اخبار لبنان
موقع كل يوم -الكتائب
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
كشف مصدر دبلوماسي في بيروت في حديث خاص لـ 'نداء الوطن' عن تطورات إقليمية مهمة تحمل في طياتها تحديات وفرصاً كبيرة للبنان. وأشار إلى 'أن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال زيارته التاريخية إلى المملكة العربية السعودية عن رفع العقوبات عن سوريا بطلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يمثل نقطة مفصلية في مسار الإقليم الذي بدأت ملامحه تتضح في الآونة الأخيرة، ولا يمكن فصل هذا القرار عن انتقال المنطقة من مرحلة إدارة الأزمات إلى إعادة تشكيل أولوياتها، وهو ما يؤشر إلى تغيرات هائلة في المشهد الإقليمي'.
القرار الأميركي، الذي يأتي بالتزامن مع توافقات ضمنية بين واشنطن والرياض بشأن مستقبل سوريا، هو بحسب المصدر 'بمثابة دعوة مفتوحة للاستثمار في الاستقرار الإقليمي، بداية من ملف إعادة إعمار سوريا، مروراً بتعزيز البنى التحتية في الدول المجاورة، وصولاً إلى صياغة توازنات جديدة في النفوذ الإقليمي والشراكات. من هنا، يُعتبر لبنان، بحكم موقعه الجغرافي والتاريخي، معنياً بشكل مباشر بهذه التحولات. لكن الخوف الكبير يكمن في أن يتكرر السيناريو القديم، حيث تتحرك المنطقة نحو الأمام بينما يبقى لبنان في انتظار التغيرات'.
ويشير المصدر إلى 'أن الرهان على عامل الوقت أو على انفراجات خارجية لم يعد مجدياً، إذ لا يمكن للبنان أن يظل في حالة من التلكؤ في لحظة إقليمية تتسم بسرعة الأحداث والتطورات والخيارات الحاسمة. فالمنطقة تتحرك بسرعة كبيرة، حيث تتخذ القرارات على أعلى المستويات، بينما هناك دول تشرع في إعادة تموضعها لتكون شريكة فاعلة في عملية إعادة الإعمار. وفي المقابل، يستمر لبنان في الانشغال بإدارة ملفات كان يجب أن يتم حسمها بشكل بديهي بعد نتائج الحرب الأخيرة. هذه الملفات كان من المفترض أن تكون قد تمت معالجتها، ولكنها تؤخر لبنان عن أن يكون حاضراً في صوغ مستقبله السياسي والاقتصادي، ومواكبة التحولات التي تطرأ على محيطه'.
الخطورة التي يواجهها لبنان اليوم بحسب المصدر 'هي أن استمرار هذا الأداء البطيء قد يحرمه من فرصة المشاركة في مرحلة إعادة الإعمار والاستثمار الإقليمي في سوريا. بخاصة إذا استمر لبنان في معاناته من صعوبة اتخاذ القرارات الأساسية التي تثبّت مرجعية الدولة ومؤسساتها، ولا سيما في القضايا المصيرية مثل تحصين السلم الأهلي، وحصر السلاح، وتعزيز القرار السيادي، وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لاستعادة الثقة في الداخل والخارج. كما أن تأجيل الحسم في هذه القضايا الحيوية سيزيد من تعميق الأزمة السياسية والاقتصادية'.
لكن، في هذه اللحظة الحساسة، يرى المصدر أن 'الفرصة الكبرى تكمن في تجاوب الفرقاء اللبنانيين مع إرادة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي يسعى لنقل لبنان من ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية إلى واحة من الأمن والاستقرار جاذبة للاستثمار. فالرئيس عون يؤكد بشكل مستمر على ضرورة توحيد الجهود الوطنية وإيجاد حلول لمشاكل لبنان الداخلية، بما يضمن استقراره السياسي والاقتصادي. ومن خلال دعم هذه الرؤية، يمكن للبنان أن يحقق تحولاً جوهرياً يخرجه من دائرة التأثيرات الخارجية السلبية، ليصبح لاعباً أساسياً في صوغ مستقبل المنطقة'.
وفي الوقت نفسه، يعتبر المصدر أن 'حزب الله' يتحمّل مسؤولية كبيرة في الانتقال إلى مرحلة جديدة يكون فيها منطق الدولة هو الأولوية، بعيداً عن الحسابات الأيديولوجية التي تتناقض مع مبدأ التنوع والشراكة الذي قام عليه لبنان. لبنان لا يمكن أن يظل ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية أو محط صراع لأجندات خارجية. إن المسؤولية تقتضي من 'حزب الله' أن يتجاوب مع ضرورة استقرار البلاد وتنفيذ التفاهمات الوطنية، التي تعزز من السيادة اللبنانية وتهدف إلى تعزيز وحدة الوطن واستقرار مؤسساته'.
وبحسب المصدر، 'فإن ما يحتاجه لبنان اليوم ليس التفاوض على الشعارات أو القضايا الثانوية، بل اتخاذ قرارات كبرى بشكل عاجل وفعّال لضمان الحفاظ على موقع لبنان ودوره في هذا التحول الإقليمي. ومن غير الممكن أن تظل الحكومة ومجلس النواب، وكل المعنيين بالشأن اللبناني، في حالة تردد، لأن لحظة الحسم قد تكون أقصر مما يعتقدون. يجب أن تكون هناك خطط جاهزة ومبادرة حقيقية وقدرة على مواكبة التحولات، لأن الوضع في سوريا، التي خرجت لتوها من مرحلة انتقالية، يسير نحو استقبال الاستثمارات، بينما لبنان يتخبط في أولويات متأخرة'.
وفي الختام، يحذر المصدر من 'أن التاريخ لا يرحم، وأن لبنان لم يعد يحتمل تضييع فرصة جديدة. إن لم يتم حسم الخيارات اليوم، فإن لبنان قد يُستثنى غداً من خارطة التحولات الإقليمية الكبرى. وهذه المرة، قد لا يكون هناك من يعيد فتح الباب أمام لبنان من جديد، وقد قالها ترامب مرتين في الرياض والدوحة 'لبنان أمام فرصة نادرة لا تتكرر'.