بين العلم والتعلّم!

التعلّم، وليس العلم والخبر، في الصغر، كالنقش في الحجر!

معظم تلامذة اليوم لا يرغبون في التعلّم بل في الاطّلاع على العلوم أو الإلمام بها. فهذا أسرع وأيسر. يعتبرون انهم يعرفون بوساطة الخلوي وسائر التقنيات، ساهين عن ان الكسل عاقبته وخيمة.

عندما نعلم ونعتقد بأننا نعرف كل شيء، لا نعود نتعلّم شيئا. وهكذا تتوقف عملية التعلّم. عندما أطمئن إلى انني أعرف، لا أتعلّم. هنا يتوقف البحث لنغرق في تقوقع اليقين المطلق والأوهام!

وهنا تنشأ الضغوط على الأجيال. فيعلو الصراخ في الصفوف ويسود التسلّط بعيدا عما يؤول إلى مناخات التربية والديمقراطية. وسوء الخلق يعدّي وترانا نعيش أكثر فأكثر في وحشية قرون يتبرّأ منها التاريخ.

ليس القصاص هو العلاج بل التوسّع في الشرح؛ ليس الإرغام بل البرهنة. والكريم هنا يعفو عند القدرة، أما الأدب، فنعم الحلية! والكذب الذي هو وليد العقاب بئس سلاح المذنب وما من مذنب مسؤول!

استبطان الضرورة، في آلية التعلّم، هو زرع مقولات الحق والخير والجمال، في العقول والنفوس. المسألة هنا مسألة نوعية واجتماعية كأن نزرع فكرة ان المقامرة خلة ذميمة، ما ينسحب على التجارة والوظيفة وغيرهما.

أجل، من المستحب أن نقسو بعض الشيء على أنفسنا، أن نسعى لأن نكون ليس أفضل من سوانا بل أفضل من ذاتنا، على إلا يُذهِب (بضم الياء وكسر الهاء) الطمع الحكمة من قلوب المتعلّمين!

ليس المطلوب أن نكتسب معرفة بل أن نحيا علاقة معرفة؛ أن نتعلّم معا وليس على حدة. هكذا يكون ثلث التعلّم على الأهل أو المعلم أو المرشد وثلث على المناقشة الهادئة الهادية معهم، وثلث على التفاعل مع الأنداد والحياة على العلوم، علما بان معاشري السفهاء خاسرون والملتجئين إلى الأشرار مخذولون! ولكن، من المسؤولون الذين يتولون الإشراف على خريطة الطريق (الجديدة!) هذه، والمسؤولون نيام؟

ديدن المسؤولين في بلاد الناس بلوغ الأجيال مبادئ الديمقراطية والكرامة البشرية. فأين الجهلة والمتجاهلون والتجهيليون عندنا؟ أراهم أصناما ربما من ذهب، ولكن اللعنات ستحطّمهم فيتساقطون في خزائن مقفلة!

ما أصلح الكون إلّا العلوم، ولكن، لنتعلّم أسباب إحقاق الحق أولا وآخرا، بالمعيّة، ولو على أنفس بعض أعداء الحق!

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه