اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٤ نيسان ٢٠٢٥
كتب غسان ريفي في 'سفير الشمال'
يترقب لبنان غدا السبت إنطلاق جولة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس على الرئاسات الثلاث وعدد من المسؤولين وما تحمله من طروحات ومقترحات تهدف الى مضاعفة الضغط على الدولة اللبنانية، معطوفة على ممارسات كانت مهدت لزيارتها، ومنها تعطيل عمل لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار والسماح لإسرائيل بالتمادي في عدوانها الموصوف من الجنوب إلى ضاحية بيروت وخرق الإتفاق من دون حسيب أو رقيب وكان آخر الفصول فجر اليوم عندما إستهدف العدو شقة سكنية في مدينة صيدا بصاروخين ما أدى إلى إرتقاء عدد من الشهداء.
لا شك في أن أورتاغوس سبق وألمحت إلى المهمة التي تضطلع بها زيارتها، وهي الاصرار على وضع روزنامة زمنية قصيرة لسحب سلاح المقاومة وتشكيل لجان دبلوماسية سياسية لبحث قضايا الانسحاب من النقاط الخمس والأسرى وترسيم الحدود تمهيدا لتطبيع مقنع أو على الأقل إجراء محادثات مباشرة لبنانية – إسرائيلية برعاية أميركية تحقق هذه الغاية.
يُدرك اللبنانيون أن ما تطلبه أميركا ومن خلفها إسرائيل من الصعب تحقيقه إن لم يكن مستحيلا، فلا مصلحة لأي كان بممارسة المزيد من الضغط على بيئة المقاومة بعد كل الخسائر التي تعرضت لها، ولا يمكن لسلاح المقاومة أن يُسحب في ليلة وضحاها بعد أكثر من أربعين عاما من المواجهة المباشرة مع العدو الاسرائيلي وفي ظل إحتلال جديد وعدوان لا يوفر أحداً ويسعى إلى مزيد من الاغتيالات والتدمير، كما أن التطبيع أو المفاوضات المباشرة لم يحن أوانهما ولا يمكن للرئاسات الثلاث أو القيادات المعنية أن تتحمل وزريهما في هذه الظروف العصيبة.
لذلك، يبدو واضحا أن لبنان قد حسم أمره لجهة الحفاظ على إستقراره الوطني وإغلاق الأبواب أمام التوترات والفتن التي يمكن أن تطل برأسها من وراء المقترحات الأميركية الهادفة الى تحقيق المصالح الاسرائيلية، وذلك بتبني موقف الرئاسة الأولى وهو الإنسحاب الإسرائيلي أولا، وإطلاق سراح الأسرى ثانيا، ووقف الخروقات والاعتداءات ثالثا، على أن تتولى الدولة اللبنانية مسؤولية معالجة سلاح المقاومة في إطار إستراتيجية وطنية دفاعية وفقا لالتزاماتها بالقرارات الدولية، ويفترض بمورغان أورتاغوس أن تسمع هذا الموقف من الرئاسات الثلاث التي يبدو أنها توافقت مسبقا عليه من خلال التواصل فيما بينها.
وليس بالضرورة أن يلقى الموقف اللبناني الموحد قبولا لدى أورتاغوس التي قد تصر على الطروحات الأميركية وتمارس المزيد من الصغوط على لبنان الذي سيكون أمام مفترق طرق، فإما أن يتمسك بموقفه المتقدم وطنيا ويدفع ثمن ذلك مزيدا من الاعتداءات أو ربما حربا جديدة بدأ البعض يقرع طبولها، أو أن ينصاع للرغبات الأميركية وأن يضحي باستقراره ويشرع أبوابه للفتن، خصوصا أنه في كلا الحالتين فإن صدى المواقف الأميركية والاسرائيلية تتردد في الأوساط اللبنانية من خلال بعض من يروجون لكل ما من شأنه أن يشعل نار الفتنة وهم بمواقفهم يزايدون على أميركا وإسرائيل والتي قد تسفر عن شرور مستطيرة، فضلا عمن يتبنى التطبيع ويعمل على تسويقه تارة بضرورة كسر التابو المحيط به، وتارة أخرى بمنطق إنهزامي تحت شعار “حماية لبنان وتحرير أرضه وبناء إقتصاده”.
ويبدو واضحا أن الجميع بدأ يستشعر خطر ما تطلبه أميركا من تطبيع مع العدو الاسرائيلي، وقد بدأت المواقف تتوالى حول رفضه وعدم جهوزية لبنان له وإنتقاد من يروج له، وآخر هذه المواقف صدرت عن البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي قال أمام مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية: أن “التطبيع مع العدو الاسرائيلي ليس وقته الآن”، منتقدا “الاعتداءات التي تقوم بها إسرائيل خصوصا أنها تهدد وتنفذ بدعم أميركي مطلق”، متسائلا عن “إتفاق وقف إطلاق النار الذي لا نراه قائما وعن دور أميركا والدول الراعية، ولماذا تحتفظ إسرائيل حتى الآن بالنقاط الخمس؟”، مشددا على أن “تنفيذ القرار ١٧٠١ ليس كوني فكانت”..