اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٠ أيلول ٢٠٢٥
خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
ليس مضموناً أو مؤكداً أن يكون كلام أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم أمس عن رغبة الحزب بفتح صفحة جديدة مع المملكة العربية السعودية هو تتمة للكلام الذي دار بين أمين عام مجلس الأمن القومي علي لاريجاني والمسؤولين السعوديين خلال زيارته للرياض؛ وليس مضموناً أو مؤكداً أيضاً أن تكون تحية الشيخ قاسم للقوى الداخلية ودعوته للانفتاح فيما بينهم، هو تتمة للمصافحة التي جرت بين وزير الخارجية اللبناني الممانع ضد الممانعة وبين وزير خارجية إيران في الدوحة. يجب انتظار بعض الوقت لفهم أمر غاية في الأهمية وهو ما إذا كان كلام قاسم يعبر عن مبادرة لها أساس مشترك إيراني سعودي أملته المستجدات الاستراتيجية الإقليمية بعد اعتداء إسرائيل على قطر أم أنه مناورة سياسية محلية أراد منها حزب الله جعل الداخل اللبناني بما حمل ينتقل من مناخ الخلاف على سلاحه إلى اللقاء على مبدأ أنه بعد قمة الدوحة ليس كما قبلها وان ما كان يرفضه العرب وبمقدمهم السعودية (وبضمنه سلاح المقاومة) قبل اعتداء الدوحة أصبحوا يقبلونه بعد اعتداء الدوحة.
إذا جاز الافتراض أن كلام الشيخ نعيم هو مبادرة أملتها تقاطعات اللقاء بين القوى الإقليمية التي كانت متضادة بالأمس، وأملاها تقاطع خط الاعتدال العربي مع خط الممانعة الإيراني على استراتيجية أو مناورة التوحد بوجه تغول نتنياهو؛ فهذا يعني أن هناك هدنة وفترة مساكنة ستدوم بين سلاح الحزب وبين الغضب العربي من نتنياهو وحليفه ترامب. أما إذا كان كلام الشيخ قاسم ليس له تغطية إيرانية سعودية فهذا يعني أن الأمر سينتهي عند حد أنه طرق الباب السعودي وحلفائها اللبنانيين ولم يسمع منهم جواباً يرضيه.
وكان سبق للحزب أن تحاور مع السعودية؛ وحدث ذلك ليس على أساس سحب سلاحه بل تعريب سلاحه؛ لكن لا الظروف الإقليمية حينها ولا ظروف الحزب قادت لنجاح هذا الحوار. ربما هذه المرة يكون لدى الحزب أسبابه للتحدث إلى السعودية بمثلما كان للرياض في المرة السابقة أسبابها للتحدث مع الحزب؛ ولكن التجربة تقول أن أي حوار ينجح إذا كان لدى الطرفين أسبابهما الملحة للحوار مع بعضهما البعض.
على كل حال العرب والمسلمون موجودون داخل لحظة تحتم عليهم استعمال كل ما يملكون من وسائل للدفاع عن سيادتهم بوجه إسرائيل؛ والبعض يقول بوجه ما يريده نتنياهو في إسرائيل من جهة، وبوجه دعم إدارة ترامب لما يريده نتنياهو في المنطقة من جهة ثانية.
ويمكن تخيل من باب الافتراض أن السعودية تبحث عن حشد القوى بوجه نتنياهو وذلك من إسلام آباد في باكستان حتى حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية؛ ويمكن بنفس الوقت تخيل من باب الافتراض أيضاً أن الرياض التي تتحالف مع قنبلة باكستان النووية الإسلامية ليست بحاجة لإبرام مهادنة مع ترسانة حزب الله الصاروخية في لبنان؟!..
قصارى القول أن كلام الشيخ قاسم عن السعودية هو تعبير عن مدى عمق رد الفعل العربي والإسلامي الذي تركه اعتداء إسرائيل على الدوحة، ويمكن – ودائماً إذا جاز الافتراض – اعتباره كلاماً يحمل تهديداً أو تهويلاً عربياً مضمراً على أميركا قبل إسرائيل، مفاده أن سلوك نتنياهو فيما لو استمر سيؤدي إلى توحد الأضداد في المنطقة ضد تل أبيب وواشنطن، وليس فقط الحلفاء!!.