اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ١٥ أيار ٢٠٢٥
كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في 'الراي' الكويتية:
شكّلتُ الإحاطةُ المزدوجةُ الأميركيةُ والسعودية بالوضع اللبناني خلال الزيارة التاريخية للرئيس دونالد ترامب للرياض والقمة «ما فوق عادية» التي عُقدت أمس مع قادة دول الخليج، إشارةً متقدّمةً للغاية لحجم الاهتمام الخارجي الذي تحظى به «بلاد الأرز» ويَبقى تطويرُه إلى رعايةِ دعْمٍ عملي ومباشر، رهنَ مسارٍ يقع القسمُ الأكبر منه على عاتق بيروت ويتمحور بالدرجة الأولى حول قيام الدولة وحصْر السلاح بيدها.
فمن خطاب ترامب أمام منتدى الاستثمار السعودي – الأميركي (الثلاثاء)، إلى مواقفه أمس في القمة الأميركية – الخليجية، وكلمة وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، تَكَرَّست مكانة لبنان على خريطة أولويات واشنطن، التي استعادت منذ انتخاب رئيسها الحالي – السابق راية زعامة العالم، والرياض التي باتت في موقع القيادة إقليمياً، من ضمن عمليةٍ «تأسيسية» لشرقٍ جديد «حديثٍ» ويعمّه السلام.
لكن بين سطور المواقف المتعلّقة بلبنان، ارتسم ما يُنتظر من سلطاته على صعيد الاستفادة مما وَصَفَه ترامب «الفرصة التي تأتي مرةً في العمر ليكون مزدهراً وفي سلام مع جيرانه» و«التحرّر من قبضة حزب الله»، بالتوازي مع إبدائه الثقة بأن «بإمكان الرئيس اللبناني جوزف عون ورئيس الوزراء نواف سلام بناء دولة جديدة»، ليُكمل محمد بن سلمان الصورةَ بتأكيده «ندعم الجهود التي يقودها الرئيس اللبناني والحكومة لإصلاح المؤسسات وحصر السلاح بيد الدولة والمحافظة على سيادة لبنان وسلامته».
واعتُبر هذان الموقفان بمثابة تذكيرٍ للبنان الرسمي بمسؤولياته في المضيّ بتنفيذ تعهداته التي وردت في خطاب القسَم لعون أو البيان الوزاري لحكومة سلام والتي تنسجم في جوهرها مع مندرجاتِ اتفاق وقف النار مع اسرائيل والقرار 1701، والتي باتت أكثر إلحاحاً مع التحوّل النوعي الذي شكّله اعتماد ترامب «التوقيت السعودي» لرفْع العقوبات عن سورية بناء على طلب محمد بن سلمان وبما ثبّت الدورَ الوازنَ للرياض في الملف السوري بكليّته، هي التي تحوّلت قبل أسابيع «عرّابة» دفْع عرَبة العلاقات بين بيروت ودمشق إلى مرحلةِ تفكيك النقاط العالقة ولا سيما في موضوع الحدود البرية بمختلف أبعادها (تحديدها، ضبْطها…) قبل أن تزوّد فرنسا «بلاد الأرز» بالوثائق والخرائط من أرشيفها للمساعدة في «الترسيم النهائي» على قاعدة تأكيد سيادة كل من البلدين ضمن حدودٍ معترَف بها.
وفي موازاة كلام ترامب مرّتين عن لبنان، أمس وقبْله، لم يكن ممكناً استشراف هل سيكون في وارد الضغط على تل أبيب لتنسحب من التلال الخمس التي ما زالت تحتلها في الجنوب اللبناني، كمدخلٍ لمساعدة عون في مَسار «حلٍّ بالحوار» لمسألة سلاح «حزب الله» في شمال الليطاني أي عبر تسليف لبنان الرسمي «نصراً بالدبلوماسية» يعزّز عملية حصْرَ السلاح تحت سقف الاستقرار الذي يَحرص عليه الخارج، أم أن غياب اسرائيل المدوّي عن المشهدية الاستثنائية التي تتنقّل بين الرياض والدوحة وأبوظبي وصولاً إلى أنقرة، وإعلاء الرئيس الأميركي الرغبة السعودية على طلب بنيامين نتنياهو عدم رفع العقوبات عن سورية سيجعل الأخير يتشدّد حيال الحزب ومطلب «سحب السلاح أولاً».
واستوقف أوساطاً سياسية، أن كلام ترامب عن لبنان أمام منتدى الاستثمار السعودي – الأميركي جاء في الفقرة نفسها التي زفّ فيها حدَث رَفْعِ العقوبات عن سورية، وتحديداً بعد دقيقتين أعلن خلالهما أن «لبنان بدأ يخرج من كوابيسه»، وقال «صديق لي سيكون سفير (الولايات المتحدة) هناك، وقلتُ له إن ذلك قد يكون خطيراً، ولكنه أجابني: لقد وُلدت في لبنان وإذا أًصبتُ أو متُ سكون ذلك من أجل بلد أحبه». وأضاف «فظيع ما حلّ بلبنان الذي كان ضحية إلى ما لا نهاية لحزب الله وراعيته إيران. وقد جَلَبَ رئيسا الجمهورية والحكومة فرصة هي الأولى منذ عقود لشراكة أكثر إنتاجية بين لبنان والولايات المتحدة، وسنعمل مع سفيرنا الجديد وجميع الآخرين، وسنرى كيف يمكن مساعدة لبنان كي يتجاوز التعقيدات الكبيرة. وإدارتي مستعدة لمساعدة هذا البلد على بناء مستقبل يقوم على التنمية الاقتصادية والسلام مع جيرانه».
وكان ترامب أطلّ قبلها أيضاً على لبنان في معرض «الجردة» بالأدوار «التدميرية» لإيران في المنطقة «فحزب الله وكيل إيران دمّر آمال لبنان الدولة التي كانت عاصمتها بيروت تسمى باريس الشرق الأوسط، هل تتخيلون كل هذا البؤس الذي جلبه الحزب للبنان؟ كان بوسعنا تفادي ذلك (…)».
أورتاغوس
ولم يكن عابراً أن تصف الموفدة الأميركية إلى لبنان مورغان أورتاغوس زيارة ترامب للرياض بأنها «تاريخية»، معتبرة أن الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي «هما على طريق تغيير المنطقة معاً، وهذه فرصة لا تتكرر إلا مرة في كل جيل مع هذين القائدين»، وهو الموقف الذي تم التعاطي معه على أنه يؤشر إلى الانعكاسات التلقائية لتوغل العلاقات الأميركية – السعودية في شراكةٍ استراتيجية شاملة على لبنان الذي نَجَحَ منذ بداية عهود عون في «معاودة الربط» مع دول الخليج التي زارها من بوابة السعودية وكانت آخر محطاته فيها بالكويت، والتي أعلنت ما يشبه «جاهزون للمساعدة وننتظر المزيد من الخطوات لنلاقيكم في منتصف الطريق».
ترحيب لبناني
وقد حرص لبنان على الترحيب الكبير بقرار ترامب رفع العقوبات عن سورية بناء على المسعى السعودي، وسط ترقُّب انعكاساتٍ إيجابيةٍ – على المستوى الاقتصادي خصوصاً – على «بلاد الأرز»، بما في ذلك ملف استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن لزوم الحد من أزمة التغذية بالتيار الكهربائي والذي كانت «بنيته التحتية» أنجزتْ سابقاً ولكن حال دون ترجمته «قانون قيصر».
وأعرب رئيس الجمهورية عن «ترحيبه الكبير بإعلان الرئيس دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا وذلك بمسعى مشكور من سمو ولي العهد في المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان»، متمنياً «ان يكون هذا القرار الشجاع خطوة أخرى على طريق استعادة سورية لعافيتها واستقرارها بما ينعكس خيراً على لبنان وكل منطقتنا وشعوبها».
كما رحّب سلام بقرار ترامب، وتَقَدَّمَ من سوريا «دولة وشعباً بالتهنئة على هذا القرار الذي يشكل فرصة للنهوض»، مشيراً إلى «أن هذا القرار ستكون له انعكاسات إيجابية على لبنان وعموم المنطقة». وشكر «المملكة العربية السعودية على مبادرتها وجهودها في هذا الإطار».