اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ١٢ حزيران ٢٠٢٥
خاص الهديل. …
بقلم: ناصر شرارة
منذ نحو عقدين ونتنياهو يطارد التقاط حلمه، وهو تدمير المنشآت النووية الإيرانية. كان يعتقد أنه سيقوم في هذه المهمة خلال بدايات العقد الثاني من القرن الجديد؛ ولكن تلك المرحلة شهدت وصول باراك أوباما للبيت الأبيض؛ وهنا ابتعد حلم نتنياهو، وصارت قضيته كيف يسقط الاتفاق النووي الأميركي الذي أبرمه أوباما مع إيران. عام ٢٠١٦ دخل ترامب للبيت الأبيض وألغى اتفاق واشنطن – طهران النووي؛ وهنا من جديد بدأ نتنياهو يسعى لإنضاج لحظة توافق فيها واشنطن على ضرب المنشآت النووية الإيرانية. جاء بايدن فتحول حلم نتنياهو من جديد من ضرب النووي الايراني إلى منع حصول اتفاق نووي جديد أميركي إيراني في عهد بايدن سليل عهد أوباما؛وانقضى عهد بايدن في إدارة حرب طوفان الأقصى؛ ثم بعده جاء ترامب من جديد لسدة حكم أميركا؛ ومن جديد عادت قصة ابريق الزيت إلى بدايتها ومفادها السباق بين موافقة إيران على التخلي عن كل أوراقها النووية السلمية أو تعرضها لعقوبات الحد الأقصى الخانقة كحد أدنى؛ أو الضربة العسكرية الأميركية الإسرائيلية الماحقة كحد أعلى.
يبدو أن فرصة ترميم الوساطات من أجل تحقيق اتفاق جزئي أو كلي؛ يبعد كابوس فشل المفاوضات الأميركية الإيرانية قد أصبحت صعبة للغاية؛ إلا في حالة واحدة مستبعدة وهي أن الرئيس ترامب يفاوض إيران من وراء مبعوثه ويتكوف الذي يفاوض تحت الكاميرات الوزير عرقجي.
هناك عدة قناعات سائدة بقوة الآن:
الأولى أن طهران وواشنطن في طريقهما على الأغلب لفشل المفاوضات.
ثانياً.. ولأن الأمر ذاهب إلى الفشل؛ فإن كلاً من إيران والولايات المتحدة الأميركية تستعدان لتداعيات مرحلة إعلان فشل المفاوضات.. ترامب قال أمس أن الفشل سيترك على إيران عواقب وخيمة خاصة على مستوى مصالحها في قطاعي الطاقة والأسهم. وهذا التصريح يعني أن ترامب لن يذهب للرد عسكرياً على فشل التفاوض بل اقتصادياً.
من جهتها إيران تقول أنها وضعت خطة رد عسكرية واقتصادية لمواجهة مرحلة ما بعد فشل التفاوض مع ترامب؛ وفحواها ضرب إسرائيل بمئات الصواريخ يومياً وأيضاً ضرب قواعد أميركا في المنطقة.
ما لم يقله الأميركي والإيراني والإسرائيلي هو الأخطر ومفاده هو أن أول ضربة في الهجوم الإسرائيلي على إيران؛ ستحدث في لبنان؛ كما أن آخر ضربة في الهجوم الإسرائيلي على إيران ستكون في لبنان..
وبالمقابل فإن أول رد إيراني على الهجوم الإسرائيلي سينطلق من لبنان ضد إسرائيل؛ وآخر ضربة في الرد الإيراني على إسرائيل سينطلق من لبنان..
.. أضف لذلك أن إيران ستنفذ في حال اندلعت الحرب مع إسرائيل الخطة نفسها التي كان حزب الله يتحدث قبل ٨ أكتوبر ٢٠٢٣ أنه سينفذها ضد إسرائيل في حال وقعت الحرب الكبرى بينه وبينها؛ ومفادها إطلاق نحو ٤٠٠٠ صاروخاً ومقذوفاً يومياً على إسرائيل؛ وهذه الكمية من النار لم توجه خلال إسناد حرب غزة؛ وإذا كانت إيران ستوجهها في الحرب المتوقعة المقبلة؛ فهذا يعني أن إيران ستكون بحاجة لساحات عدة لتوجه منها نحو إسرائيل هذه الكمية الكبيرة من النار؛ وشبه الأكيد أن لبنان سيكون واحداً من هذه الساحات، وأن خطة إغراق إسرائيل بالصواريخ التي لم تنفذ في حرب إسناد غزة قد تنفذ أغلب الأمر في حرب إسناد إيران..
لبنان يمر في هذه اللحظة في عنق زجاجة انتظار إلى أين سيتجه الحدث الأميركي الإيراني؛ هل يتجه إلى تسوية أم الى صدام (؟؟).. وهل سيكون هذا الصدام اقتصادياً، وهذا يمنح إسرائيل فرصة لتشدد ضغطها العسكري على لبنان تحت حجة أنها تطارد ما تبقى من ذراع إيران فيه!!؛ أم سيكون عسكرياً وهذا سيجعل لبنان ميداناً مشتعلاً ملحقاً بالميدان الإيراني؟؟.
ومما تقدم يتضح أنه مهما كان قرار ترامب على فشل مفاوضاته مع طهران فإن لبنان بحكم علاقة إسرائيل بالملف الإيراني فهو ذاهب (أي لبنان) إلى مرحلة ستشهد إما زيادة الضغط العسكري الإسرائيلي على لبنان كحد أدنى وإما حرب إسرائيلية طاحنة على لبنان كحد أعلى.. وهذا يعني أن لبنان سيكون ضحية بالحالتين؛ فهو سيتم تقديم استقراره كجائزة ترضية لإسرائيل في حال قرر ترامب عدم ضرب إيران والاكتفاء بحصارها اقتصادياً.. وفي الحالة الثانية سيكون لبنان ميدان حرب في حال كان قرار ترامب ضرب إيران وتدمير ما تبقى من أذرعها بمحيط فلسطين المحتلة.