اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٣١ أيار ٢٠٢٥
أطلق الكاتب والصحافي نقولا ناصيف كتابه «جان عبيد ستة عقود في الوطن» الصادر عن دار «النهار للنشر»، في احتفال أقيم الرابعة بعد ظهر أمس، في «واجهة بيروت البحرية»، برعاية اللبنانية الأولى نعمة عون وحضورها ممثلة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون.
ناصيف
وألقى الكاتب ناصيف كلمة قال فيها: «لو قدر لجان عبيد أن يكتب بنفسه سيرته ولا تروى عنه، لأعطى الكتاب عنوانا آخر، هو أقدار في سيرة رجل. تصنع الأقدار تاريخ الأوطان والشعوب، لكنها تصنع كذلك سِير الرجال، هو من طراز الذين وقفت الأقدار أمام أبوابهم أو دونهم.
أضاف: «مختبر حياة جربت كل ما يفترض أن يجرب، ويتعظ منه ويحفظ ويروى، لأنه لم يعط له أن يكتبه، لأن الوقت كما راح يقول سيكون طويلا أمامه بعد، هذا جان عبيد الكتاب مقدار ما حاول أن يكون، وليس كتابا عن جان عبيد فحسب».
عبيد
وتحدث سليمان عبيد نجل المكرم باسم العائلة، فقال: «نقف سويا لاستحضار بعض من طيبة روحه، وجزء من رجاحة عقله الذي أضاء ظلمات السياسة في لبنان، وغيض من غزارة ثقافته الشمولية التي جعلت من الحوار راية، ومن الاختلاف صحة، ومن الكلمة موقفا بألف موقف».
أضاف: «اليوم لا نكرّم جان عبيد فحسب، نكرم القيم والمزايا التي عاش وناضل من أجلها: الاعتدال في زمن التطرف، الرصانة في زمن الانفعال، الأخلاق في زمن الانحطاط، الحوار في زمن القطيعة. ومن خلال هذه المناسبة، نستعرض مشهدا وطنيا وثقافيا وثق حياة رجل وازن بين طموحاته ومبادئه ومرونته ومواقفه..»..
شبيب
وألقى القاضي زياد شبيب كلمة دار «النهار للنشر» قال فيها: «لقد علمنا جان عبيد أن الإنسان يمكن أن يكون مؤمنا ممارسا، وعلمانيا في الآن عينه، لأن كلا من الأمرين ينتمي إلى حيز مختلف من الوجود والاجتماع الإنساني. وقد آن أوان اعتماد هذا الفصل بين الحيزين في حياتنا العامة. وأثبت أن الهويات لا تكون بالضرورة قاتلة، ويمكن أن يكون اللبناني لبنانيا حقيقيا كامل الصفات وعربي الهوية والانتماء في الوقت عينه. وأثبت أيضا أن الطموحات الكبرى لا تتحقق بالتنازل عن القيم والمبادئ، وأن الغاية لا تبرر الوسيلة، وأن بلوغ القمم لا يتم زحفا، بل ارتقاء».
وختم شبيب: «لم يكن جان عبيد يجمع المتناقضات، بل يراكم في مراحل عمره، وعقوده الستة في الوطن، ويزداد، نضوجا وارتقاء وحكمة ».
درباس
بدوره، قال الوزير السابق رشيد درباس: «دفع جان أثمانا باهظة بسبب اعتداله وكياسته ولياقته، وعروبته الصادقة التي ولد فيها وأعطاها زهرة شبابه في شوراع طرابلس ومدارسها حيث حمل على كتفه مقعد دراسته، كما الصليب...».
وأضاف: أيها الاخ الغالي، كنت المحرر البارع، ولسان الحال الفصيح، وصيادا بلا بندقية، فلما هجرت الكتابة صرت معقد الأقلام، ولما هجرت الدنيا جمعك، بقرار من العائلة نقولا ناصيف في كتاب، هو حوض لمصب الروافد على أنواعها، رقراقها وثائرها، فرحها وحزينها، فإذا ضحكنا لطرفة، عاجلتنا غصة جحود، كمثل ما طغت المرارة على كلام وليد جنبلاط وهو يعلن اعتذارا بالأصالة والوكالة للتاريخ الوطني لأننا لم نستفد من لغة التصالح والحكمة، ولم نسلم الرؤوس لوسادتك الناعمة التي تمتص التصادم وتؤلف الأحلام».
الحريري
وقالت رئيسة مؤسسة الحريري للتنمية النائبة السابقة بهية الحريري: «يوم ٧ تشرين الثاني ١٩٩٦ تولى الأستاذ جان عبيد حقيبة وزارة التربية الوطنية، وكنت حينها رئيسة لجنة التربية النيابية، وبادر إلى إطلاق أكبر عملية تحديث وتطوير للمناهج التربوية مما جعلنا نعمل كفريق واحد كل من موقعه....الصديق والزميل والوزير جان عبيد كان شديد الحرص على الإيضاح وحسن التعبير وعلى الإصغاء للصغار والكبار بدقة متناهية واحترام وبدون استثناء.
وختمت: «يوم ٨ شباط ٢٠٢١ عزَّ على الإنسان جان عبيد أن يرى البشرية جمعاء وقد أصبحت في حالة عجز تام وفقدت القدرة على التواصل والتلاقي بين الأحبة والأصدقاء وبين الإنسان والإنسان، فآثر الغياب على البقاء».
وزير الثقافة
بدوره، قال وزير الثقافة غسان سلامة: «ثلاث كلمات تلخص جان عبيد. الكلمة الاولى هي الحوار كان رجل حوار، وكان كارها للعنف، وكاد ان يسقط ضحية العنف، وكان في الاجمال ينبذ العنف. وأن تكون رجل حوار يعني ان تكون مستعدا للحجة، وكانت حجته في الاجمال قوية وكان يرد على الحجة بالحجة».
اضاف: «اما الكلمة الثانية فهي الاعتدال كاد ان يكون متطرفا في اعتداله، كان يعتبر ان الاعتدال، هو بوصلة السياسة، وحمله هذا الولع بالاعتدال الى نوع من الواقعية لمعرفة دقائق الأمور في لبنان والمنطقة والعالم «.
وتابع: «اما الكلمة الثالثة فهي العروبة ولو كان حيا بيننا اليوم لكان حزينا مثلي ومثلكم على الحال التي وصلت اليه الحال العربية، ينظر الى آخر قمة عربية لم يحضرها ربع زعماء العرب».
وختم: «ان الحوار، الإعتدال والعروبة تلك هي الجسور التي جمعتني بجان عبيد».
جنبلاط
أما الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فتحدث عبر تقنية الفيديو، واستذكر السياسي والصحافي الراحل جان عبيد، لافتا الى أنه «يعد جزءا من تراث كمال جنبلاط، ومن التراث الوطني والعربي للبنان، من تلك الشخصيات الاستثنائية المثقفة والوطنية والتي لم تجرها العصبيات الضيقة المقيتة التي دمرت لبنان في مكان ما».
وذكر بأن عبيد كان «محاورا كبيرا مع كل الجهات، كما كان يعي الأخطار عن هذا البلد الصغير، وحاول تقديم النصح والعمل ببعض المجالات لتخفيف آثار الحرب لكن الصراعات على لبنان كانت أكبر».
وختم: «هذه الحياة، فقدنا صديقا وطنيا عربيا كبيرا وعندما أقول ذلك، يعني أنه لا يمكن أن يكون هناك أي تناقض بين الوطن اللبناني الذي هو جزء من الوطن العربي الكبير الذي حلمنا وما زلنا نحلم، بأن يتوحد في يوم ما وأن يبنى على أساس الوحدة والديمقراطية والحريات كما أرادها كمال جنبلاط، إذ إن الطريقة الوحيدة لمواجهة المشروع الصهيوني الذي يمتد ويدمر هي الحرية وحدها التي تستطيع ان تخلصنا من هذا المأزق ووحدها العروبة».
الرئيس الجميل
وتحدث الرئيس أمين الجميل في كلمته عن «علاقة الصداقة التي جمعته بجان عبيد»، وقال: «كان لبنان بالنسبة إلينا أمثولة تعاش، ولا تختبر أو تمتحن. رحلة تلاق تعددي في أدق يومياته في السلم الذي عبرنا فيه، وتمسكا بالبقاء والصمود والحق في الاختلاف في الحرب التي لم تباعد بيننا».
أضاف: «احتفظ كلانا باقتناعاته وخياراته وتصوراته للحاضر والمستقبل، ولم يتخل عن حلفائه ولم يهادن خصومه، ما كان يجمعنا هو الإصرار على الاعتدال والموضوعية لتحقيق مصلحة لبنان ووحدته، والتخاطب المباشر، والحريات التي لا مساومة عليها، والديموقراطية فسحة التواصل، والتسوية الحتمية لأي خلاف أو تباعد. .».
وختم: «في الحرب والسلم، تلاقينا على تقديم مثال الشخصية اللبنانية العابرة للطوائف، في مرحلة طبعها التشنج والتطرف وتطلبت الجرأة والمجازفة، وهي في اعتقادي النموذج الحقيقي للشخصية اللبنانية التي تأبى التقوقع».
الرئيس بري
والقى الرئيس نبيه بري عبر تقنية الفيديو كلمة قال فيها: «جان عبيد الصديق الصدوق فخامة الراحل الحاضر، يا وجه الوطن الذي نحب حريّ بنا أن نستدعيك ويستعيدك كل محب للبنان قدوة لرجال الدولة قامة فكرية ووطنية في الزمن الصعب. رجل يحمل الكلمة المسؤولية، والسياسة أخـلاقا، والوطـن رسالة لا تنكسر وجسـرا بين المختلفين حين تتقطع سـبل اللقاء، وإيمانا لا يتزعزع بالحوار لا بالتصادم، وبالوحدة لا بالتفرقة، وصـوتا صارخا في برية الوطن، لبنان لا يبنى إلا بالعـقـول النيرة والقلوب الكبيرة».
وختم: «في ذكراك يقيناً، ستبقى ضمير الوطني الحيّ في وجدان كل من عرفك وأحب فيك الإنسان قبل السياسي، في يومك وكل يوم يذرفك الوطن نجما لا يعرف الأفول، جان عبيد عشت للبنان وستعيش فينا من أجل لبنان».
هلا عبيد
بعد ذلك، قدمت هلا عبيد اللبنانية الأولى، وقالت: «هي ليست السيدة الاولى للجمهورية اللبنانية، بل هي أيضا صديقة عزيزة وامرأة ملهمة، وأرى في حضورها النبيل انعكاسا للقيم التي أحببناها وعشناها وتربينا عليها في منزل جان عبيد. اسمحوا لي بكل فخر وباسمي وباسم عائلتي أن أدعو اللبنانية الاولى للتفضل بالقاء كلمتها».
اللبنانية الاولى
وتحدثت السيدة عون فقالت: « أنا هنا لا لأتحدّث عن جان عبيد السياسي المدافع الأول عن التربية والتعليم والمسكون بحس العدالة ورجل الإعلام الراقي أو المتجذر في بيئته والرابط التاريخ بالجغرافيا، بل جئت أحدثكم عن رجل مسكون بحب عائلته، ومواطن مجبول بحب وطنه».
وأردفت: «علمنا جان عبيد من خلال التزامه العائلي والوطني، بأن لا أهمية للطبقة التي انتمى اليها أهلنا، المهم ألا يحدنا طموح، وأن القيم العائلية هي من عبادة االله، وأن المدرسة الرسمية هي مدرسة وطنية، ويجب أن تكون خيارا للبنانيين لا ملجأ للذين لا خيار لهم، وأن المناطق النائية هي في قلب لبنان، وأن التعرف على الآخر وتقبله هو اكتشاف للذات ولسموها، وأن نبذ الخوف والتقوقع يحرر الانسان، وأن بناء الحصون هي من بناء الجسور، وأن الحوار هو أمضى سلاح، وأن كلفة الحروب هي أكبر من كلفة السلام».
وختمت: «جان عبيد كان مدرسة في الوطنية وحلم بكتاب تربية وطنية على مستوى تحديات لبنان، إن أردنا تكريمه علينا أن نكون أوفياء لثوابته وأحلامه، أي علينا جميعا أن نلتزم هنا بأن ندعم المدارس اللبنانية في رسالتها في بناء المواطنية، مدرسة تؤمن بالإبداع اللبناني، وقوة الحوار، والانفتاح، والاعتدال، والحق، والسلام، وبقدسية لبنان وطنا ومواطنين».