اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
علاقة الجنوبيين بشجرة الزيتون علاقة تاريخية ووجدانية، ليس فقط لأنها مصدر رزق لكثيرين بل هي رمز يربطهم بالأرض ويعيد لهم حنين الأجداد، ينتظرون موسم الخير والبركة بفرح و حماس، لكن منذ بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان في العام ٢٠٢٣ وموسم الزيتون في تراجع مستمر، ولا تقتصر الأسباب على أضرار الحرب التي قضت على الكثير من بساتين الزيتون ومنعت المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، إذ إن عوامل الطقس و شح الأمطار أدت إلى المزيد من التراجع في الإنتاج.
في السابق كان موسم الزيتون يشكل مصدر رزق أساسيا لأكثر من مئة ألف عائلة جنوبية ويساهم في توفير فرص عمل موسمية لآلاف العمال الذين يعملون على قطفه، أو يشتغلون في معاصر الزيتون المنتشرة في المنطقة.
وبالإضافة إلى قيمته الاقتصادية داخليا، كان موسم الزيتون يساهم في ارتفاع نسبة الصادرات اللبنانية، عبر تصدير كميات كبيرة من الزيت والزيتون إلى الخارج لتأمين حاجات اللبنانيين المغتربين المنتشرين في الدول العربية والأميركيتين وغيرها من الدول.
وتشكل بساتين الزيتون في الجنوب والبقاع الغربي نحو 28% من إجمالي المساحات المزروعة بأشجار الزيتون في لبنان، بحسب دراسات لجمعيات زراعية متخصصة في الجنوب.
جنوبيون يشتكون عبر 'الديار' من قلة الإنتاج و غياب المساعدات و التعويضات:
سليمان: خسرنا مواسمنا ولا وجود للمساعدات او التعويضات
الأب جوزاف سليمان صاحب أراض شاسعة من الزيتون في ديرميماس يقول': شهد موسم الزيتون هذا العام تراجعا كبيرا في الإنتاج، خصوصا في دير ميماس حيث لم تتجاوز النسبة 3–4%، وهي الأسوأ منذ سنوات. ويرجع ذلك إلى قلة الري، وعدم جني المحصول في الموسم السابق، ما أضعف الأشجار وترك ثمارا يابسة ما زالت عالقة حتى اليوم'، مشيراً' أن أهالي ديرميماس يذهبون إلى أراضيهم لكن بحذر وخوف من أي ضربة إسرائيلية سيما في المناطق المتداخلة مع منطقة كفركلا، لافتاً أنه في مناطق أخرى مثل راشيا الفخار وكوكبا وحاصبيا، كان الوضع أفضل قليلًا حيث نسبة الانتاج بلغت 25–30%' .
وأشار سليمان إلى 'أن الأوضاع الأمنية غير المستقرة أثرت في المزارعين الذين عادوا إلى أراضيهم بحذر، بعد خسارتهم مواسم سابقة دون أي تعويضات أو مساعدات أو أي اهتمام من الدولة، وتحدث عن أبرز العوائق التي تواجه المزارعين وهي: غياب الدعم والتعاونيات الزراعية، وارتفاع تكاليف العمال والمعاصر، 'ما رفع أسعار الزيت بشكل كبير، إذ بلغ سعر صفيحة الزيت (16 لترا) بين 180 و200 دولار، فيما يباع الزيتون المكبوس بنحو 20 دولارا للكيلو والنصف'.
وحول تصريف الإنتاج قال سليمان: 'رغم ضعف الموسم، فإن التصريف جيد بسبب قلة الإنتاج. 'ومعظم سكان القرى يعتمدون على الزيتون كمصدر رزق أساسي، خصوصا المزارعين والعسكريين'.
أما الأشجار في القرى الأمامية فأشار سليمان إلى أنها 'تضررت بفعل القصف، في حين أكدت الفحوصات المخبرية والتقارير الدولية (اليونيفيل) أنه لا وجود لتلوث بالفوسفور في الأرض أو الزيت.'
عليق: القصف الاسرائيلي أصاب بشكل مباشر كروم الزيتون
الناشط الزراعي الدكتور ناصر عليق من بلدة يحمر يقول للديار: 'يُعّد موسم الزيتون لدينا من الركائز الأساسية في اقتصاد بلدة يحمر والمنطقة المحيطة بها، تماما كما هو الحال في القطاعات الزراعية الأخرى مثل زراعة الحبوب والزعتر، وهنا في يحمر، أو بالأحرى في المنطقة الحدودية، قريبون جدا من فلسطين، وقد تعرضت البلدة تاريخيا لاعتداءات إسرائيلية متكررة، بما في ذلك فترات احتلال وحروب متعددة، وآخرها الحرب الأخيرة'.
حالياً يلفت عليق إلى أن 'هناك العديد من المناطق التي لا يستطيع الناس الوصول إليها، لأنها تقع في أطراف البلدة أو في مناطق بعيدة نسبيا عن مركزها، وقد تضررت تلك المناطق كثيرا بسبب الحرائق المتكررة، سواء في الماضي أثناء فترة الاحتلال قبل عام 2000، أو نتيجة الأحداث الأخيرة، وهذه الحرائق أتت على كروم الزيتون، وهي تحتاج إلى وقت طويل لتتعافى وتنمو من جديد، خصوصا أن شجرة الزيتون تحتاج إلى سنوات حتى تعود للإنتاج بعد احتراقها' ، لافتاً أن 'أهالي البلدة يحاولون دائما إعادة إحياء الأراضي والعناية بها من خلال الزراعة وإعادة التشجير، ولكنهم يعملون بحذر بسبب القصف الاسرائيلي المتكرر على المنطقة.'
و حول موسم الزيتون هذا العام، يشير عليق إلى أنه 'يشبه إلى حد كبير ما هو عليه الحال في المناطق الأخرى، إذ يمكن القول إن نسبة الإنتاج متدنية جدا. 'فالإنتاج في يحمر لا يتجاوز 20% تقريبا من المعدل المعتاد، وفي بعض المناطق وصل إلى الصفر، أي لا يوجد إنتاج على الإطلاق'.
ورداً على سؤال حول أسباب هذا التراجع أشار عليق إلى أنه 'يعود إلى عدة أسباب، منها الظروف المناخية الصعبة من جهة، ومن جهة أخرى الأضرار التي لحقت بالكروم بسبب القصف خلال الحرب الأخيرة و أنواع الأسلحة التي استعملت، ومعروف أن الحرائق ونوعية الأسلحة التي استخدمت في الاعتداءات كان لها أثر كبير في طبيعة الأرض والأشجار في يحمر، لذلك يمكن القول إن موسم هذا العام لا يتعدى 20% كحد أقصى، وفي بعض الأماكن لا يتجاوز 5%، بل إن هناك مناطق لم تنتج شيئا على الإطلاق، إذ إن شجرة الزيتون هذا العام تعاني من الظروف المناخية القاسية، إضافة إلى الأضرار التي خلفتها الحرب والعوامل الأخرى'.
معلوف: اهالي بعض القرى لم يتمكنوا من قطاف الزيتون
المهندس الزراعي ورئيس الجمعية التعاونية الزراعية في راشيا الفخار غيث معلوف يقول للديار: 'منطقة راشيا الفخار ليست من القرى الأمامية التي تتعرض للقصف الإسرائيلية والمزارعون يتمكنون من الوصول إلى أراضيهم وقطف الموسم بشكل طبيعي، بعكس القرى الأمامية مثل كفرحمام و كفرشوبا حيث هناك مناطق لا يمكن الوصول إليها وهناك مناطق أخرى يمكن الوصول إليها في حضور الجيش و قوات الطوارئ و لفترة محدودة'.
ولفت معلوف إلى 'أن الموسم هذا العام كان ضعيفاً جداً يتراوح بين ١٥ و ٢٠% من المواسم المعتادة، وذلك بسبب الإهمال الذي حصل في بساتين الزيتون خلال السنوات الثلاث الماضية نتيجة الحرب الإسرائيلية والسبب الثاني يتعلق بقلة المطر والحرارة المرتفعة'.
وكشف معلوف أن 'نوعية الزيت هذا العام ليست ممتازة في كل المناطق نتيجة الجفاف، و مع كل ذلك سعر صفيحة الزيت مرتفع جداً يبلغ سعرها ١٥٠ دولارا في المعصرة وتصل إلى المستهلك بحوالى ١٦٠ دولارا'.
و لفت معلوف إلى 'أن المزارعين الذين تضررت محاصيلهم من القصف الإسرائيلي جزء منهم لم يقم باستصلاح أراضيهم إلا أن الجزء الأكبر منهم يقوم باستصلاحها.'
حطيط: الموسم هذا العاممن أسوأ المواسم
احمد حطيط صاحب معصرة زيتون في النبطية يقول للديار:
'موسم الزيتون هذا العام كان سيئاً جداً بالنسبة للمواسم السابقة وهذه المرة الأولى التي نشهد فيها مثل هذا الموسم الضعيف، بحيث إن أغلبية المزارعين لم يتمكنوا من الوصول إلى أراضيهم تخوفاً من القصف الإسرائيلي، سيما في الفترة الأخيرة حيث كانت المسيرات الإسرائيلية تحلق في أجواء النبطية بشكل مستمر وعلى علو منخفض'.
كما تحدث حطيط عن أسباب أخرى أدت إلى' انخفاض الإنتاج في موسم الزيتون وهي العوامل المناخية السيئة وشح الأمطار، وهذا بدوره أدى إلى ارتفاع أسعار الزيت نتيجة انخفاض العرض وارتفاع الطلب بحيث كانت الأسعار خيالية تجاوزت السنوات السابقة، بحيث تراوح سعر صفيحة الزيت ببن ١٥٠ و ١٦٠ دولارا نتيجة قلة الإنتاج الذي لم تتجاوز نسبته ال ١٥%.'











































































