اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ٢٣ أيار ٢٠٢٥
تُعد الرئتان من أهم أعضاء الجسم الحيوية، فهي المسؤولة عن تبادل الغازات وإمداد الجسم بالأوكسجين اللازم لوظائفه الحيوية. ولكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن للرئتين جهازًا مناعيًا خاصًا بها، يعمل على التصدي للفيروسات والبكتيريا والملوثات الهوائية التي تدخل عبر التنفس. وعندما تضعف مناعية الرئتين، تصبح عُرضة للإصابة بعدد من الأمراض التنفسية الخطيرة، وقد ينعكس ذلك على صحة الجسم بأكمله.
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ضعف مناعة الرئتين، ويأتي في مقدمتها التدخين، سواء الإيجابي أو السلبي. إذ يُعدّ استنشاق الدخان عاملاً مباشرًا في تدمير الخلايا المناعية في الشعب الهوائية، ويؤثر على نشاط الأهداب التي تطرد الملوثات من مجرى التنفس. كما تلعب الملوثات البيئية، مثل عوادم السيارات والغبار الصناعي والمبيدات الحشرية، دورًا كبيرًا في إنهاك الجهاز المناعي التنفسي.
بالإضافة إلى ذلك، يسهم ضعف التغذية وعدم الحصول على كميات كافية من الفيتامينات، وخصوصًا فيتامين C وD، في إضعاف الخلايا المناعية داخل الرئة. كما يمكن أن تساهم بعض الأمراض المزمنة، مثل السكري وأمراض القلب، في تقليل كفاءة الجهاز المناعي بشكل عام، بما في ذلك مناعة الرئتين.
إن ضعف مناعة الرئتين لا يقتصر أثره على تعرض الفرد لنزلات البرد أو الإنفلونزا، بل يتعداه إلى احتمالية الإصابة بالتهابات رئوية حادة، وتفاقم أمراض مزمنة مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD). كما أن الرئة الضعيفة لا تقاوم العدوى بنفس الكفاءة، ما يجعل المريض أكثر عرضة للعدوى المتكررة، والتي قد تؤدي إلى تلف أنسجة الرئة بشكل دائم.
ومن التداعيات الخطيرة أيضًا تراجع القدرة التنفسية واللياقة البدنية، مما يُضعف جودة الحياة بشكل عام. وقد يُصاب بعض الأشخاص بحالات خطرة عند التعرض لفيروسات مثل الإنفلونزا الموسمية أو كوفيد-19، حيث لا تستطيع الرئة الضعيفة التصدي للفيروس بشكل فعّال، مما يؤدي إلى تدهور سريع في الحالة الصحية.
هذا وتتفاوت قدرة الجهاز المناعي للرئتين من شخص إلى آخر، لكن هناك فئات تُعد أكثر عرضة للإصابة بهذا الضعف. من بينها كبار السن، الذين تتراجع وظائف أجسامهم تدريجيًا، بما في ذلك الجهاز التنفسي والمناعي. كما يُعد المدخنون، سواء الحاليون أو السابقون، من أكثر الفئات عرضة، بسبب الأثر التراكمي للنيكوتين والمواد السامة في تدمير الخلايا المناعية.
ولا يمكن إغفال الأطفال، الذين لا تزال أجهزتهم المناعية في طور النمو، مما يجعلهم أكثر حساسية للملوثات والأمراض التنفسية. كذلك، يُعد الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة أو من يتناولون أدوية مثبطة للمناعة – مثل مرضى السرطان أو مرضى زرع الأعضاء – من بين الفئات ذات الخطورة العالية.
لحسن الحظ، يمكن تقوية مناعة الرئتين من خلال خطوات بسيطة وفعالة، تبدأ بالتوقف عن التدخين وتجنّب التعرض للدخان السلبي. كما يُنصح بممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وخصوصًا تمارين التنفس الهوائية، مثل المشي والسباحة، التي تعزز قدرة الرئتين على التنفس بعمق وطرد السموم.
إنّ التغذية الصحية الغنية بالفيتامينات، خصوصًا الخضر والفواكه الطازجة، تساهم أيضًا في دعم جهاز المناعة. كما أن الحفاظ على نظافة البيئة الداخلية، مثل تهوية المنزل وتجنب استخدام المعطرات الكيميائية والمبيدات، يعزز صحة الجهاز التنفسي.