اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
من الواضح أن رئيس الجمهورية جوزاف عون يسعى جاهدًا إلى إعادة ترميم علاقات لبنان العربية، وإعادة وضعه على سكة الأخوة والتعاون مع محيطه العربي. فبيْن استقبال وفدٍ إماراتي رفيع المستوى في بيروت، وتحضيرٍ لزيارة رسمية إلى بغداد للقاء المرجعية الدينية العليا والرئاسة العراقية، تتّضح ملامح سياسة جديدة تهدف إلى تلميع صورة لبنان الرسمي وإعادة الاعتبار لدوره العربي من بوابة التفاهم والتنسيق.
لقاء إماراتي – لبناني: ترجمة للعلاقات المتينة
بحسب صحيفة “الشرق”، استقبل الرئيس جوزاف عون وفدًا إماراتيًا رسميًا برئاسة وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي عبد الله ناصر لوتاه، في إطار ترجمة نتائج القمة اللبنانية – الإماراتية التي عقدت في أبو ظبي قبل أسابيع. وقد شدّد عون في مستهل اللقاء على “الاهتمام الكبير الذي أبداه الشيخ محمد بن زايد بدعم لبنان”، معتبرًا ذلك “تأكيدًا على عمق العلاقة الأخوية التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين”.
وفي السياق نفسه، أوضحت صحيفة “نداء الوطن” أنّ هذا اللقاء جاء ليُشكّل امتدادًا عمليًا للزيارة التي قام بها الرئيس اللبناني مؤخرًا إلى الإمارات، والتي أعادت إحياء العلاقات المتينة بين بيروت وأبو ظبي، بعد فترة من الجمود والبرود الدبلوماسي. وشكر عون الرئيس الإماراتي على التجاوب السريع مع نتائج القمة، وإيفاد بعثةٍ متخصصةٍ إلى لبنان للاطّلاع على الحاجات الملحّة للدولة اللبنانية، لا سيما في قطاعات التعليم، التحول الرقمي، والإدارة العامة.
خريطة تعاون جديدة
الاجتماع الذي سبق اللقاء الرئاسي، والذي عُقد في المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، ضمّ خبراء وممثلين عن الإدارات اللبنانية والبعثة الإماراتية، وناقش تطوير آليات التعاون بين البلدين في مجالات متعدّدة، أبرزها: تحديث الإجراءات الإدارية، الرّقمنة، تعزيز فعّالية المؤسسات، وتبادل الخبرات والمعرفة.
وفي كلمته أمام الوفد، أثنى الرئيس عون على “المشاريع الإماراتية التنموية في لبنان”، مذكّرًا بالصروح الطبية والثقافية التي تحمل اسم مؤسس الدولة الشيخ زايد في مناطق متعدّدة من لبنان، من الشمال إلى الجنوب. كما نوّه بقرار أبو ظبي الأخير رفع الحظر عن سفر الإماراتيين إلى لبنان واستئناف الرحلات الجوية، معتبرًا الخطوة “مؤشر ثقة ورغبة في الانفتاح”.
من جهته، أكد الوزير الإماراتي لوتاه أنّ “دولة الإمارات ستكون إلى جانب لبنان في تحقيق تطلعاته”، وأنّ زيارته إلى بيروت هدفها “تحديد أطر الشراكة الفعلية بين البلدين، وفق توجيهات رئيس الدولة”. وأشار إلى أنّ الإمارات على استعداد لتقديم دعم مباشر في الملفات التنموية والإدارية، بما يعزز قدرات الدولة اللبنانية.
مقاربة جديدة للانفتاح على العراق
بالتوازي مع الانفتاح الخليجي، يستعد الرئيس جوزاف عون، وِفق ما ذكرت صحيفة “اللواء”، للتوجّه إلى العاصمة العراقية بغداد، في زيارةٍ رسميةٍ يلتقي خلالها المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني والرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، في خطوةٍ تنسجم مع سياسة التوازن والانفتاح على مختلف المحاور الإقليمية.
ويهدف اللقاء إلى “شكر العراق على ما قدمه للبنان من دعم، لا سيما في مجال الفيول والنفط لتشغيل معامل الكهرباء”، بحسب الصحيفة نفسها. كما من المتوقع أن تتطرّق المباحثات إلى ملف إعادة الإعمار في لبنان، بعد الحرب الأخيرة، حيث يبحث عون في إنشاء هيئة لبنانية رسمية مكلّفة بقبول المساعدات الدولية، ما يمهّد لتوقيع اتفاقيات تعاون ثنائية تشمل الطاقة، الصحة، التعليم، والأمن الغذائي.
زيارة عون إلى بغداد تأتي ضمن سياق دبلوماسي أوسع يشمل تحرّكاتٍ على أكثر من خط: خليجي، مغاربي، ودولي، بهدف إعادة تموضع لبنان كدولة ذات علاقات متوازنة مع مختلف الدول العربية، بعيدًا عن المحاور التي أرهقت السياسة اللبنانية الخارجية في العقود الماضية.
بين لقاءات بيروت وزيارات الخارج، يبدو الرئيس عون عازمًا على أن يكون “رئيس الدولة العربية” بامتياز، القادر على مخاطبة مختلف العواصم بروحية شراكة لا تبعية، وتوازن لا تمحور، وذلك لإعادة لبنان إلى عمقه العربي الحقيقي، وتثبيت صورته كدولة مستقلة ذات سيادة وقرار.