اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
خاص الهديل…
من الواضح أن ما يجري اليوم بين واشنطن، تل أبيب، والعواصم العربية لم يعد مجرد مفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة، بل هو إعادة رسم شاملة لخريطة النفوذ في الشرق الأوسط.
فالخطة التي يروج لها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تعد تقتصر على إطلاق الأسرى أو التهدئة، بل تمتد إلى مشروع أكبر يسعى إلى صياغة 'شرق أوسط جديد' بملامح أميركية–عربية مشتركة، بعدما كانت إسرائيل لعقود تحتكر مفاتيح البيت الأبيض.
التحول الجوهري في خطة ترامب يتمثل في منحه الدول العربية الكبرى، وفي طليعتها السعودية وقطر ومصر، ثقلاً تفاوضياً غير مسبوق، جعلها شريكاً في القرار لا مجرد وسيط.
ولعل المفاجأة الكبرى كانت في قرار ترامب المفاجئ بوقف القصف الإسرائيلي على غزة، خطوة أذهلت الجميع – من تل أبيب إلى حماس – وأعادت المفاوضات إلى مسارها، لكنها في الوقت نفسه كشفت أن واشنطن لم تعد ترى الحرب الإسرائيلية خياراً مشروعاً بلا سقف سياسي.
بهذه الخطوة، نقل ترامب مركز الثقل من إسرائيل إلى محور عربي متنامٍ، وبدأ يعيد تعريف أولويات واشنطن في المنطقة: أمن إسرائيل لم يعد هو العنوان الوحيد، بل الاستقرار الإقليمي الذي يخدم مصالح أميركا أولاً.
غير أن الخطة – رغم طموحها – لا تزال حبراً على ورق، فالتحدي الحقيقي يكمن في تنفيذها على أرضٍ تمزقها الصراعات والمصالح المتناقضة.
فحماس، وإن أبدت استعداداً لتنازلات شكلية، لم تتخلَّ عن رغبتها في الاحتفاظ بدور سياسي في مستقبل غزة، بينما تصر إسرائيل على نزع سلاحها بالكامل قبل أي ترتيب جديد.
ما بين الحلم الأميركي والطموح العربي والمقاومة الفلسطينية، يقف الشرق الأوسط مجدداً عند مفترق طرق.
قد ينجح ترامب في تسجيل اسمه كـ'صانع سلام'، وقد يُسجل التاريخ أنه كان أول من كسر احتكار إسرائيل لصوت واشنطن.
لكن ما لم يتحول هذا الزخم إلى حلٍ واقعي يعالج جذور القضية الفلسطينية، فسيظل 'سلام ترامب' مجرد فصل جديد من أوهام الشرق الأوسط الكبير.