اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
كتب غسان ريفي في 'سفير الشمال'
نعى رئيس مجلس النواب نبيه بري المسار التفاوضي بين لبنان وإسرائيل، بعد رفض العدو الصهيوني مقترحا أميركيا يبدأ بوقف الاعتداءات الاسرائيلية لمدة شهرين وينتهي بالإنسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، وبإطلاق مباحثات لترسيم الحدود مع ترتيبات أمنية محددة.
سقوط هذا المسار يعني دفن ورقة المبعوث الأميركي توم باراك، وتمسك لبنان باتفاقيّة وقف إطلاق النّار الّتي تمّ التوصّل إليها في تشرين الثّاني 2024، وهي الاتفاقيّة الّتي يُفترض أن تشرف على تنفيذها لجنة الميكانيزم.
اللافت، أن تمرد إسرائيل على المقترح الأميركي، لم يثر غضب إدارة الرئيس دونالد ترامب، ولم يدفعها لإتخاذ تدابير عقابية ضد الكيان الصهيوني، بل على العكس، فقد تطوع توم برّاك بإطلاق التهديدات بالويل والثبور وعظائم الأمور نيابة عن إسرائيل في حال لم يصر الى تسليم سلاح المقاومة، وصولا الى رسمه معالم العدوان الاسرائيلي الكبير على لبنان، بهدف عزل حزب الله ومحاصرته في الانتخابات النيابية المقبلة.
هذا الواقع، يضع لبنان بين نارين، نار الإبتزاز الاسرائيلي بتصعيد الاعتداءات وبضرب البنى الاقتصادية والتجارية وكل ما يمت بصلة الى إعادة الإعمار، بهدف الضغط على لبنان للموافقة على المفاوضات المباشرة والرضوخ للشروط الاسرائيلية، ما يعني تقديم التنازلات الى حدود الاستسلام.. ونار الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل بتهديد لبنان في حال عدم موافقته على التفاوض المباشر بمحاصرته وحرمانه من المساعدات وبتغطية العدوان الاسرائيلي عليه.
بات واضحا أن التناغم الحاصل في هذا الإطار بين الرئيسين جوزيف عون ونبيه بري، حول إلتزام لبنان بالقرار 1701، بالدرجة الأولى، وكذلك بإتفاق وقف إطلاق النار، الذي يتضمن الانسحاب الاسرائيلي ووقف الاعتداءات والاغتيالات وإطلاق الأسرى، ومن ثم الذهاب الى تفاوض غير مباشر حول النقاط العالقة، بدأ يُزعج العدو الاسرائيلي الذي لم يتوان عن توجيه رسائل نارية الى الرئيسين، تُرجمت بقصف صهيوني لمعرض الجرافات عند مدخل المصيلح بلدة الرئيس بري، وأمس الأول بالقصف العنيف لمداخل ومحيط العيشية بلدة الرئيس عون، فضلا عن تحليق مكثف للمسيرات فوق قصر بعبدا وفي سماء بيروت والضاحية وجبل لبنان، ويبدو أن هذا الانزعاج بدأ ينسحب على الأميركي الذي سبق وإقترح عبر براك ومورغان أورتاغوس على الرئيس عون فكرة التفاوض المباشر مع إسرائيل من دون أن يلقى أي قبول.
على صعيد الداخل اللبناني، ثمة إنقسام واضح بين من يتبنى الموقف الأميركي ويتحدث بالسردية الاسرائيلية، ويروّج للتفاوض المباشر، تحت عناوين: “كسر التابوهات والخروج من عنق الزجاجة، وضعف الجيش اللبناني وعدم قدرته على مواجهة الجيش الاسرائيلي وإنهزام المقاومة”، وصولا الى تجاوز المفاوضات الى الذهاب نحو التطبيع مع العدو أو إبرام إتفاق سلام معه، وبين من يرفض ذلك جملة وتفصيلا كونه سيضع لبنان واللبنانيين أمام إتفاق 17 أيار جديد وربما أسوأ، خصوصا أن ما يطلبه العدو الصهيوني هو أقرب الى الاستسلام عندما يصر على إيجاد المنطقة العازلة وعلى بقائه في النقاط المحتلة بحجة مراقبة الحدود.
يُدرك رئيس الجمهورية جوزيف عون مخاطر التفاوض المباشر مع العدو الإسرائيلي، خصوصا في ظل ما تشهده سوريا من إعتداءات جديدة، وما تشهده غزة من خروقات تجاوزت المئة في ساعات قليلة تلت إتفاق وقف إطلاق النار، وهذا ما يدفعه الى التمسك بالأولويات التي تضمنها خطاب القسم لجهة تنفيذ إسرائيل بنود إتفاق وقف إطلاق النار، ومن ثم يصار الى البحث في الأمور الأخرى.
تشير مصادر سياسية مواكبة الى أن ليس من مصلحة إسرائيل القيام بعدوان جديد على لبنان، وكل ما يحصل اليوم هو مجرد تهديد وتهويل وممارسة ضغوط لدفع لبنان الى الحضن الأميركي والاسرائيلي، ولتحقيق مصالح العدو وأهدافه التي فشل في تحقيقها خلال الحرب، وتؤكد هذه المصادر أن الرغبات الأميركية ليست قدرا، ويمكن مواجهتها بالحكمة والحنكة السياسية.











































































