اخبار لبنان
موقع كل يوم -صحيفة الجمهورية
نشر بتاريخ: ١٩ حزيران ٢٠٢٥
كان اللقاء أمس في بكركي بين الكاردينال البطريرك مار بشاره بطرس الراعي ومجموعة من الصحافيّين والإعلاميّين، في حضور وزير الإعلام ونقيبَي الصحافة والمحرّرين ورئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، مناسبةً ليكرّر الراعي مواقفه الداعية إلى «نزع سلاح التواصل، وتطهيره من كل روح عدائية»، واصفاً مفعوله بـ «أمضى من السلاح». ولم يُخفِ حُلمِه بـ «تواصل يستطيع جعلنا رفاق درب. تواصل من أجل مجتمع واحد وليس مجتمعات».
وكان واضحاً أنّ البطريرك الماروني منزعج من السقوف العالية الوَلّادة للتوتر في وسائل الإعلام كافة، وخصوصاً في وسائل التواصل الاجتماعي، لأنّها تُخلِّف النفور والتباعد. وأمس الأول جرت مقاربة الموضوع في لجنة الإعلام والاتصالات النيابية. وإذا كانت هناك إشكالية في استخدام عبارة ضبط الإعلام، لأنّ عبارة ضبط تعني لدى الكثيرين عبارة ملطّفة لمصادرة الحرّية أو الانتقاص منها، فإنّ ثمة إقراراً بواقع غير سليم بات من المُلحّ التصدّي له، بتصحيح القوانين المتصلة بالإعلام وتحديثها وترشيقها، لتتناسب مع العصر الرقمي والتطوّر الهائل في عالم الاتصال والتواصل.
وفي عودة إلى اللقاء في بكركي الذي تميّز بالمكاشفة والمصارحة، خصوصاً بعدما لفت الراعي إلى أنّه يُرحِّب لا بالأسئلة فحسب، بل بالآراء التي يرغب الحضور في إبدائها، معلناً استعداده الإجابة عنها.
تركّز النقاش خلال ساعة ونصف الساعة في قاعة «يوحنا بولس الثاني»، حيث يعقد المطارنة اجتماعاتهم الشهرية، على الموضوعات الآتية:
أ- حصرية السلاح بيد الشرعية اللبنانية.
ب- حياد لبنان وتحييده.
ج- مستقبل المسيحيِّين في لبنان. في ضوء إحصائيات حول تناقص حضورهم الديموغرافي في وطنهم على المستوى العام وفي إدارات الدولة وأجهزتها.
د- النازحون السوريّون، واللاجئون الفلسطينيّون، وتداعيات عدم حلّ هذَين الملفَّين على لبنان.
هـ- أموال المودعين في المصارف اللبنانية، ومصيرها.
و- دور الكنيسة حيال مجتمعها.
ردود البطريرك الماروني في اللقاء المغلق لم تخرج عن السياقات التي وردت في عظاته أيام الآحاد والمناسبات الدينية، لجهة دعم الدولة ورئيس الجمهورية الذي يتولّى معالجة موضوع حصر السلاح بيد الدولة، وتحميل إسرائيل مسؤولية عدم بَتّ هذا الموضوع باستمرار احتلالها للبنان، والعمليات العسكرية وغارات طيرانها الذي بلغ ذروة عنفه أخيراً في الضاحية الجنوبية. وإنّ ما تقوم به تل أبيب توفّر الذريعة التي تؤخّر البَتّ في موضوع سلاح «حزب الله». وهو شدَّد على أنّ للديبلوماسية دوراً كبيراً في حمل إسرائيل على الانسحاب.
ولاحظ أنّ الهجرة لا تطاول المسيحيِّين فحسب، بل جميع اللبنانيِّين من كل الطوائف، وإن بدت أكثر بروزاً عند الأولين، وهي هجرة إقتصادية في معظمها، وإنّ الإستقرار وحل ملفَّي النازحين واللاجئين السوريِّين والفلسطينيِّين بعودة هؤلاء إلى بلادهم، فإنّ الأمور ستّتجه نحو الأفضل.
وإذ أكّد الراعي أنّ الكنيسة مع شعبها وسع طاقتها، أشار إلى أنّه يستحيل حلولها محل الدولة التي يتعيّن عليها رعاية أبنائها بالعدل والمساواة.
وكانت لوزير الإعلام بول مرقص مداخلات رداً على استفسارات معيّنة، خصوصاً في ما يتعلق بانتظار الجيش اللبناني جنوب الليطاني، وأقوال المدّعين، ومسائل فرعية تتصل بالأسئلة التي طرحها الصحافيّون والإعلاميّون.
كان يُراد لهذه الجلسة أن تشهد عصفاً فكرياً، وأن تؤسّس إلى حوار تمنّى المشاركون أن يتسع ليشمل صحافيّين وإعلاميّين من مختلف الطوائف والاتجاهات، وهو ما وعدت به اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المنبثقة من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان الذي يترأسه البطريرك الماروني. وأشارت مصادر في اللجنة إلى دعوات وُجِّهت إلى بعض الهيئات الإعلامية، وإعلاميات وإعلاميّين كان يمكن لوجودهم أن يزيد من حرارة اللقاء وديناميّته، إلّا أنّه تأكّد أنّ لا خلفية سياسية لغياب هؤلاء، وأنّ اللقاء المقبل الذي سيُعلَن عنه في مرحلة لاحقة، ستكون مروحة المشاركين فيه أكثر إتساعاً وتنوّعاً.
لقد تجلّت في جلسة أمس في بكركي مع الصحافيّين والإعلاميّين في إطار الاحتفالات المواكبة لـ «اليوم العالمي التاسع والخمسين لوسائل الإعلام»، روح المسؤولية والتفهّم، وإرادة الحوار، ووجوب الإصغاء للآخر. كما كان إجماع على أنّ إنقاذ لبنان هو أولوية، وأنّ ما عدا ذلك هو كمَن يَلحس المبرد، أو يُهَرول نحو الهاوية.