اخبار لبنان
موقع كل يوم -صيدا اون لاين
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
مع اقتراب استئناف المحادثات النووية بين إيران والترويكا الأوروبية، تواصل طهران رفع سقف التصعيد، ملوّحة بتخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 60%، والانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، في ما يبدو أنه رسالة تفاوضية من موقع تحدٍّ لا مساومة.
في المقابل، يلوح شبح إعادة تفعيل آلية 'سناب باك'، ما قد يعيد إيران إلى دائرة العقوبات الدولية الكاملة، ويُنذر بتداعيات خطيرة على المستويين الإقليمي والدولي.
رغم إعلان طهران عن 'اتفاق مبدئي' لاستئناف المحادثات مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لم يمنع ذلك وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من مهاجمة الأوروبيين، قائلاً إنهم 'لا يملكون أي أساس قانوني أو أخلاقي لتفعيل سناب باك'، ملوّحاً في الوقت نفسه بإجراءات تصعيدية تشمل زيادة التخصيب، وتطوير أجهزة طرد مركزي متقدمة، وتصديرها.
هذا التباين بين الاستعداد للحوار وتكثيف التهديدات، يعكس، بحسب مراقبين، نمطاً إيرانياً متكرراً يسعى لكسب الوقت وتحسين شروط التفاوض.
الكاتب والباحث السياسي هلال العبيدي حذر، في مداخلة عبر 'سكاي نيوز عربية'، من أنّ 'دول شرق أوروبا باتت في مرمى الصواريخ الباليستية الإيرانية'، مشيراً إلى أن البرنامج النووي يترافق مع تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية بوزن 1800 كيلوغرام، وبمدى يصل إلى 6000 كلم، وهو ما يحوّل التهديد إلى خطر وجودي على أوروبا.
العبيدي رأى أنّ الرهان على تهدئة إيرانية بات ضرباً من المقامرة، خصوصاً مع اقتراب انتهاء صلاحية بعض العقوبات الدولية في تشرين الأول، ما يمنح طهران هامش تحرك خطير إذا لم يتم تفعيل 'سناب باك'.
رغم الخلافات السابقة بين أوروبا وواشنطن بشأن إدارة الملف الإيراني، يرى العبيدي أن هناك اليوم تقاطع مصالح في مواجهة ما وصفه بـ'الطموحات النووية المتسارعة'، لا سيما في ظل تمسّك طهران بتخصيب اليورانيوم، ورفضها التفاوض على هذه النقطة.
ويشير إلى أن الدول الأوروبية تسعى لتفاهم 'عالي المستوى' يتجاوز العودة الشكلية إلى اتفاق 2015، ويشمل وقف التخصيب وتجميد التطوير النووي، فيما تصرّ إيران على اتفاق 'عادل ومتوازن'، وفق تعبير عراقجي.
لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني حذّرت من أن الضغوط الأوروبية قد تدفع طهران إلى قرارات تتجاوز التهديد، وهو ما أعاد التأكيد عليه العبيدي بقوله إن 'الفشل في التوصل إلى اتفاق قبل نهاية آب، يعني تفعيل سناب باك وانهيار الاتفاق النووي'.
وتشمل العقوبات المحتملة حظر توريد السلاح، تجميد الأرصدة، منع السفر، وقيود على المواد ذات الاستخدام المزدوج، ما سيكون كارثياً على الاقتصاد الإيراني.
لكن الأخطر، كما يرى العبيدي، هو الرد الإيراني المحتمل، سواء عبر إجراءات نووية جديدة، أو تصعيد عسكري، خصوصاً مع الغموض حول مخزون اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%.
العبيدي سلط الضوء على 'الدور الروسي الغامض'، قائلاً إن موسكو تستخدم الملف الإيراني كورقة تفاوض في الحرب الأوكرانية، وتحافظ على مسافة عن طهران عند اندلاع المواجهات مع إسرائيل، ما يعكس براغماتية الكرملين.
ويرى أن روسيا تفاوض الأميركيين والأوروبيين في الكواليس، ما قد يترك طهران معزولة حتى عن حلفائها، في حال واصلت التصعيد ورفضت التفاهم.
مع اقتراب انتهاء المهلة، تجد إيران نفسها أمام خيارين: التفاهم مع الترويكا الأوروبية ووقف التخصيب مقابل تجميد العقوبات أو التصعيد، ما سيقود حتماً إلى تفعيل 'سناب باك' والدخول في مرحلة جديدة من المواجهة والعزلة الدولية.
العبيدي حذّر من أن أي رد عسكري أو نووي قد يفتح الباب لتحالف دولي جديد تقوده الولايات المتحدة، بمشاركة أوروبية وربما إسرائيلية.
في ظل الجمود مع واشنطن، تراهن طهران على المحادثات الأوروبية لكسب الوقت، لكن المؤشرات توحي بأن هذا الرهان يزداد كلفة، وأن شهر آب قد يكون الموعد الحاسم بين الدبلوماسية والانفجار