اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٥ تموز ٢٠٢٥
بعد أربع وعشرين ساعة على مغادرة الموفد الأميركي توم باراك بيروت، مخلفاً وراءه موجات من القلق والإحباط في الأوساط اللبنانية، بسبب التحذيرات التي أطلقها في حال هدر لبنان الفرصة الذهبية المتاحة للخروج من حالة المراوحة والشلل الإقتصادي، أطلق تقرير جديد للأمم المتحدة إنذاراً شديد اللهجة من مخاطر بقاء لبنان يتخبط في أزماته المتراكمة، في حال الفشل في وضع وتنفيذ خطة للتعافي الشامل، تأخذ بالإعتبار الأولويات التي حددها بيان الحكومة السلامية، وبدأت بإنجاز خطوات إصلاحية جدّية منها رغم ظروف البلد الصعبة، والتي تتطلب التجاوب مع متطلبات الدول المانحة، بضرورة حصر السلاح مع المؤسسات الأمنية الشرعية، وبقاء قرار الحرب والسلم بيد الدولة.
لقد وجّه التقرير الذي حمل عنوان: «الآثار الإجتماعية والإقتصادية لحرب ٢٠٢٤ على لبنان»، إنتقادات غير مباشرة للمبالغات التي حفلت بها بعض التوقعات بتحقيق نسبة نمو تصل إلى ٨.٢ بالمئة عام ٢٠٢٦، و٧.١ بالمئة عام ٢٠٢٧، لأنه في حال تنفيذ كامل الإصلاحات الضرورية، سيبقى الناتج المحلي أدنى بنسبة ٨.٤ بالمئة من ذروته في عام ٢٠١٧ البالغة ٥١.١ مليار دولار.
ويسلط التقرير الضوء على نتائج «حرب الإسناد»، منذ ٨ تشرين الأول ٢٠٢٣، وتطورها إلى حرب مدمرة في أيلول ٢٠٢٤، وما سببته من تداعيات دراماتيكية على الوضع اللبناني الذي يعاني أصلاً من أزمات متعددة الأبعاد عصفت به منذ عام ٢٠١٩، إثر حصول الإنهيار المالي في البلاد.
ويكفي أن نقرأ الأرقام المخيفة التي أوردها التقرير الأممي عن بعض الخسائر البشرية والعمرانية والمادية الناتجة عن الحرب، حيث تم تهجير أكثر من ١.٢ مليون شخص، وتعرض نحو ٦٤ ألف مبنى للدمار أو الضرر، وتوقف التعليم لمئات الآلاف من الطلاب، وتضررت بشكل غير مباشر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل٩٠ بالمئة من الإقتصاد اللبناني، إذ أغلقت ١٥ بالمئة منها بشكل كامل، وعلقت ٧٥ بالمئة منها نشاطها خلال الحرب، وخسرت نحو ٣٠ بالمئة منها كامل القوى العاملة، وفي المناطق الأكثر تضرراً بالقصف أجبرت ٧٠ بالمئة من المؤسسات على الإغلاق التام. يُضاف إلى كل ذلك أن الإقتصاد اللبناني إنكمش بنسبة ٣٨ بالمئة بين عامي ٢٠١٩ و٢٠٢٤. وتراجع مستوى التنمية البشرية إلى مستويات عام ٢٠١٠، ما يمثل تراجعاً بمقدار ١٤ عاماً نتيجة التخبط المستمر في دوامة الأزمات الراهنة.
هذا التقرير الذي شارك في إعداده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولجنة الأمم المتحدة الإقتصادية لغرب آسيا (الأسكوا)، بالتعاون مع منظمة اليونسيف ومنظمة العمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، تتجاوز أهميته بالنسبة للأكثرية الساحقة من اللبنانيين، مدلولات الأرقام الواردة فيه، إلى كشف الغيوم السوداء المحيطة بالأفق اللبناني، في حال لم تحزم الدولة أمرها، وتنهي ملف السلاح وتمسك بقرار الحرب والسلم، حتى تستعيد الثقة من الدول المانحة والمؤسسات الدولية، وتفتح أبواب المساعدات في أسرع وقت ممكن.
ماعدا ذلك من زبد الثرثرات الكلامية والخطابات الشعبوية فيذهب جفاء، وأما ما ينفع البلاد والعباد فيتطلب المزيد من التعقل والتبصر في إعتماد الواقعية السياسية، والذهاب إلى ما يُنقذ «لبنان الذي يقف على مفترق خطر»، كما قالت الديبلوماسية بليرتا أليكو، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان .