لايف ستايل
موقع كل يوم -موقع رائج
نشر بتاريخ: ٤ حزيران ٢٠٢٥
في زمننا الحالي، أصبح التقاط الصور أمرا بديهيا لا يتطلب عناء؛ ما عليك سوى إخراج هاتفك، لمس الشاشة، وتوثيق اللحظة في جزء من الثانية. هذه العملية تبدو عفوية وسلسة في حياتنا اليومية، لدرجة أننا لا نتردد للحظة قبل مشاركة صورة ذاتية، أو مشهد غروب شمس خلاب، أو الاحتفاظ بالذكريات بنقرة زر واحدة.
لكن هذا الواقع الذي نعتبره اليوم من المسلمات لم يكن سوى نتاج سنوات طويلة من الابتكار والتجارب، ممزوجة بلمسة من السحر التكنولوجي.
قبل ظهور الهواتف الذكية، وقبل انتشار تطبيقات مثل انستغرام ومعارض الصور الرقمية، كانت هناك لحظة فارقة، تتمثل في صورة واحدة كانت هي الشرارة التي أطلقت ثورة التصوير الرقمي المتنقل. سجلت هذه اللحظة التاريخية في الحادي عشر من يونيو عام 1997، داخل غرفة مستشفى في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
أول صورة بالهاتف المحمول في التاريخ
في ذلك اليوم، الحادي عشر من يونيو عام 1997، كان المهندس ورائد الأعمال التقني فيليب كان، يجلس في قسم الولادة بمركز ساتر للأمومة في سانتا كروز، كاليفورنيا.
كانت زوجته في مرحلة المخاض، وبينما كان يترقب وصول ابنتهما إلى العالم، راودت كان فكرة تتجاوز مجرد التقاط صورة للمولودة الجديدة؛ فقد كان يرغب في مشاركة هذه الصورة على الفور مع أحبائه.
في ذلك الوقت، لم تكن الهواتف الذكية موجودة بعد، ولم يكن هناك انستغرام، ولا أي وسيلة للمشاركة الفورية التي نعرفها اليوم. لذا، قرر كان أن يرتجل الحل.
باستخدام هاتف موتورولا ستارتاك القابل للطي، وكاميرا كاسيو QV الرقمية التي كانت تلتقط صورا منخفضة الدقة (320 × 240 بكسل)، وجهاز كمبيوتر محمول من نوع توشيبا 430CDT، قام كان ببناء نظام كامل من الصفر داخل غرفة المستشفى.
قام بتوصيل هذه الأجهزة ببعضها البعض بطريقة مبتكرة، بحيث كلما التقط صورة، يتم تحميلها تلقائيا إلى خادم الويب الخاص به، ثم يرسل تنبيهات عبر البريد الإلكتروني إلى الأصدقاء والعائلة تحتوي على رابط مباشر لمشاهدة الصورة عبر الإنترنت.
لم يكن هذا مجرد التقاط صورة وحسب، بل كان إنجازا غير مسبوق: كانت هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يتم فيها التقاط صورة وإرسالها مباشرة من هاتف محمول.
كان هذا المهندس قد بدأ بالفعل في العمل على مفهوم أطلق عليه 'بريد الصور'، وهو رؤية طموحة لإرسال الصور بشكل فوري عبر نظام يعتمد على الخوادم. وكما صرح لمجلة IEEE Spectrum، فقد كان يطمح في تطوير نسخة رقمية من الكاميرا الفورية.
ومع ذلك، لم يكن قد طور بعد الأجهزة المناسبة لكي يصبح هذا النظام سهل الاستخدام للمستهلك العادي. لكن عامل الوقت – وضرورة اللحظة – كانا الشرارة التي كشفت عن هذا الاختراع.
قال كان: 'لطالما أردت أن يكون كل هذا يعمل في الوقت المناسب لمشاركة صورة ولادة ابنتي. لكنني لم أكن متأكدا مما إذا كنت سأتمكن من تحقيق ذلك'.
لحسن حظ كان، استمرت عملية المخاض لمدة 18 ساعة، وهي فترة كافية بالنسبة له لتجميع جهازه 'الفرانكشتايني' كما وصفه. امتلك معظم المكونات التكنولوجية المطلوبة في متناوله، وما كان ينقصه، أحضره مساعده بسرعة من متجر 'راديو شاك' المحلي. وكما لخص كان الموقف: 'لولا أفكار اللحظة الأخيرة، فلن ينجز أي شيء أبدا'.
من صورة واحدة إلى ثورة عالمية في التصوير
في ذلك اليوم التاريخي، شاركت أول صورة على الإطلاق أُرسلت من هاتف محمول مع العالم. وعلى الرغم من أنها كانت صورة متواضعة بدقة 320 × 240 بكسل لطفل حديث الولادة، إلا أنها لم تكن مجرد صورة عادية؛ بل كانت إيذانا ببداية ثورة تكنولوجية هائلة.
لقد قطعنا شوطا طويلا منذ ذلك الحين. اليوم، يتم التقاط أكثر من 1.8 تريليون صورة سنويا، ومعظم هذه الصور تلتَقط باستخدام هواتف محمولة أرق من كتاب ورقي الجيب، ولكنها في الوقت نفسه أذكى بكثير من أجهزة الكمبيوتر التي كانت موجودة في التسعينيات.
كل هذا التطور المذهل بدأ من فكرة بسيطة: أب، وغرفة مستشفى، وحلم بمشاركة لحظة عزيزة على الفور. هذه القصة تذكرنا بأن أعظم الابتكارات غالبا ما تنبع من حاجات إنسانية بسيطة ورغبة قوية في التواصل.