اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٦ نيسان ٢٠٢٥
د. حمد الكواري عن مؤتمر 'الاستشراق':
إنه لشرف أن تكون الدوحة منبرًا لهذا النوع من الحوارات الضرورية
'الاستشراق هو المشروع الذي أعاد تشكيل الشرق في خيال الغرب، بحيث يخدم مصالحه الاستعمارية والثقافية'
إدوارد سعيد
سعدت اليوم في الدوحة، عاصمة الحوار والتواصل الثقافي، بحضور افتتاح مؤتمر 'الاستشراق' تحت عنوان لافت: “نحو حوار متواصل”.
وفي تقديري، فإن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في وقته تمامًا؛ فرغم أننا نعيش في عصر الذكاء الاصطناعي والاتصال الرقمي الفوري، فإن التصورات القديمة لم تُمحَ بعد، ولا يزال الجهل والتعالي يسكنان نظرة الغرب إلى الشرق.
من هنا، تبقى الحاجة ملحّة إلى مراجعة الاستشراق، لتصحيح مساره وجعله جسرًا للفهم المتبادل، بدل أن يكون عائقًا أمام التعاون والتفاهم.
ما إن وصلتني دعوة الحضور، حتى قفز إلى ذهني اسم المفكر الكبير والصديق الراحل إدوارد سعيد، الذي تشرفت بمعرفته عن قرب خلال إقامتي في نيويورك. كان كتابه الشهير “الاستشراق” قد أحدث يومها زلزالًا فكريًا لا تزال أصداؤه تتردد حتى اليوم، كاشفًا عن جراح العلاقة بين الشرق والغرب.
افتتحت المؤتمر سعادة السيدة لولوة الخاطر، وزيرة التعليم والتعليم العالي، بكلمة وضعت الإطار الفكري العميق لهذا اللقاء، محددةً بوضوح الحاجة إلى رؤية نقدية بناءة تعيد تعريف الاستشراق في ضوء القيم الإنسانية المشتركة.
وشارك في الجلسة الافتتاحية معالي الدكتور غسان سلامة، المفكر الصديق ووزير الثقافة اللبناني السابق، ومعه الوزير الصديق مامادو تنجارا من غامبيا، وقدما رؤى ثرية حول ضرورة الحوار القائم على المعرفة، لا الأحكام المسبقة.
أما المداخلة الرئيسية، فقد ألقاها البروفيسور إبراهيم كالن، المؤرخ البارز والمسؤول التركي، الذي أبدع في تحليل جذور الانحياز الغربي وكيفية تجاوزه بإرادة فكرية وسياسية.
خرجت من هذا المؤتمر أكثر قناعة بأن العالم، رغم تقدمه التكنولوجي المذهل، ما زال بأمسّ الحاجة إلى مثل هذه المؤتمرات التي تسعى إلى تصحيح البوصلة الفكرية والأخلاقية للعلاقات الحضارية بين الشرق والغرب.
كل الشكر لمنظمي هذا المؤتمر، وفي مقدمتهم وزارة التعليم والتعليم العالي في وطننا العزيز.
إنه لشرف أن تكون الدوحة منبرًا لهذا النوع من الحوارات الضرورية، فالـمعرفة وحدها قادرة على تفكيك الصور النمطية،
وبناء الجسور بين الثقافات مسؤولية جماعية لا تحتمل التأجيل.
دكتور حمد الكواري
وزير دولة بدرجة نائب رئيس وزراء