع ضمن المنطقة البحرية 'الإسرائيلية'. وقبرص و'إسرئيل' وحتى يومنا هذا لم تُعدّل هذه الإتفاقية بينهما، لكي تُقرّ وتوافق على أنّ النقطة 23 هي لبنانية، والتي تكرّست بموجب إتفاق الترسيم البحري بين لبنان و'إسرائيل'، الذي أنجزه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين بتاريخ 27/10/2022. ونسمع همهمات'إسرائيلية' من وقت لآخر بأنّ هوكشتاين كان مجحفاً، وهم يريدون مرة أخرى دفع النقطة الفاصلة مع لبنان إلى النقطة 1 ،التي سبق أن اتفقوا مع قبرص عليها.
وأما الإتفاق القبرصي- اللبناني الشهير الذكر، على ما يلفت السفير النعماني، فقد أقرّ أيضاً بأنّ النقطة الفاصلة هي الرقم 1. أي أنه كان يتبنّى المطلب 'الإسرائيلي' الأصلي من حيث لا يدري !!! ولزيادة الطين بلّة، فإنّ هذا الإتفاق، والتي تطالبنا السفيرة جونسون اليوم بإقراره، ينتهي عند النقطة 6. بينما المرسوم 6433 يُحدّد بأن النقطة الشمالية الثلاثية الفاصلة بين الدول الثلاث: سوريا ولبنان وقبرص، هي النقطة 7. وهذا يعني بأنّ قبرص لم تقتطع المنطقة البحرية بيننا وبينها فقط، وإنما اقتطعت المنطقة بيننا وبين سوريا!!!
ومسك الختام، وفق النعماني، هو أنّ إتفاق هوكشتاين، الذي ألمح بعض المسؤولين 'الإسرائيليين' في فترة سابقة الى أنّهم يودّون تعديله، قد حدّد فقط 4 نقاط إحداثية فاصلة بين لبنان و'إسرائيل' وهي 20، و21، و22، و23، وأغفل تماماً ذكر نقطتي المياه الإقليمية واللتين ورد ذكرهما في المرسوم 6433 ، وهما النقطتان 18، و19 ،وهما ما يدرج على تسميتهما اليوم بخط الطفافات (العوّامات) أو منطقة الناقورة البحرية. فهل تنتبه الدولة إلى هذا الأمر قبل الذهاب الى توقيع إتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص؟
من هنا، يجب أن تؤدّي الإتفاقية الجديدة مع قبرص، على ما يشرح النعماني الى تغيير في الإحداثيات مع 'إسرائيل'، وبالتالي الى تغيير في اتفاقية هوكشتاين. كما يجب على القبارصة والإسرائيليين إعادة التفاوض على اتفاقهم المتبادل. وينطبق الشيء نفسه في الشمال مع سوريا وقبرص، لأنّ سوريا اعترضت على إعلان لبنان. فكيف يمكننا إذاً الاتفاق على نقطة مشتركة مع قبرص ثنائياً في أقصى نقطة شمالية لها... إذا كان السوريون يعترضون على تلك النقطة اللبنانية -القبرصية؟ الأمر الذي يستلزم عدم الإستسلام للمطالب الأميركية بشكل أعمى، من دون العودة الى مشورة الخبراء.