اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
خاص الهديل…
قهرمان مصطفى…
تشهد المواقف الأوروبية تغيّراً واضحاً إزاء الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، وهو تحول لافت يمكن ملاحظته بوضوح بعد موقف بريطانيا التي أعلنت عن تعليق مفاوضاتها حول اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، بالإضافة إلى فرض عقوبات على أفراد ومنظمات تدعم الاستيطان في الضفة الغربية؛ كما جاء البيان المشترك بين بريطانيا وفرنسا وكندا بلهجة حازمة، ملوّحاً بإجراءات صارمة في حال لم توقف إسرائيل هجومها على غزة ورفعت القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية.
وعليه، تبرز أمام الفلسطينيين والعرب فرصة استثنائية ينبغي استغلالها بفعالية، وذلك عبر تعزيز مواقفهم السياسية وتفعيل أوراق الضغط التي بحوزتهم. فبدلاً من الاكتفاء بالمواقف التقليدية القائمة على قوة الحجة والمنطق، لا بد من التحول إلى ممارسة ضغوط فعلية تردع إسرائيل التي تشن حرباً مدمرة ترتكب خلالها فظائع بحق الفلسطينيين. فهل يعقل أن تكون الدول الأوروبية مثل بريطانيا وإسبانيا أكثر حرصاً على القضية الفلسطينية من الدول العربية نفسها؟
هذه الحقيقة ليست خافية على أحد، فالأمة العربية والإسلامية التي طالما اعتبرت القضية الفلسطينية أولوية مركزية، تمتلك اليوم أوراق قوة مؤثرة يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في وقف العدوان الإسرائيلي، وفرض تغيرات على سياسات قادة مثل نتنياهو وحتى ترامب فيما يخص قطاع غزة. فمن غير المعقول أن تُعلّق بريطانيا تعاملاتها التجارية مع إسرائيل بينما تبقى الدول العربية غير مبالية أو مترددة في اتخاذ خطوات مماثلة أو موازية.
الأمر الأهم هنا هو أن تُستثمر هذه الفرصة التي يخلقها التحول الأوروبي، خاصة في ظل الصمت النسبي للرئيس الأمريكي ترامب تجاه الموقف الأوروبي الجديد، والذي يحمل في طياته مؤشرات على إعادة نظر في السياسات الإسرائيلية في المنطقة؛ فالاحتلال الإسرائيلي، بممارساته التوسعية ومخططاته الصهيونية، لا يهدد أوروبا بقدر ما يهدد العرب، الذين يجب أن يكونوا أكثر وعياً وحسماً في مواجهة هذا التحدي.
من هنا، تأتي الحاجة الملحة إلى تكاتف عربي وإسلامي متكامل يُترجم إلى تحرك سياسي ودبلوماسي واقتصادي فاعل، قادر على حماية المنطقة من عبث الاحتلال الذي يستغل غياب رد الفعل العربي ليواصل عدوانه المتصاعد في غزة والضفة الغربية، وحتى في دول الجوار كلبنان وسوريا.