اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ٣ أيار ٢٠٢٥
تعتبر الدوخة شعورًا شائعًا يمر به كثيرون في مراحل مختلفة من حياتهم، وغالبًا ما يكون عارضًا عابرًا لا يشير إلى مشكلة صحية خطرة. ومع ذلك، هناك حالات يمكن أن تتحوّل فيها الدوخة إلى علامة إنذار على حدوث اضطراب جسدي أو دماغي يحتاج إلى تقييم فوري. يبدأ الموضوع بفهم معنى الدوخة وأنواعها، ثم التعرف الى الظروف التي تحوّلها من عارض بسيط إلى حالة طارئة تستلزم طلب المساعدة الطبية.
أوّلًا، يجب التمييز بين الدوخة الحسية الخفيفة، التي يشعر فيها الشخص بأن رأسه «فارغ» أو أنه على وشك السقوط، والدوار الحركي (الدوار الدائري) الذي يرى فيه المريض الأشياء تدور من حوله. الدوار الخفيف غالبًا ما ينتج من انخفاض مؤقت في ضغط الدم أو انغلاق الأذن أو تغيير وضعية الجسم بسرعة، ولا يستدعي قلقًا كبيرًا إذا اختفى خلال دقائق قليلة. أما الدوار الحركي فيمكن أن يكون ناجمًا عن اضطراب في الأذن الداخلية أو العصب الدهليزي، أو مشاكل في الجهاز العصبي المركزي.
ثانيًا، هناك علامات 'حمراء' تدل على أن الدوخة قد تكون خطرة ويجب حينها التوجه إلى الطبيب أو غرفة الطوارئ فورًا. من أهم هذه العلامات: حدوث ضعف أو خدر مفاجئ في جانب واحد من الجسم، صعوبة في الكلام أو رؤية مزدوجة، صداع حاد مفاجئ يختلف عن الصداع المعتاد، فقدان التوازن الشديد مع الميل للسقوط، أو ظهور غثيان وقيء متكرر لا يزول. كما يجب الانتباه إلى الدوخة المصاحبة لألم في الصدر أو ضيق في التنفس، فقد تشير إلى مشكلة في القلب أو إصابة قلبية حادة.
ثالثًا، يؤخذ في الاعتبار التاريخ المرضي للمريض. فالأشخاص الذين يعانون تاريخيًا من ارتفاع ضغط الدم أو داء السكري أو أمراض الأوعية الدموية أو اضطرابات القلب هم أكثر عرضة للإصابة بسكتة دماغية أو نقص في التروية الدماغية العابرة، ما يجعل دوختهم أكثر خطورة. كذلك، فإن تناول أدوية خافضة للضغط أو مميعات الدم قد يزيد من احتمالية حدوث انخفاض حاد في ضغط الدم أو نزف دماغي، فينبغي مراجعة الجرعات أو نوع الدواء مع الطبيب عند ملاحظة دوخة متكررة.
رابعًا، يشمل التقييم الطبي للدوخة إجراء فحص سريري كامل يتضمن قياسًا لضغط الدم أثناء الوقوف والجلوس، فحصًا للعصب الدهليزي وحركة العين، وأحيانًا فحوصًا معملية للتأكد من عدم وجود اضطراب في السكر أو الأملاح. وقد يستدعي الأمر إجراء تخطيط قلب (ECG) أو تصوير بالرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية للدماغ في حال الاشتباه بسكتة دماغية أو ورم.
ختامًا، تتنوع العلاجات باختلاف المسبب؛ فتعديل الأدوية أو النظام الغذائي وممارسة تمارين إعادة تأهيل التوازن قد ينهي الدوخة المرتبطة بقصور الدورة الدموية أو اضطراب الأذن الداخلية. وفي الحالات الخطرة مثل الأزمات القلبية أو السكتات الدماغية، يتدخل الأطباء بشكل عاجل لتثبيت الحالة وتجنب المضاعفات. تبقى الوقاية مبنية على المتابعة الدورية للضغط والسكري، وتجنب التغيرات المفاجئة في وضعية الجسم، واستشارة الطبيب عند أول علامة غير معتادة للدوخة. بهذا التصور الشامل، يمكن للمريض والمختص التعرف الى متى تكون الدوخة عرضًا عابرًا ومتى تتحول إلى خطر يستدعي التدخل الفوري.