اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في هذه اللحظة الحاسمة التي يمرّ فيها وطننا، من الضروري أن نتذكر أنّ وحدة الشعب ليست خياراً فتّاناً تُجرّبه الأجيال، بل هي شرط بقاء الدولة وحماية سيادتها. إنّ لبنان، بكل مكوّناته – طوائف ومناطق – يواجه اليوم أخطاراً عدّة: من الخارج، حيث التهديدات المتجدّدة في الجنوب والحدود؛ ومن الداخل، حيث التشرذم السياسي والإعلامي يُضعف الأركان، ويُضعف القدرة على المواجهة.
ولكي لا تبقى استراتيجية الأمن الوطني شعارات فقط، بل واقعاً نعيش معه، فإنّ التزامنا – قبل كلّ شيء – بالوحدة الحقيقية بين كل أبناء لبنان يصبح في صلب المعادلة. هذا التماسكُ هو ما يُشكّل السدّ الأول أمام أيّ عدوان، وهو ما يمنح الدولة ومؤسساتها قدرةً على الحوار والدفاع والبناء.
ثمّ إنّ من أولويات المرحلة: نبذ التيئيس والتهويل اللذين تُمارسهما بعض وسائل الإعلام وبعض الأصوات السياسية. فالإحباط المُمنهج لن يخدم إلاّ مَن أراد لنا أن نكون في حالة ضعف دائم. والأخبار التي تُروّج على أنّها «نهاية الدولة» أو «استسلام محتّم»، لا تفعل سوى ضرب الثقة، ودفع الناس إلى الانكفاء أو التفكّك. أما نحن، فيجب أن ننقلب على هذا التيّار بخريطة عمل واضحة، بروح وطنية، وبإيمان أنّ الدولةَ ممكنةٌ، وأنّ إحباط الأمل عمل متعمدٌ لخدمة أجندات خارجية أو داخلية.
ولا يُمكن أن يُنجز هذا الأمر من دون إشراك القوى الشعبية الحاضِرة في لبنان، تلك القوى التي لم تَغِب عن ساحات العطاء، والتي تحتفظ بفاعلٍ صحي، بإمكانه أن يكون سنداً لوطنه، دعمًا للجيْش، دعماً للمؤسسات، دعماً لمناطق الحدود، التي واجهت وتواجه الاعتداءات مراراً وتكراراً.
إنّ الدفاع عن الحدود ومناطقنا الجنوبية ليس مجرّد مطلب أمني، بل حقّ جماعيّ يجب أن يكون ممنوعاً من التشرذم، ومن تفتيت الروح الوطنية.
كيف نترجم ذلك إلى عمل فعلي؟
ـ إطلاق استراتيجية وطنية شاملة: تُدمج فيها كل القوى السياسية، والمجتمعية، والجهوية، لتحديد مَن يدفع العبء، ومَن يستلم المهمّة، ومَن يُشارك في الحماية والبناء.
ـ تمكين المجتمع المدني والبلدات الحدودية: إعطاء دور أكبر للمنظمات المجتمعية، ولشركاء محليين يعايشون الواقع ويُعرفون المتطلبات والتهديدات.
– دعم مؤسسات الدولة: من جيش، وأمن داخلي، وبُنى تحتية، بحيث لا يبقى أحد «مَعزولاً» أو «مُعرّضاً وحده».
ـ إعلام مسؤول: فضلاً عن محاربة التهويل واليأس، يجب نشر الرواية الوطنيّة التي تقول: نعم، هناك تحدّيات، لكنّ بالإرادة والعمل، نستطيع الصمود والبناء.
ـ ردع شامل ومنسّق للعدوّ: ليس فقط بالحديث أو التصريحات، بل عبر استراتيجية واضحة تُبيّن أنّ الاعتداءات ستُواجَه، وأنّ التضحية في الحدود ليست بلا هدف، بل جزء من بناء وطن حرّ وقويّ.
في الختام، لا يمكننا أن ننظر إلى الاعتداءات على حدودنا كوقائع منفصلة. هي إنذار، لكنها أيضاً دعوة للتوحّد والعمل. ومعاً، بوعي جماعي وثقة متبادَلة، نستطيع أن نُحقّق ما يصبو إليه شعب لبنان: دولة قوية، شعب موحّد، حدود آمنة، مستقبل مشرق.











































































