اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٣٠ نيسان ٢٠٢٥
خاص الهديل…
كتب بسام عفيفي
أبرز ما تتسم به هذه المرحلة هو القلق والتوتر؛ وهناك أسباب عديدة تقف وراء شيوع هذه الحالة ليس آخرها الضياع الإقليمي وطبعاً أولها سلوك التغول الإسرائيلي الذي يعاني منه لبنان كما غزة وسورية وحتى دول أخرى في المنطقة.
وسط هذه المصاعب تعمل حكومة الرئيس نواف سلام؛ وهي أشبه بقافلة تسير على طريق مشبع بالضباب وبالضجيج وبالكمائن الخارجية والإسرائيلية وحتى الداخلية.
ولكن ما يجب لفت النظر إليه ضمن هذه الحالة هو أن دولة الرئيس نواف سلام يمتاز بأنه يعرف إلى أين يتجه وكيف يرتب أولوياته وكيف يدير ظهره لكثرة الكلام مع إيلاء كل اهتمامه للعمل. والوقائع تدلل على صحة هذه الميزة الثمينة بالرئيس نواف سلام؛ أي ميزة العمل التي تتقدم على ظاهرة كثرة الكلام: بخلال شهرين يمكن إيراد جدول ببعض إنجازات حكومته:
أولاً- إنهاء حالة ما يمكن تسميته بالتكلس الذي استوطن لسنوات في إدارة مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري؛ وذلك من خلال إجراء تغييرات جرت على مستوى إدارته ما أدى لنتائج إيجابية ملموسة وواعدة، شملت القيام بتحسينات تقنية وإجرائية في المطار غايتها تسهيل أمور المسافرين وتوفير أقصى درجات الحماية لهم، من خلال تركيب أجهزة سكانر وزيادة شروط السلامة والأمان. هذا بالإضافة إلى الإجراءات الأمنية المشددة لمنع التهريب، ولحماية سلامة الطيران المدني.
وأمنياً قاربت الحكومة ملفات كانت تعتبر محظور أخذ أي موقف عملي منها؛ ومن هذه الملفات 'قطع طريق المطار' التي مع الوقت أصبحت ظاهرة مزمنة لا حل لها؛ وعليه كان قرار الحكومة بوقف هذه الظاهرة والتصدي لها بمنطق القانون والدولة خطوة تحتسب لها ولصورة الأمن في البلد. لقد تم إيقاف عمليات قطع طريق المطار لأي سبب كان وتم إيقاف المخلين بأمن هذا الطريق الحيوي وبمقدمة هؤلاء الذين اعتدوا على قوات الطوارئ الدولية.
وعلى نحو ذي صلة؛ شكلت الزيارة إلى مطار القليعات اقتحاماً لحاجز تردد الدولة التاريخي بخصوص هذا الصعيد؛ وبلا شك تستحق التثمين الغالي خطوة وضع دراسة لكيفية إعادة تشغيل مطار القليعات نظراً لما سيؤدي تشغيله من فوائد على غير مستوى..
ثانياً- 'أمن طرابلس' عاصمة الشمال كان أيضاً محل إجراءات عملية قادتها الحكومة وواكبها رئيسها بزيارة لها؛ فطرابلس اليوم تعيش في ظل خطة أمنية جديدة تتضمن ليس فقط فرض القانون بل رؤى اقتصادية واجتماعية، الخ.
قصارى القول أن طرابلس اليوم في كنف خطة أمنية بدأت تؤتي أوكلها لناحية تراجع عمليات الإخلال بالأمن فيها؛ وهي أيضاً في رعاية رئيس الحكومة الذي زارها وفق توجهه للاطلاع على واقعها وذلك تحضيراً لتفعيل الاستثمارات في المشاريع المنتجة والمعطلة في المدينة وخصوصاً معرض الرئيس رشيد كرامي الدولي، المرفأ، ومصفاة النفط، والمنطقة الاقتصادية الخاصة.
ثالثاً- إقرار قانون رفع السرية المصرفية، مع وضع خط هنا تحت عبارة أنه يشتمل على عشر سنوات فائتة.
رابعاً- إقرار خطة إصلاح القطاع المصرفي وحماية أموال المودعين وأصول الدولة.
خامساً- إسترداد مراسيم الأملاك البحرية نظراً للمخالفات والشوائب التي تعتريها، وفي استردادها حماية للمال العام.
سادساً- وضع خطة لمعالجة وضع الموقوفين في السجون من خلال تفعيل المحاكمات داخل سجن رومية.
سابعاً- إقرار آلية للتعيينات الإدارية للخروج من منطق المحاصصة والمحسوبية والزبائنية.
ثامناً- زيارة رئيس الحكومة إلى السعودية التي تسهم بمهمة إعادة لبنان إلى خريطة تعزيز العلاقات مع العمق العربي.
تاسعاً- كسر الجمود الذي ساد لزمن طويل فيما يتعلق بفلتان الحدود الشمالية الشرقية مع سورية؛ والتقدم باتجاه معالجة هذا الملف عن طريق إبرام اتفاق على تشكيل لجان مع سوريا للبدء بترسيم الحدود وضبط الوضع الأمني ووقف الاشتباكات ومنع التهريب.
عاشراً- وضع آلية لتعيين الهيئات الناظمة في قطاعات الاتصالات، الكهرباء والطيران. وهو أمر حيوي وإصلاحي استراتيجي.
حادي عشر- إعتماد آلية التعيينات الإدارية لتعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة مجلس الإنماء والإعمار..
ثاني عشر- مشروع قانون استقلالية القضاء؛ وهذا ملف ينتظره كل مواطن كونه أحد المداخل الضرورية لاستعادة الدولة ومنطق القانون..
ثالث عشر- مواصلة الجيش اللبناني العمل على بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها انطلاقاً من الجنوب، وتفكيك أكثر من 500 موقع لحزب الله.
إن كل ما تقدم يوحي ويؤكد على عدة أمور أساسية أبرزها أن حكومة الرئيس نواف سلام تقوم بمهمة تأسيسية لا بد منها لتنفيذ مشروع استعادة الدولة؛ وعليه فإن الرئيس نواف سلام وهو يسير في توجهاته وعمله لإرساء قواعد استعادة الدولة؛ يبدو أنه يخوض معركة الاستقلال الثاني على مستوى إعادة البناء للاستقلال الأول الذي ترهل وتآكل لألف سبب وسبب.